بغداد/14 أكتوبر/وليد إبراهيم: زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بغداد أمس الثلاثاء بحثا عن فرص إبرام صفقات تجارية وتعزيز العلاقات بعد المعارضة الفرنسية للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق. وفي أول زيارة يقوم بها رئيس دولة فرنسي منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق والتي دفعت البلاد نحو سنوات من المذابح الطائفية والتمرد اجتمع ساركوزي مع الرئيس العراقي جلال الطالباني وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء نوري المالكي. وتراجع العنف بشدة في العراق في العام المنصرم وتستعد القوات الأمريكية للانسحاب من المدن والانسحاب بالكامل من البلاد بحلول عام 2011. وفي الأسبوعين الأخيرين أجرى العراق أول انتخابات سادها الهدوء منذ الإطاحة بالرئيس صدام حسين. ويعتقد مسئولون عراقيون أن الوقت حان للاستثمار وخاصة في حقول النفط التي تضم ثالث أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم. وشركة النفط الفرنسية توتال من بين الشركات المؤهلة لتقديم عروض لتطوير أبار النفط العراقية في المدى الطويل. وقال ساركوزي أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع الطالباني حيث تحدث من خلال مترجم عربي أن الوضع ليس مثاليا لكن قبل بضعة أشهر من كان يتصور أن يقوم هو بزيارة للعراق ولزعمائه. وأضاف ساركوزي في مؤتمر صحفي في وقت لاحق مع المالكي «إننا نقول للشركات الفرنسية أن الوقت حان للعودة إلى العراق» قائلا أن مسئولين فرنسيين سيقومون بزيارة العراق في الصيف مع وفد من رجال الأعمال. وقال المالكي إن الشركات الفرنسية لن تواجه مصاعب بسبب رفض فرنسا الانضمام إلى الغزو للإطاحة بصدام. وأضاف أنهم لن يبدأوا من الصفر لان الشركات الفرنسية لها تاريخ طويل في العراق. ووصف المالكي زيارة ساركوزي إلى العراق بأنها تاريخية وقال «نحن مرتاحون جدا لهذه الزيارة ونعتقد أنها جاءت بالوقت المناسب... كان لقاء مليئا بالايجابية والتفاهم وبالرغبة المشتركة بين البلدين لتطوير العلاقات الايجابية.» وقال المالكي « العراق الذي ينهض من اجل الأعمار والبناء والخدمات والتطوير يحتاج إلى جهد الأصدقاء والى الشركات ذات الخبرة والكفاءة العالية ويحتاج إلى خبرة الدول الصديقة من اجل توفير أفضل الفرص وبزمن قياسي.» وأضاف أن مجالات التعاون التي ناقشها مع الرئيس الفرنسي خلال لقاءهما « كانت كبيرة وواسعة ولم تنحصر في زاوية معينة .. وإنما هي مفتوحة على كل الأبواب التي من الممكن أن تشترك بها فرنسا بشركاتها وخبرتها.» وكانت فرنسا ضمن التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الذي حارب العراق بعد أن غزا صدام الكويت في عام 1991 لكنها فضلت اتخاذ خطوات لتخفيف العقوبات ضد العراق في التسعينات. وعندما قادت الولايات المتحدة مرة أخرى غزوا ضد العراق في عام 2003 تزعم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك المعارضة الدولية للغزو. وقتل عشرات آلاف من العراقيين وأكثر من أربعة ألاف جندي أمريكي في القتال الذي اندلع بعد الغزو بين الغالبية الشيعية والأقلية السنية التي حكمت البلاد في عهد صدام حسين. وسعى ساركوزي إلى علاقات أفضل مع واشنطن منذ انتخابه في عام 2007 وزيارته العراق سيكون لها أثر جيد لدى الرأي العام الفرنسي الآن بعد أن ترك بوش البيت الأبيض. وجاء تنصيب اوباما في يناير ليبشر بلهجة جديدة في العلاقات الدولية ويتوقع أن ترسل دول أوروبية أخرى اعترضت على الحرب مثل ألمانيا وفودا على مستوى عال إلى العراق قريبا. وتعهد الرئيس باراك اوباما أثناء حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية بإجراء انسحاب سريع وسحب الجنود الأمريكيين البالغ عددهم 140 ألف جندي مازالوا في العراق خلال 16 شهرا من توليه منصبه في يناير. لكن القادة العسكريين الأمريكيين يفضلون انسحابا أبطأ لا يعرض للخطر المكاسب الأمنية التي تحققت في لعراق في الآونة الأخيرة. وأشاد ساركوزي بالعراق لاستعادته سيادته بالاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة الذي يحدد موعدا نهائيا للانسحاب وللتصويت بحماس في الانتخابات وللعدد الكبير من الأحزاب التي شاركت في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم 31 يناير كانون الثاني. وكشف الزعيمان عن قرب فتح فرنسا لسفارة في بغداد وقنصليتين أحداهما في اربيل الشمالية والأخرى في البصرة في جنوب العراق. وقال المالكي أن فتح القنصليتين هو «من اجل أن تكون الشركات الفرنسية ورجال الأعمال قريبين جدا من المجالات التي يمكن أن تحقق فرصة للاعمار والاستثمار والخدمات.» وتراجع العنف الذي دفع العراق إلى شفا حرب أهلية شاملة بشدة وجرت انتخابات مجالس المحافظات يوم 31 يناير دون وقوع هجوم كبير في أي مكان. وقال ساركوزي «فرنسا تريد أن تتطلع نحو المستقبل ولا تريد النظر إلى الماضي... الماضي كان أليما ليس فقط بالنسبة للعراقيين.» وقال كاظم المقدادي الأستاذ بجامعة بغداد إن فرنسا لديها علاقات طيبة مع سوريا ومصر وتريد أن تستكمل أضلاع المثلث من خلال إقامة علاقات أفضل مع العراق.