الاعتكاف سنّة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي كلّ أيّام السنة وأفضلها فِي العشر الأواخر من رمضان لقول عائشة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ( كَانَ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتّى توفّاه الله عَزَّ وَجَلَّ ).إنّ حبس النَّفْس فِي مكان لاَ يحتمل الوجود فِيهِ إِلاَّ القيام بأعمال محدودة من الطّاعات وترك المنكرات وكثير من المباحات ليحصل مِنْهُ أمرين عظيمين، الأوّل محاسبة النَّفْس والوقوف عَلَى الخلل الموجود فِيهَا والنّظر الصحيح لَهَا نظرة المتفحّص (( بل الإنسان عَلَى نفسه بصيرة وَلَوْ ألقى معاذيره )) [القيامة: 14-15] وهنا تكون الخلوة الصحيحة مَعَ النَّفْس فَهُوَ عتاب معها لكن بصمت لاَ يسمعه أحد وَلاَ يعاتبه عَلَى أخطائه أحد، ولذلك يكون فِي حالة صدق مَعَ نفسه، لأنّه أدخل نفسه فِي طاعة وَلاَ يمكن لَهُ إفسادها بأن ينكر ذَلِكَ الصّوت الداخلي الَّذِي يذكره بثقل الذنوب ووحشة الصدور، ونزعتها لجانب الخير الَّتِي تفجر طاقاتها فِي هَذِهِ الكلّية العظيمة.والأمر الثاني العودة إِلَى قلبه والنّظر فِيهِ وفي تِلْكَ المضغة وصلاحها ( إنّ فِي الجسد مضغة إِذَا صلحت صلح الجسد كلّه وَإِذَا فسدت فسد الجسد كلّه ) صحيح الجامع (3193). وَهِيَ القلب الَّذِي يضخّ الدّم، ويحمل مادة الحياة الَّتِي توجب عَلَى المسلم الطّاعات وترك المنكرات فإن فِي الاعتكاف الدّواء الناجح الَّذِي تصرفه الصيدليّة الإسلاميّة ليقوى ويعود إِلَى نشاطه، وذلك يكون فِي اعتكاف رمضان [c1]قَالَ الشّاعر:[/c]دَوَاءُ الْقَلْبِ خَمْسٌ عِنْدَ قَسْوَتِهِ * فَدُمْ عَلَيْهَا تَفْزْ بِالْخَيْرِ وَالظَّفَرِخَلاَءُ بَطْنٍ وَقُرْآنٍ تَدَبّـَرَهُ * كَذَا تَضُرُّعُ بَـاكٍ سَاعَةَ السَّحَرِكَذَا قِيامُكَ جُنْحَ اللَّيْلِ أَوْسَطَهُ * وَأَنْ تُجالسَ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْخَبَرِوهذه الوصفة، يكون تمامها فِي نهار وليل رمضان فِي الاعتكاف. والله المستعان.
الاعتكاف
أخبار متعلقة