[c1] حسابات تل أبيب الخبيثة المميتة[/c] استغربت صحيفة (لومانيتي) الفرنسية الجرأة التي تمارس بها إسرائيل مجزرتها في قطاع غزة والمباركة التي تحظى بها من القوى الكبرى، وفسرت ذلك بوجود خطة سياسية تتجاوز الانتخابات، ورأت أخرى أن ما تقوم به إسرائيل حمام دم لا يحقق لها أي فائدة.بدأت صحيفة (لومانيتي) افتتاحيتها بتساؤلات من باب هل توجد منطقة من العالم يقتل فيها ثلاثمائة شخص في بضع ساعات، وهل توجد دولة على الكرة الأرضية يمكن أن تتجرأ على مثل هذه المجزرة، وبدعم ضمني من القوى الكبرى في العالم؟ثم تساءلت هل يصدق أحد لحظة واحدة أن بعض الصواريخ التي تطلقها المنظمات الفلسطينية يمكن أن تهدد دولة مثل إسرائيل لديها جيش يعد أحد أقوى خمسة جيوش في العالم؟واستنتجت الصحيفة أن إطلاق العنان للعنف الإسرائيلي بهذا الشكل سببه أن الانتصار في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية القريبة لا يتحدد إلا بدرجة العدوانية التي يظهرها المرشح.وإذا كان زعيم الليكود بنيامين نتنياهو يدفع إلى إشعال النار فالذي يراد من وزيرة الخارجية تسيبي ليفني التي تحلم برئاسة الوزراء، ومن إيهود باراك هو أن يسخنا محركات طائرات إف16 ويبدآ باختبار آلة القتل التي بيديهما.وأبدت الصحيفة عطفها وحزنها على الشعب الإسرائيلي الذي قالت إنه يصفق لليفني ويرفع نسبتها في استطلاعات الرأي.غير أن الصحيفة رأت أن الانتخابات كصواريخ المقاومة لا يمكن أن تفسر كل شيء، بل إن هناك خطة سياسية ما تحملها الصواريخ التي تنهمر على غزة.وقالت الصحيفة إن الهدف الأول في هذه الخطة هو إبعاد موضوع إنشاء دولة فلسطينية حقيقية إلى الأبد، بتعميق الهوة جغرافيا وسياسيا بين قطاع غزة والضفة الغربية، أي بين حماس وفتح.وقالت لومانيتي إن إسرائيل لا تريد السلام، مستنتجة أنه ليس بالقنابل يتم القضاء على المقاومة، خاصة مقاومة شعب محتل منذ أكثر من أربعين عاما.ومع ذلك تقول الصحيفة إن القادة الإسرائيليين يظلون مدعومين من قبل الإدارة الأميركية ومن قبل الأوروبيين وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لسبب بسيط هو أن إسرائيل استطاعت أن تثبت ضرورتها في الإستراتيجية الغربية في الشرق الأوسط.وقالت الصحيفة إن المظاهرات التي تقوم في الضفة الغربية غضبا لما يصيب غزة وغضبا على المحتل ستؤثر في شعبية رئيس السلطة الفلسطينية «الأبدي» محمود عباس الذي تبعث تصريحاته على القلق، وشيئا فسيئا تموت القضية وتنتهي التنظيمات.وبذلك يتحول قادة فلسطين إلى قادة قبائل تضعها إسرائيل في جيوب مغلقة وتتفاوض معها بسهولة، مستعينة بما سمته الصحيفة «عرب إسرائيل» كما تريدهم ليفني، وذلك بدعم من واشنطن وباريس وبروكسل.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ[c1]لماذا قصف عسقلان هو السخرية الأكثر حزنا ؟![/c] تساءل روبرت فيسك في مقاله بصحيفة (إندبندنت) البريطانية عن السبب في أن قصف عسقلان هو السخرية الأشد حزنا.وتحدث فيسك عن مدى سهولة اختزال تاريخ الفلسطينيين ومحو قصة مأساتهم وتجنب السخرية البشعة عن غزة التي سيكتب عنها الصحفيون في أولى تقاريرهم: أن الملاك القانونيين والأصليين للأرض الإسرائيلية التي تنفجر فيها صواريخ حماس يعيشون في غزة.