ترجمة معيد / طارق السقاف كان جوناثان سويفت إيرلندي الجنسية ولد في دوبلن عام 1667م، وكانت عائلته من العائلات الإنكليزية القديمة، وبعد أن أنهى دراسته الجامعية في كلية ترنتي في دوبلن بدأ العمل في إنكلترا كسكرتير لرجل الدولة والكاتب الذائع الصيت السير وليام تمبل. وسرعان ما أصبح جوناثان واحداً من أهم الكتاب والسياسيين في لندن، وكانت له آراؤه السياسية والأدبية الخاصة التي استطاع بمهارة أن يصيغها في كتاباته، كما كان حلفاؤه يسعدون بدعمه لهم وبالمقابل كان خصومه يخشونه كثيراً.عند وصول خصومه السياسيين للسلطة إثر وفاة الملكة آن عام 1714م عاد جوناثان إلى مسقط رأسه ايرلندا وأصبح عميداً لكاتدرائية القديس باتريك في دوبلن، ففي البداية كان لديه قليل من الأصدقاء، ولكن ما بين عامي 1720و 1730م كانت كتابته لاذعة ضد الحكومة لصالح ايرلندا، وقد شعر الايرلنديون - ومن ضمنهم جوناثان بالطبع - بأن الحكام الإنكليز لم يكونوا يعاملونهم بشيء من العدالة بل وصلت معاملتهم - في بعض الأحيان - إلى حد القسوة وكان من الطبيعي بمكان أن يكون هناك كاتباً لاذعاً كجوناثان لمهاجمة فساد وظلم السلطة لهم، وكان له أسلوب متميز في الكتابة جعل هجومه وهجاءه ضد السلطة مؤثراً وفعالاً مما أكسبه شعبية كبيرة وأصدقاء كثراً في دوبلن وغيرها من المناطق الأخرى في ايرلندا. وكانت في تلك الفترة التي كتب فيها جوناثان روايته العالمية رحلات جوليفر التي ظهرت في المكتبات عام 1726م.كانت روايات المغامرات البحرية إلى العديد من المناطق والجزر المجهولة تجد صدى كبيراً لدى القراء في بريطانيا خصوصاً في مطلع القرن الثامن عشر، وكان القراء في تلك الفترة يستمتعون بالوصف الدقيق للرواية مثل رواية رحلة بحرية جديدة لـ وليام دامبر في عام 1697م والتي من خلالها وصف المؤلف رحلاته البحرية إلى تلك السواحل التي تعرف اليوم باستراليا ونيوزلندا، بعدها أتى الروائي الكبير دانييل ديفو الذي كتب روايته الشهيرة روبنسن كروزو التي كتبها عام 1719م، لم يدع ديفو بأن روايته حول حياة روبنسن على الجزيرة كانت حقيقية على الرغم من أن الأسلوب وكذا الوصف في الرواية كان دقيقاً جداً فقد جعل ربنسون يتعامل في تلك الجزيرة النائية مع أشياء محسوسة ومرئية لا مجرد أفكار وشعور مما أكسب الرواية الكثير من المصداقية كما لو أنها قصة حقيقية. أدرك سويفت أهمية ذلك الأسلوب الواقعي والدقيق في الأدب الروائي، كما أنه لم يرغب في أن يصدق قراؤه عن الجزيرة لخيالية التي كتبها في روايته رحلات جوليفر بقدر ما كان يريد منهم أن يتفكروا في الفكرة التي أراد أن يقولها من خلال روايته الشيقة رحلات جوليفر.لقد فضح جوناثان في روايته رحلات جوليفر المجتمع بكل عناصره من نفاق سياسي ورياء وحب للمادة، فقد جعل القارئ - في هذه الرواية - يرى عالمه الذي يعيش فيه بكل عاداته وتقاليده ولكن بعيون جديدة، ففي هذه الرواية نجد أن بطلها ليمويل جوليفر يصف الجزر التي زارها وكذا ساكنيها بأسلوب سهل جذاب، إنه يعطينا بعض المعلومات والحقائق وكذا بعض الأشياء المحسوسة التي وجدها لا أفكاراً مجردة أو وجهات نظر. لذا نحن لا نضحك فقط على الأقزام أو العمالقة الذين وجدهم جوليفر في الجزر التي زارها ولكننا عندما نضع أنفسنا مكانهم نضحك على أنفسنا، ولقد تمنى جوناثان من خلال روايته هذه أن يغير الكثير والكثير من عاداتنا وطباعنا الغبية والسيئة.وختاماً نقول إنه طالما كان هناك أقزام وعمالقة في تلك الرواية وكذا ذلك الأسلوب الشيق والسهل في الكتابة، أصبحت تلك الرواية ذائعة الصيت خصوصاً بين الأطفال لفترة طويلة من الزمن ولكن من الخطأ أن نعتبرها فقط رواية تخاطب الطفل ووجدانه فقد أراد جوناثان من قرائه أن يتفكروا في العالم الذي يعيشون فيه وأن يغيروا ما استطاعوا تغييره حتى نعيش في عالم يسوده الحب والعدل والإخاء.
|
ثقافة
جوناثات سويفت ورواية رحلات جوليفر
أخبار متعلقة