نلتقي بناس ونفترق عن ناس تجمعنا واياهم الحياة.. ننسى بعضهم بينما لا تتوه الذاكرة عن غيرهم، فمنهم من يحفر في ذاكرتنا ووجداننا أثراً يصعب تجاهله.ونحن نحتفل بالذكرى الأربعين لصدور صحيفتنا الغراء «14 أكتوبر» وهي تطفئ شمعتها الأربعين .. لابد ان يحضرنا هؤلاء الناس الذين اثروا حياتنا وتعلمنا منهم الكثير في بلاط صاحبة الجلالة.في بدايات التحاقي بالعمل في احضانها ومع فريق من الزملاء والزميلات حين كان البعض قد تمكن من اجادة صناعة الحرف بينما أخذ البعض الآخر شق طريقه في هذا المجال الشاق والجميل.كانت أكتوبر أسرة واحدة تعمل بروح الفريق الواحد يجمعهم الحب والمودة لا لشيء بل لان مشقة المهنة تضمهم جميعاً.كان لكل مرحلة من مراحل هذا الصرح فرسان من صناع الحرف وخلاق الكلمة الشريفة الهادفة.. ومن هؤلاء الفرسان في حياتي كان أستاذي الحبيب احمد سالم الحنكي مدير تحريرها آنذاك وهو مدرسة تتلمذنا جميعاً وحبونا واستقام عودنا فيها.رجل حرص على إرساء تقاليد العمل الصحفي وطور الطباعة والنشر بروح عالية مشبوبة بالثقة، ومنه ونحن نتحدث اليه كنا نستمد الشجاعة والحكمة والمعرفة كتلاميذ يمدنا بكل ما اكتسب من معرفة صحفية..تعلمت منه الكثير.. الى جانب الكثير كان حرصه على خلق فرص أمام كل من يطرق باب صاحبة الجلالة من الشباب والشابات.. وفي ايام فروسيته التي اطلقنا عليها العصر الذهبي.. قرأت عناويناً كثيرة كان قد اعتمدها في مطبعتنا .. تلك العناوين منها اليمنية والعربية ومنها الاجنبية.. تعطي مدلولاً على مدى الثقافة العالية لدى الرجل خصوصاً في مجال الأدب العالمي.. هناك “العقب الحديدية” لجاك لندن، وهناك “الشيخ والبحر ومرتفعات هلمنجارو ولمن تقرع الاجراس” للكاتب الامريكي ارنست همنغواي.. وهناك “الجحيم” لدانتي و”عمال البحر واحدب نوتردام” للكاتب الفرنسي هيجو.. هناك حديقة ثرية جمعت معظم الأدباء والكتاب العالميين في أكتوبر الى جانب ذلك طبع معظم مؤلفات الأدباء والكتاب اليمنيين. جملة من الكتب قام باختيارها وطباعتها ونشرها .. ذكرت تلك العناوين فقط ربما لانني أحب الأدب العالمي.. كل ذلك لان هناك رجلاً بحجم هذه الثقافة الانسانية.كتب عنه ذات يوم استاذنا الراحل احمد مفتاح واصفاً اياه بذلك الفارس الذي ينتمي الى فئة فرسان تمتد طيبتهم من الماء الى الماء.. يقول أيضاً في مقالته عن احمد سالم الحنكي “مفهوم البطولة هي تجسيد الحق والعدالة، وتبقى صورة البطل حية سواء كتب له النصر أو الموت في زمن يذكرنا بالفرسان الطيبين الذين تمتد طيبتهم من الماء إلى الماء”.رحم الله صاحب هذه الكلمات ورحم الله من خص بها.. ورحم الله زملاءنا جميعاً ممن عاشوا معنا حياة صاخبة مليئة بالحب والفرح والحزن.. ولحظات لا نستطيع ان ننساها او تموت من الذاكرة.. وكل عام وصحيفتنا مزدهرة متقدمة وكل عام وأسرة أكتوبر بخير.
العهد الذهبي
أخبار متعلقة