ولهذا السبب غزة موجودة: لأن الفلسطينيين الذين يعيشون في عسقلان والحقول المحيطة بها طردوا من أراضيهم عام 1948 عندما قامت إسرائيل، وانتهى بهم المطاف على شواطئ غزة. فهم -أو أبناؤهم وأحفادهم وأبناء أحفادهم- من بين 1.5 مليون لاجئ فلسطيني محشور في مجرور غزة، حيث عاش 80% من عوائلهم قديما فيما يسمى إسرائيل اليوم. وهذه هي القصة الحقيقية تاريخيا: فمعظم شعب غزة لا ينحدرون من غزة.وقال الكاتب إن متابعة البرامج الإخبارية تجعلك تظن أن التاريخ بدأ أمس، بأن حفنة من المخبولين الإسلاميين الملتحين والمعادين للسامية ظهروا فجأة في أحياء غزة الفقيرة وبدؤوا يطلقون صواريخ على إسرائيل الديمقراطية والمحبة للسلام، فقط لإشباع الثأر المبرر أخلاقيا من القوة الجوية الإسرائيلية.وحقيقة أن قتل الخمس أخوات في مخيم جباليا كان لهن أجداد أتوا من نفس الأرض التي قصفهم ملاكها الحاليون حتى الموت لم تظهر ببساطة في القصة. وأشار فيسك إلى ما قاله إسحاق رابين وشيمون بيريز في التسعينيات إنهما تمنيا زوال غزة وغرقها في البحر، والسبب واضح الآن. فوجود غزة تذكرة دائمة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين فقدوا دورهم لصالح إسرائيل، الذين فروا أو طردوا بسبب الخوف أو التطهير العرقي الإسرائيلي منذ ستين عاما، عندما اجتاحت أوروبا أعداد غفيرة من اللاجئين عقب الحرب العالمية الثانية، وعندما طُردت حفنة من العرب من أرضهم لم يعبأ العالم.ونبه إلى أن العالم ينبغي أن يقلق الآن. إذ إن هناك شعباً مطروداً محشور في أكثر منطقة ازدحاما على وجه الأرض، يعيشون وسط القمامة ومياه البواليع منذ ستة أشهر في جوع وظلام دامس ومعاقبين من قبل الغرب.وقال إن غزة كانت دائما مكانا عصياً، فقد استغرق الأمر سنتين من تهدئة أرييل شارون الدموية التي بدأت عام 1971 لتكتمل ولم تُروض غزة حتى الآن.وعلق الكاتب على أقوال بعض المدافعين عن موقف إسرائيل بأنه إذا كان عدد القتلى من الإسرائيليين في مقابل قتيلين فلسطينيين لكانت «لعبة أرقام» كما وصفها أحدهم، والعنف غير المتكافئ ذو صلة وثيقة بالموضوع. وقال إن الحقيقة البسيطة هي أن وفيات الفلسطينيين أقل أهمية بكثير من الوفيات الإسرائيلية، وأضاف أنه ليس مفاجئا فشل بريطانيا والولايات المتحدة في إدانة المذبحة الإسرائيلية بينما تلومان حماس. فالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط والسياسة الإسرائيلية لا يمكن تفريقهما، وأن غوردون براون يتبع نفس خط الوفاء الكلبي لإدارة بوش كسلفه توني بلير.وختم روبرت فيسك مقاله بأنه كالعادة، حكام العرب -المأجورين والمدعومين إلى حد كبير من قبل الغرب- صامتون ولن يخرجوا بشيء من القمة العربية التي يدعون إليها -إذا تمت- لحل الأزمة. لأن هذا هو الحال مع العالم العربي وحكامه الفاسدين. أما بالنسبة لحماس، فإنهم سينعمون بتخبط ولاة أمورهم أثناء انتظارهم المضحك لكي تمن عليهم إسرائيل بكلمة، وأضاف أنه خلال أشهر قليلة سنسمع أن إسرائيل وحماس عقدتا «مباحثات سرية» -مثلما سمعنا عن إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية الأكثر فسادا- لكن حتى ذلك الحين، سيكون الموتى قد دفنوا منذ فترة وسنواجه الأزمة القادمة بعد الأزمة السابقة.
أخبار متعلقة