خروج القوات الأمريكية من العراق خلال ثلاث سنوات
بغداد/14 أكتوبر/بيتر جراف: وقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الأمريكي في بغداد رايان كروكر أمس الاثنين اتفاقا أمنيا طال انتظاره لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد خلال ثلاث سنوات. ووضع التوقيع نهاية رسمية لأشهر من المفاوضات بشأن المعاهدة التي تحدد مستقبل الوجود الأمريكي ووافق عليها مجلس الوزراء العراقي أمس الأول الأحد. وأقر مجلس الوزراء العراقي أمس الأول اتفاقا يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء في البلاد حتى عام 2011 محددا موعدا نهائيا لإنهاء التواجد العسكري الأمريكي الذي بدأ بغزو قادته الولايات المتحدة للعراق أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وما زال الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بعد نحو عام من المفاوضات مع واشنطن بحاجة إلى موافقة البرلمان إلا أن وزير الخارجية العراقي قال إنه يتوقع أن يحدث ذلك قبل نهاية الشهر الحالي. وقال زيباري للصحفيين بعد مراسم التوقيع مع كروكر وتبادل الوثائق إن اليوم هو بالقطع يوم تاريخي في العلاقات العراقية الأمريكية لأنه شهد توقيع الاتفاق الأمني بعد أشهر من المحادثات والمفاوضات الشاقة. وبخلاف الاتفاق الأمني وقع زيباري وكروكر اتفاق إطار استراتيجيا طويل الأمد قال السفير الأمريكي انه سيحدد العلاقات بين البلدين لسنوات قادمة “اقتصاديا وثقافيا وعلميا وتكنولوجيا وصحيا وتجاريا من بين مجالات أخرى كثيرة.” وأضاف كروكر “هذا سيذكرنا جميعا.. بينما تواصل القوات الأمريكية الانسحاب من العراق اعترافا بالمكاسب الأمنية الكبيرة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية.. بأن علاقتنا ستتطور بطرق عديدة هامة.”، لكن تركيز العراقيين الأساسي هو أن الاتفاق حدد تاريخا نهائيا لسحب القوات الأمريكية من حرب اعتبرت واحدة من القضايا السياسية الهامة في الولايات المتحدة والشرق الأوسط والعالم خلال الجانب الأكبر من العقد الماضي، وللولايات المتحدة في العراق الآن 150 ألف جندي. وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية للصحفيين أمس الأول إن الانسحاب سيكتمل بحلول 31 ديسمبر عام 2011 مشيرا إلى أن هذا الموعد ليس محكوما بالأوضاع على الأرض ولكنه محدد ونهائي. ويعتبر زعماء عراقيون وضع موعد محدد للانسحاب انتصارا تفاوضيا. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تعارض منذ فترة طويلة تحديد أي موعد زمني لسحب قواتها من العراق ولكنها أبدت مرونة في الشهور الأخيرة. وقال كروكر “كانت مفاوضات معقدة وصعبة وأعتقد أن كل العراقيين فخورون بالانجاز الملموس الذي حققه فريقهم التفاوضي.” وذكر الدباغ أن 27 عضوا في مجلس الوزراء الذي حضر منه 28 عضوا صوتوا لصالح الموافقة على مسودة الاتفاق. ولم يحضر اجتماع التصويت تسعة أعضاء في المجلس. وقال الدباغ أن غالبية الفصائل الرئيسية في البرلمان أشارت أيضا إلى دعمها للمسودة. وأفاد خالد العطية نائب رئيس البرلمان العراقي بأن قراءة أولى ستجرى في البرلمان أمس الإثنين. وقال زيباري أن الكلمة الأخيرة ستكون للبرلمان لكنه أكد على أن المناخ السياسي بناء. وتضع مسودة الاتفاق القوة الأمريكية في العراق تحت سلطة الحكومة العراقية لأول مرة ليحل ذلك محل تفويض تبناه مجلس الأمن بعد الغزو الأمريكي. وتدعو المسودة القوات الأمريكية إلى الانسحاب من شوارع بلدات وقرى العراق بحلول منتصف العام المقبل والانسحاب من العراق كله بنهاية عام 2011 . وقال الدباغ إن القوات الأمريكية ستسلم قواعدها للعراق خلال عام 2009 وستفقد سلطاتها بمداهمة منازل عراقية دون أمر من قاض عراقي وتصريح من الحكومة. كما يعطي الاتفاق المحاكم العراقية سلطة محاكمة جنود أمريكيين في حالة ارتكابهم جرائم خطيرة خارج ساعات الخدمة لكن في إطار شروط مشددة للغاية. وتبدو إجازة الاتفاق في البرلمان مرجحة رغم أنها ليست مؤكدة. ويعارض أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الاتفاق كما تقول جبهة التوافق اكبر كتلة سنية أنها تريد طرحه للاستفتاء. ورحب البيت الأبيض أمس الأول الأحد بقرار مجلس الوزراء العراقي. وتقول إدارة بوش أن الاتفاق الأمني لا يحتاج إلى موافقة الكونجرس. ويرى بعض الساسة العراقيين انه سيكون من الأسهل قبول الاتفاق بعد انتخاب باراك أوباما الذي يفضل سحب القوات الأمريكية من العراق رئيسا للولايات المتحدة ليحل محل بوش الذي تنتهي فترة رئاسته في يناير كانون الثاني من العام المقبل. وتدعو خطة اوباما إلى سحب كل القوات القتالية بحلول منتصف عام 2010. وازدادت ثقة الحكومة العراقية في قدراتها على الحفاظ على الأمن مع تراجع أعمال العنف بشكل كبير في البلاد خلال العام المنصرم. وتسيطر القوات العراقية الآن أمنيا على كل محافظات العراق باستثناء خمس محافظات كما كان لها الدور القيادي في حملة قمع للميليشيات الشيعية في وقت سابق من العام الحالي. ووفقا لإحصاءات حكومية عراقية سجل شهر أكتوبر أقل عدد للقتلى خلال شهر واحد من جراء أعمال العنف منذ الغزو. إلا أن المسئولين العراقيين يعترفون بأنهم ما زالوا بحاجة إلى الدعم العسكري الأمريكي ضد المتشددين السنة في بغداد وأربع محافظات شمالية وكذلك إلى مساعدات في مجال الإمداد والتموين وقوة النيران. وعارضت إيران التي لها نفوذ وسط الشيعة العراقيين الاتفاق. لكن حسن قشقاوي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية لم يرفض الاتفاق أمس الاثنين قائلا انه على الولايات المتحدة أن تأخذ وجهات نظر المسئولين العراقيين بجدية.