جاء أغسطس 2008م ليغيب جثمان الشاعر العربي الكبير محمود درويش تحت الثرى.. الشاعر الفلسطيني الذي تألق في البدء كشاعر تميز باعتباره رمزاً للمقاومة وللوجدان الفلسطيني والعربي .. كان الفقيد درويش مسكوناً بحب فلسطين وأرتبط أسمه أبان شبابه بشعر الثورة والوطن، وهو الذي قام بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي أصدر في الجزائر عام 1988م. الشاعر محمود درويش هو ذاته الذي كتب من داخل السياج الإسرائيلي أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين صراع بين ذاكرتين، وهو الذي تحدى بقصائده النارية المعتقد الصهيوني القائل عن فلسطين “ أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.لذا كان عطاء درويش وشعره مفعماً بالثورة ومتماهياً مع القضية الفلسطينية ، وقد قال عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس : “ إنه رائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء ، وكان صوته الشعري عنواناً لإرادة شعبه في الحرية والاستقلال ويرى بعض الكتاب المتحاملين عليه أن الشاعر محمود درويش كان شاعراً وكفى .. بل وكفروه بطريقتهم العنجهية .. ويقولون عنه إنه شاعر كبير، لكنه ليس مثقفاً صاحب موقف. ومحبوه ومريدوه في فلسطين وتونس وسوريا وسائر البلدان العربية قد يقولون إن درويش لم يكن نبياً بقدر ما كان شاعراً عظيماً وينكرون الحملة المسعورة عليه من بعض المثقفين المأجورين وسيظل النقاش يحوم حول شاعرنا الكبير مادام في شعره ما يومض شرارة الاختلاف بين الأدباء على مختلف مشاربهم وبين الأدباء والسياسيين.ولدرويش مطلق الاختيار فيما صاغ من شعر ومن أدب ، وأن يقدم نفسه إلى المتلقي كشاعر أو كسياسي أو الاثنين معاً، ومن أراد منا أن يخلط بين درويش السياسي ودرويش الأديب فليخلط بمقدار ما يحققه قلمه ورؤاه، وإلا سيكون كمثل الذي يخلط بين الحابل والنابل.والحقيقة أن الشاعر محمود درويش كانت له تجربة شعرية منقطعة النظير في الشعر العربي، وأن موته خطب جلل، هز أركان القصيدة العربية الحديثة، وشعره قد استمد قوته وعنفوانه وتأثيره في الذائقة العربية بارتباطه الوثيق بالصراع مع العالم المحيط به.. وقد أرضى شعره الكثيرين وكانت منزلته في القمة وما فتئت وتكلمت عنه كل الوكالات العربية والأجنبية بالإطراء والمديح واعتبروه “ أحد أهم الشعراء المعاصرين” ويكفينا فخراً أن أعماله الإبداعية ترجمت إلى 22 لغة حية وحصد من الجوائز العالمية الشيء الكثير.
درويش .. رمز الوجدان الفلسطيني
أخبار متعلقة