اربيل /بغداد/ وكالات: وسط دوامة العنف والقتل التي باتت لا تفرق بين صغير وكبير في العراق لم يجد عدد كبير من العراقيين الذين لم تسنح لهم الظروف بالسفر الى الخارج الا اللجوء الى الشمال الكردي الآمن نسبيا بحثا عن ملاذ امن ومستقر هاديء بعيدا عن اصوات الانفجارات وحوادث القتل اليومي التي تشهدها أغلب المدن العراقية.وامام احد مسؤولي وزارة الصحة بالاقليم الكردي في محافظة اربيل وقفت عائشة وهي طبيبة عراقية اخصائية بأمراض الاطفال قدمت من بغداد لتعطي نبذة عن طبيعة عملها السابق في احد مستشفيات بغداد لعلها تفوز بفرصة عمل في احد المستشفيات "وفي اي مكان من منطقة كردستان."وقالت عائشة وهي في العقد الخامس من عمرها انها قدمت الى اربيل التي تقع على بعد 350 كيلومترا شمالي بغداد "هربا من الاوضاع الصعبة التي تعيشها بغداد وبعد ان عجزت عن السفر للخارج او تأمين فرصة للهجرة."وقال زريان عثمان وزير الصحة في الادارة الكردية بأن نحو الف طبيب عراقي عربي نزحوا الى كردستان في الفترة الماضية. وأضاف عثمان "نستقبل في الوزارة بين عشرة وعشرين طبيبا عراقيا يوميا يأتون من مناطق مختلفة من بغداد والبصرة والموصل هربا من الاوضاع الامنية المتدهورة."ومضى يقول" أشعر بالأسى على حال هؤلاء الاطباء."وأشار الوزير الكردي الى أن الادارة الكردية تقدم مساعدات مختلفة للاطباء النازحين "وأن حجم المساعدة يختلف تبعا لتخصص الطبيب وخبرته .. حيث يحصل أصحاب التخصصات النادرة على مسكن وراتب وفرصة عمل بينما يحصل من هم بدرجة خبرة أقل على وظيفة فقط وأحيانا على مسكن متواضع أيضا."وأدت أعمال العنف المسلح وعمليات التهجير القسري التي تمارسها مجموعات مسلحة والتي ازدادت وتيرتها بحدة بعد احداث تفجير قبة مزار شيعي في سامراء في فبراير الماضي الى زيادة عدد الاسر المهجرة.وقالت بعثة الامم المتحدة في العراق في اخر تقرير لها ان عدد القتلى في العراق بلغ "خلال شهري مايو ويونيو 5818 مدنيا على الاقل .. بينما يقدر عدد النازحين داخليا في العراق بحوالي مليون وثلاثمئة الف شخص اي مايقارب خمسة بالمئة من اجمالي السكان."وقال نوزاد هادي محافظ اربيل ان هناك "ما يزيد على 2500 عائلة نزحت من مناطق الوسط والجنوب الى محافظة اربيل لوحدها."وأضاف هادي "نزوح هذا العدد من العوائل سبب أزمة في المساكن في المدينة مما اضطرنا الى تحويل أعداد منهم الى الاقضية والنواحي والقرى التابعة لأربيل." ولم يخف هادي قلق السلطات الكردية من مسألة ازدياد اعداد المهاجرين الى المحافظات الشمالية وقال ان الحكومة الكردية قد تلجأ "وبالتنسيق مع حكومة بغداد الى وضع ضوابط لانتقال العوائل الى كردستان في حالة ازدياد ظاهرة النزوح من وسط وجنوب البلاد الى الشمال."وفي ناحية عنكاوا التي تقع شرقي اربيل قال فهمي متى سولاقا مدير الناحية ان "ما يقارب من الف عائلة نزحت الى هذه المنطقة فقط قادمة من اماكن متفرقة من بغداد والبصرة والموصل. واضاف سولاقا "نزوح هذا العدد أجبرنا على افتتاح مدارس جديدة لاستيعاب أبناء تلك العوائل ومن الضروري ان نفتتح مراكز صحية ايضا لتقوم بتقديم الخدمات." وادت الهجرة الى المناطق الشمالية الى زيادة معدلات بدلات الإيجار بشكل كبير مقارنة مع الدخل الشهري للعوائل التي اعتادت السكن في تلك المناطق.وقال سامي صليوا وهو مسيحي من سكان منطقة الدورة في بغداد انه ترك مسكنه وجاء الى عنكاوا في اربيل برفقة عائلته بعد ان تلقى "رسائل تهديد بالقتل" ليسكن في منزل من غرفة واحدة.واضاف سامي والذي كان يعمل موظفا بدائرة كهرباء الرصافة في بغداد "لم اعرف لماذا هددوني وأنا الموظف البسيط .. لست مهتما بالسياسة اطلاقا."وقالت زوجته داليا انها تشعر بالامان هنا "صحيح أننا تركنا منزلنا الكبير ببغداد ولم نحصل سوى على غرفة واحدة في مسكن بأربيل الا أننا نشعر بالارتياح بشكل كبير نخرج متى نشاء نهارا ومساء وبلا خوف وهذا هو المهم."وتقوم بعض المنظمات غير الحكومية بتقديم مساعدات لبعض العوائل النازحة الى الشمال لمساعدتها في التغلب على المشاكل التي تواجهها في التأقلم في الاماكن التي يهاجرون اليها.وقال شمائيل داود من منظمة مساعدة الآشوريين المحلية ان منظمته تقدم "منذ أشهر مساعدات لما يزيد على 1800 عائلة مسيحية نزحت الى دهوك وضواحيها."وقالت ادارة محافظة دهوك وهي احدى محافظات الاقليم الكردي وتقع على مسافة 480 كيلومترا شمالي بغداد بأن هناك 260 عائلة غير مسيحية نزحت الى المحافظة واستقرت فيها.وقالت نور وهي احدى النازحات من بغداد انها هربت وعائلة شقيقها الاصغر عمر من بغداد بعدما قتل المسلحون أحد اقاربهم وزوجته مؤخرا.واضافت "منذ وصولنا الى كردستان منذ اسابيع ونحن نتلقى بشكل مستمر اتصالات هاتفية من أقرباء واصدقاء لنا في بغداد يريدون التأكد من استقرارنا لنقدم المساعدة لهم في القدوم الى كردستان."
العراقيون يلجأون إلى الشمال هربا من العنف في الوسط والجنوب
أخبار متعلقة