تونس (رويترز) :- في زقاق ضيق تداخل صدى الموسيقى الصوفية المدوي في المكان مع اصوات منبعثة من نرجيلات يغطي دخانها الكثيف المكان الذي يعج بسمار جاءوا لاستعادة سحر ليالي رمضان زمان بين اسوار المدينة العتيقة بتونس. المشهد يبدو مختلفا تماما عن باقي ايام العام.. المدينة العتيقة المعروفة باسم (البلاد العربي) في تونس بدأت تسترجع في شهر رمضان بهاءا وخصوصية افقتدتها قرابة عقد من الزمن. للوهلة الاولى يكتشف زائر المدينة العربي ان كل شئ تغير في رمضان. فكل نهج وكل مقهى يوحي بان ايقاع الحياة تغير فالمقاهي تستضيف فرقا موسيقية لسمارها وتغير ديكورها وتحضر الحلويات التونسية والشرقية. وفي مقهى مرابط بقلب المدينة العربي يصبح الفوز بمكان اشبه بالمهمة المستحيلة بعد وقت قصير من الافطار.. فرقة للموسيقى الشعبية تحتفل مع سمار اغلبهم من العائلات تدفقوا على البلاد العربي بحثا عن نكهة رمضانية طالما ميزت البلاد العربي. ويقول احمد الهاشمي الذي كان مرفوقا بزوجته وابنتيه “جئنا الى هنا لانه في هذا المكان نتذوق نكهة رمضان الحقيقية”. ويضيف الهاشمي “هذه الاجواء لا نعيشها كل يوم في البلاد العربي هي مناسباتية ونحن لا نريد ان نفوت هذه الفرصة..انها سهرة رمضانية متميزة”. على بعد خطوات قليلة تعج مقاه اخرى بالسمار.. تختلف ألوان الموسيقي لكن ما تتفق عليه هذ المقاهي هي روح البهجة والاحتفال الطاغية. ليالي رمضان لاتقتصر على عودة الحياة لمقاه عريقة بالمدينة العتيقة فباستطاعة الزائر أيضا التمتع بالعروض الثقافية المقامة بحدائق خير الدين او بئر الاحجار في اطار مهرجان المدينة الذي تكتظ اغلب عروضه بجمهور طربي. واصبح مهرجان المدينة الذي يقام كل عام منذ 25 سنة تقليدا مميزا في المدينة. وهو اشهر مهرجان في تونس خلال رمضان واستنسخ في عديد المدن الاخرى. ويقدم مهرجان المدينة هذا العام عدة عروض متميزة من بينها حفل للمغني لطفي بوشناق من تونس وسلاطين الطرب وميادة بسيليس من سوريا. وفي دار الاصرم التاريخية يلتقي المؤرخ عبد الستار عمامو مع عدد من جلاسه ليروي لهم جزءا من تاريخ المدينة العتيقة وهو موعد دأبت على اقامته بلدية تونس. ويزداد النشاط في اسواق المدينة العربي فبيع الحلويات يزدهر من جديد استعدادا لايام عيد الفطر فيما يكتظ مسجد الزيتونة الشهير الواقع بقلب المدينة العتيقة بمرتاديه من مصلين. واستعادت المدينة العتيقة سحرها في العامين الاخيرين وعادت لتستقطب فئات واسعة من التونسيين والاجانب رغم المنافسة الشرسة التي تواجهها من أماكن أخرى للسهر مثل حي النصر والمنار والبحيرة وسيدي بوسعيد والحمامات. وتقول منية وهي شابة تبدو حائرة في اي مقهى ستختار الجلوس رفقة صديقاتها “المكان ملهم ومغر.. لا نعرف ان كنا سنجلس في هذا المقهى او سنختار مقهى آخر”. وتضيف “للمدينة العربي سحر خاص في رمضان فلا حي النصر ولا سهرات الحمامات الصاخبة تسهوينا الان..هنا فقط نحس اجواء رمضان”.
المدينة العتيقة بتونس تستعيد بهاءها في ليالي رمضان
أخبار متعلقة