اقتصاد السوق صار اقتصاد عيال السوق, البيع والشراء صار عملية صعلكة وبلطجة, تتخللها اللصوصية والتدليس والمغالطة والغش, من قبل طرفي العملية على حد سواء, وذلك كله بسبب انفلات السوق وانعدام تنظيمها, وغياب صحة البيئة والبلدية, وانعدام الرقابة على الأسواق, وغياب الأجهزة المعنية بضبط الأسعار, لهذا كل جوانب النشاط التجاري يسير بالمزاج وعلى عواهنه.احتلال أصحاب المفارش للشوارع, جاء نتيجة انتشار البطالة, وتعسف ملاك المحلات في تحديد إيجارات المحلات التجارية, والمعارك الابتزازية التي نشاهدها كل يوم في الشوارع بين أصحاب المفارش ومن يسمون مجازاً بعمال البلدية, لا يرضي أحداً, وهذا ليس دور البلدية إطلاقاً, فدور البلدية إيجاد أسواق شعبية وتحديد مساحات في الأركان والزوايا بعيداً عن المحلات التجارية وبعيداً عن الشارع العام وممرات المشاة فيه, " كأكشاك " أو " صندقات" مطروحة للتمليك أو التأجير يمنح فيها البائع ترخيص وتحدد الشروط والالتزامات التي ترضي كل الأطراف.أما العبث السائد اليوم في الأسواق فلا بد أن نضع له حداً ونهاية, لنكسب عملية التسوق ثقافة جديدة, كما هو حاصل في " عدن مول " والمراكز التجارية الكبيرة المماثلة لتبقى الشوارع وممرات المشاة فيها للآليات والبشر فقط, لتكسب مدننا طابقاً حضارياً, وننهي عشوائية السوق وتصبح للسلع والبضائع أسعار مدونة على القطعة وعلى الكرتون, وعلى واجهات المحلات باختلاف أنواعها, فلسنا بحاجة لنضيع أوقاتنا يوماً بالمبايعات والمناقصات والمزايدات, فالزمن له ثمن في حياة كل إنسان.زمان كانت مهنة التجارة أرقى المهن, ورأس مال التاجر سمعته ونزاهته وأمانته وقناعته بالربح المعقول, وكان نصير المستهلك في اختيار السلعة مضمونة الجودة بالتجربة وليس بالدعاية والترويج والضجيج, فقد انحسرت أخلاق هذه المهنة وغيرها من المهن كما انحسرت كثير من القيم والأخلاق الإنسانية العامة بوجه عام؛ وهنا تكمن المهمة الرئيسية أمام قيادة الاقتصاد في البلاد, بجعل النشاط الاقتصادي حراً ولكن بمسؤولية أخلاقية واجتماعية وبضوابط عقابية لكل أنواع الشذوذ والانحرافات الملازمة لأوضاع السوق اليوم وغداً.
|
آراء حرة
تنظيم الأسواق
أخبار متعلقة