عرفت كل المجتمعات الإنسانية ( القبيلة) كشكل من أشكال الاجتماع البشري الذي ينشأ من تجمع عدد من الأسر التي ترتبط فيما بينها بصلات قرابة وتعيش في مكان واحد. و( القبيلة ) ظاهرة تاريخية ، سياسية، ثقافية واجتماعية عرفتها بلاد اليمن عبر مراحل تاريخها الطويل ومنذ بداياتها الأولى... وكما هو معروف فان (القبيلة) في اليمن تتكون من مجموعة من الأفراد والأقسام يرتبطون فيما بينهم بصلة نسب وقرابة عائلية وتجمعهم روابط تاريخية ، ثقافية ، ودينية واحدة ، ويسكنون ارضاً محددة ( أي تجمعهم وحدة سياسية) ويستغلون ثرواتها ومواردها الطبيعية بصورة مشتركة ( أي تجمعهم وحدة اقتصادية ) ... وقد أدت كل هذه العناصر دوراً كبيراً في المحافظة على الوحدة القرابية والسياسية للقبيلة. وفي اليمن القديم - قبل الإسلام - كانت القبيلة - ايضاً - تمثل وحدة اجتماعية ( قرابية) وسياسية ( مكانية) واقتصادية ودينية واحدة وكانت القبيلة تمثل الوحدة الأساسية للتكوين الاجتماعي في اليمن القديم بدءاً من الأسرة والعائلة الممتدة في قرية محددة وانتهاء بالقبيلة الكبيرة أو الاتحاد القبلي في عدة مناطق. كان مشايخ القبائل والعشائر يمثلون أعلى المراتب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فهم يمثلون السلطة السياسية الرسمية في القبيلة التي تقوم بتسيير أمورها عن طريق مجلس قبلي يتشكل من مشايخ القبيلة وأعيانها ووجهائها. ويشير المؤرخون إلى أن الدول اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع الجماعة القبلية حيث أدت الجماعات القبلية في اليمن القديم دوراً مهماً في تكوين الدولة أو سقوطها مثل ( معين -سبأ - حمير ) لان تلك الدول تكونت اساساً من الاتحاد القبلي الذي يضم عدداً من القبائل والعشائر التي يرأس كل منها عدد من ( الأذواء) و( الاقيال) والى جانب ( العرش) الذي يمثل سلطة الملك كان هناك ( المجلس القبلي ) الذي يمثل مختلف الجماعات القبلية ويضم (الأذواء) و( الاقيال) الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية في مناطقهم . كان (الملك) يستشير كبار رجال الدين ورؤساء القبائل ويأخذ رأيهم في أمور السلم والحرب أو المشكلات الأخرى التي تواجهها الدولة حرصاً من ( الملك) على الاستعانة بما تمثله القبائل من نفوذ وتأثير في دعم نظام الحكم والمحافظة على استقراره والثابت تاريخياً أن زعماء القبائل كان لهم دور سياسي مهم ابتداء من عهد ملوك سبأ عام 500 قبل الميلاد لكن الزعامات والوحدات القبلية كانت تلجأ إلى التمرد وإعلان العصيان على الدولة والسلطة المركزية كلما أحست بتنامي قوتها ونفوذها ، أو بزوال المنفعة والمصلحة من ارتباط القبيلة بالدولة أوفي مواجهة سعي الدولة إلى تشديد هيمنتها على القبائل والقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها وكل ذلك كان يدفع الجماعات القبلية إلى البحث عن تحالف جديد أو اتحاد قبلي أخر أو تقوم بتكوين دولة مستقلة عن طريق إخضاع وضم جماعات قبلية جديدة . وفي العهود الأخيرة للدول اليمنية القديمة خصوصاً عند نهاية عهد دولة حمير وضعفها - وهي آخر الدول اليمنية قبل الإسلام - تنامي نفوذ وقوة الزعماء القبليين بسبب ازدياد ضعف الدولة وازدياد اعتماد الملوك عليهم ما دفع زعماء الجماعات القبلية إلى تكوين ممالك وإمارات مستقلة خاصة بهم. وفي كل الأحوال فقد تأثرت الدولة القبلية بعضها ببعض حتى في القوانين والتشريعات التي تصدرها الدولة وظل اثر القبيلة بارزاً في تكوين الدولة وتوطيد أركانها والدفاع عنها.. وفي المقابل كانت الدول اليمنية القديمة تواجه متاعب ومقاومة شديدة عندما تسعى للقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها ما كان يؤدي إلى أضعاف الدولة ونشوء الاضطرابات والقلاقل.
ما لا نعرفه عن القبائل اليمنية
أخبار متعلقة