د. فهد محمود الصبريتنظيم الأسرة هي ممارسة تركز على وضع الأسرة ومستقبلها من حيث الإنجاب، بحيث تتمكن الأسرة من العيش بصحة وسعادة وفي إطار إمكانياتها ومسئولياتها وهي بشكل عام تعني أن يقوم الزوجان بتخطيط توقيت إنجاب الأطفال وعددهم والفترة الزمنية التي تمر بين إنجاب كل طفل وآخر وذلك بغرض تقليل احتمال تعرض الأمهات والأطفال لمخاطر الحمل والولادة في المراحل الخطرة من العمر وتقليل الوفيات بين الأطفال قبل وأثناء الولادة وحديثي الولادة حيث تزيد مع تقارب فترات الحمل.كما أن نسبة وفيات الأجنة تزداد خاصة للأمهات اللاتي تزيد أعمارهن عن (35) سنة أو تقل عن (20) سنة فقد بينت المسوح الخاصة بصحة الأسرة أن معدل المواليد لأمهات تقل أعمارهن عن (20) سنة والذين يتوفون قبل بلوغهم العام الأول هو (128) في كل ألف مولود حي، بينما هذا المعدل ينخفض إلى حوالي (80) وفاة لكل ألف مولود حي إذا كان العمر (39-20) سنة.أما وفيات الرضع في حالة أن المباعدة بين الولادات أقل من سنتين فهو ثلاثة أضعاف ونصف عن من يتوفون إذا كانت المباعدة أربع سنوات وأكثر (124 مقابل 55) للمحافظة على صحة الأطفال النفسية والجسمانية لا شك في أن صحة الأطفال الجسمانية والنفسية تتأثر تأثراً كبيراً بحجم الأسرة وقد وجد أن الأطفال الذين ينتمون إلى أسرة صغيرة الحجم والذين يحصلون على اهتمام فردي أكبر في السنوات الأولى من أعمارهم ينشؤون أكثر صحة من الناحية الجسمانية والنفسية فمن الناحية الجسمانية وجد أن الطفل في الأسرة صغيرة الحجم يلقى رعاية صحية وتغذية أفضل ويكون وزن الطفل ونموه الجسماني بصورة طبيعية كما أنه من الناحية النفسية تكون شخصية الطفل وقدرته على النجاح والعطاء وثقته في نفسه أكثر وضوحاً كما له الأثر الكبير على تحسين نوعية حياة الآباء فعندما يضطر الآباء إلى الإنفاق على أسرة كبيرة الحجم يؤدي ذلك إلى زيادة عدد ساعات العمل إلى جانب عدم توفر الغذاء الصحي المناسب وفرص الراحة والترويح ما يؤدي إلى تدهور صحة الآباء.كما أن الآباء ممن لديهم أسر كبيرة الحجم يعانون عادة من ضغوط نفسية وفكرية قد تؤدي إلى بعض الأمراض الجسمانية مثل ارتفاع ضغط الدم والإصابة بقرحة المعدة وغيرها ولذلك فإن تحسين صحة الآباء هو أحد أهداف وفوائد تنظيم الأسرة ورعاية الطفولة والأمومة، وهذا ما يتطلب مشاركتهم الفاعلة كما يعتبر تنظيم الأسرة مهماً في تحسين الحالة الغذائية للأمهات والأطفال إذ أن من النتائج الحتمية للزيادة في عدد أفراد الأسرة أن تقل الموارد الغذائية المتاحة بالنسبة للفرد ما يؤدي إلى تفاقم مشكلة سوء التغذية وكلما كبر حجم الأسرة زادت المشكلة سوءاً حيث لا يجد الطفل احتياجاته من الغذاء المتوازن والرعاية الصحية الكافية للوقاية من أمراض سوء التغذية كما أنه في الأسر كبيرة الحجم لا توجد فترة راحة كافية بين حمل وآخر ما يؤدي إلى ظهور أعراض سوء التغذية على الأمهات.وقد أثبتت نتائج الدراسات وجود علاقة وثيقة بين الغذاء الذي تتناوله الأم أثناء الحمل ووزن الطفل وموعد الولادة حيث تكثر نسبة الأطفال المولودين قبل الموعد عندما لا تأخذ الأم فرصة جيدة في التغذية المناسبة أثناء الحمل في الأسر صغيرة الحجم عادة تكون الضغوط الاقتصادية أقل عنها في الأسر الكبيرة الحجم وذلك يؤدي إلى إتاحة فرص أكبر للتوافق الأسري مما يوفر السعادة لأفراد هذه الأسرة وقد وجد أنه كلما كبر حجم الأسرة زاد احتمال سوء العلاقات بين الزوج والزوجة وبين الآباء وخاصة إذا كانت الحالة الاقتصادية متدنية كما أنه في الأسرة الصغيرة الحجم يتوفر الوقت الكافي للزوجين ليتمتع كل منهما بصحبة الآخر وبصحبة الأبناء عكس الحال في الأسرة كبيرة الحجم.إن تنظيم الأسرة يؤدي إلى منع الحمل غير المرغوب فيه وبذلك لا تلجأ الحامل إلى وسائل خطرة للتخلص من الجنين بالطرق غير المشروعة أو الضارة بواسطة أفراد غير مدربين ما قد يعرض حياتها للخطر والحمل غير المرغوب فيه يؤدي إلى تغيرات نفسية وجسمانية للحامل وقد تحدث بعض الخلافات الزوجية كما لوحظ أن الطفل الذي يأتي كنتيجة لهذا الحمل عادة ما يكون لديه مشاكل نفسية وسلوكية في حياته نتيجة الإحساس بأنه لم يكن مرغوباً فيه.كما أن تنظيم الأسرة ذو تأثير على الأطفال من خلال منع الحمل في حالة وجود أمراض وراثية معروفة للعائلة فعندما تكون هناك بعض الأمراض المتوارثة المعروفة فإن منع الحمل والإنجاب يعتبر فائدة من فوائد تنظيم الأسرة ومن أمثلة بعض الأمراض التي قد تتوارثها العائلات بعض أنواع العمى وبعض أنواع التأخر العقلي والأنيميا المنجلية وهناك فوائد اجتماعية واقتصادية. أن تنظيم الأسرة ذو تأثير على الطفولة والنشء بشكل مباشر وغير مباشر، وعلى كل المؤسسات العاملة في مجال الطفولة التعاون ودعم كل برامج الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
|
الناس
تنظيم الأسرة.. وصحة الطفل
أخبار متعلقة