البصرة/14 أكتوبر/رويترز: عاد سكان مدينة البصرة الواقعة بجنوب العراق إلى التجول مجددا بشوارعها المطلة على النهر بعد أربع سنوات من الخوف ويقولون إن مدينتهم باتت أكثر هدوءا منذ انسحبت القوات البريطانية من قصر البصرة الذي يعود إلى عهد الرئيس الراحل صدام حسين والذي كانت تتخذه قاعدة لها. ويقول مسؤولون بمدينة البصرة إن حوادث الاغتيالات السياسية والعنف الطائفي لا تزال مستمرة ولكن على نطاق أضيق منها في أي وقت منذ دخلت القوات البريطانية المدينة بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. وكانت قذائف المورتر والصواريخ ونيران الأسلحة الصغيرة تستهدف القصر يوميا مما عرض للخطر حياة البريطانيين والعراقيين على السواء في البصرة ثاني أكبر مدن العراق. وبالنسبة لكثير من سكان البصرة فإن انسحاب القوات البريطانية قبل نحو شهر قد أزال هدفا محققا. وقالت ربة المنزل خيرية سلمان التي تعيش قرب القصر "الوضع هذه الأيام أفضل. كنا نعيش في جحيم... المنطقة هادئة منذ الانسحاب." واتفق الموظف الحكومي وسام عبد السادة معها في الرأي وقال "لم نعد نسمع أصوات الانفجارات التي كانت تهز المنازل وتروع نساءنا وأطفالنا." وتتمتع البصرة الواقعة في جنوب العراق الذي تسكنه أغلبية شيعية بأهمية إستراتيجية كبيرة كمركز لصادرات النفط الحيوية للبلاد التي تمثل 90 في المائة من عائداتها وكمركز للاستيراد والتصدير في الخليج. وشهدت المدينة نصيبها من العنف في صراع طائفي وهجمات من جانب جماعات مسلحة قتل خلالها عشرات الآلاف من العراقيين منذ غزو العراق للإطاحة بصدام حسين. وفي الوقت الذي كانت فيه القوات البريطانية هدفا متكررا حيث قتل 41 جنديا هذا العام وهو أكبر عدد يقتل في عام واحد منذ عام 2003 كانت البصرة أيضا مسرحا لحرب بشأن النفوذ بين جماعات متنافسة. وكانت المعارك تندلع بشكل رئيسي بين ميليشيا جيش المهدي الموالية لرجل الدين المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي تهيمن ميليشيا بدر الجناح العسكري التابع له على الشرطة في معظم الجنوب وحزب الفضيلة الأصغر. وتتصارع الجماعات الثلاث على التفوق السياسي. فالعنف الذي أصبح جزءا من تركيبة حياة بالبصرة لم يهدأ تماما بالمدينة منذ غادر نحو 500 جندي بريطاني القصر الواقع بوسط المدينة إلى القاعدة الجوية الكبيرة بضواحيها أوائل سبتمبر أيلول. وقتل مهاجم انتحاري بسيارة ملغومة الأسبوع الماضي ثلاثة أشخاص وأصاب 20 في هجوم على مركز للشرطة. والتفجيرات الانتحارية بسيارات ملغومة هي إحدى سمات تنظيم القاعدة وهي نادرة في البصرة حيث يقع أغلب الاقتتال بين الجماعات الشيعية. ، كما قتل مسلحون مساعدا دينيا للمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني قبل ذلك بأسبوع. غير أن البعض كان يختلف في الرأي حتى قبل تلك الهجمات بشأن ما إذا كانت المدينة أكثر أمنا الآن من أي مكان آخر في الجنوب. وفي أغسطس اغتيل محافظا المثنى والديوانية بجنوب العراق وهما من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. وقال عضو مجلس محافظة البصرة مناضل المياحي إن الوضع الأمني تدهور خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. ، وأضاف "تزايدت الاغتيالات السياسية.. وعمليات السطو المسلح والخطف... لكن ذلك لا يمت بصلة للانسحاب البريطاني. كل ما تغير بعد رحيل القوات البريطانية هو أن قصف القصر قد توقف." ويصف البعض رحيل تلك القوات بأنه "أمنية تحققت". وقال الموظف الحكومي مهدي عبيد (39 عاما) "كان وجودهم مزعجا ومستفزا في أغلب الأوقات." وسيقود هذا الانسحاب إلى عملية خفض مزمعة في عدد القوات البريطانية إلى حوالي 5000. وسلمت بريطانيا بالفعل السيطرة الأمنية في ثلاث محافظات أخرى بالجنوب إلى السلطات العراقية. وقال تقرير ربع سنوي أصدرته مؤخرا وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الوضع الأمني في جنوب العراق "تحول بشكل ملحوظ إلى الأسوأ" في أغسطس مضيفا أنه يمكن ان تكون هناك زيادة في الاقتتال بين الجماعات الشيعية في أنحاء الجنوب بعدما كان متركزا في البصرة. وكان البعض يخشى أن يؤدي انسحاب القوات البريطانية إلى زيادة العنف في البصرة. ووصف التاجر فارس محمد علي الجنود البريطانيين بأنهم "فزاعات". وقال "صراحة لم أكن أريد أن تنسحب القوات البريطانية.. ليس لأني كنت أحبهم وإنما بسبب خوفي من الفصائل والجماعات المسلحة الموالية لها.. إنها في صراع متواصل يمكن أن يحرق المدينة يوما ما." لكن البصرة حتى الآن تبدو أكثر هدوءا وأمنا بالنسبة لبعض الأسر التي بدأت تخرج في الليل للتجول على ضفتي شط العرب وهو شيء كان من غير الممكن التفكير فيه قبل فترة قصيرة. وقالت بيداء رزاق بينما كانت تمشي برفقة ابنها "قبل نحو عام أو ستة أشهر كنا نخشى الخروج إلى هذا المكان. ، "اعتاد المحتلون المجيء إلى هنا" في إشارة إلى القوات البريطانية التي كانت متمركزة في البصرة منذ غزو العراق.