صباح الخير
لا يخلو أي بيت يضم أطفالاً صغاراً من تلك الأوراق التي تتناثر في كل مكان وهي مليئة بالخطوط (الشخاطيط) الملونة! وقد تقول الأم: كفى من هذه الأوساخ! وقد لا يفهم الأبوان معنى الورقة الصغيرة التي تقدمها لهما طفلتهما وليس فيها سوى خط متعرج بلون محدد! لكن الطفلة تعتقد أنها تقدم لأبيها وأمها بطاقة معايدة أو هدية! فيما يرى الطفل أن ما تراه أمه (قذارة) تلوث يديه وثيابه.. هو قمر ونجوم أو شمس تضحك! فهل بعد هذا أيها الأبوين ستشجعان طفلكما أو طفلتكما على المزيد من تعبيراته الفنية؟.قولا بصوت جهوري نعم لأنه بتشجيعكما لهم ستكتشفان ما لديهم من مواهب خفية! نعم يبدأ الطفل تعبيراته الأولية بتلك التخطيطات والأشكال التي يخطها على الورق أو حيطان البيت، وهو نشاط طبيعي قد يزعج الأم في بعض الأحيان فتستاء من تلك الشخبطات التي لا معنى لها في نظرها، غير أنها لا تدرك أنها بذلك توقف أهم عملية تعليمية تتسم بالخيال والابتكار وتتحد معها شخصية الطفل.نعم نجد الطفل منذ سن مبكرة يبدأ باللعب بالأقلام والألوان والأوراق البيضاء ليسجل عليها ما يحلو له من رسوم وتخطيطات، ومن الضروري أن يتنبه الوالدان خاصة الأم الى هذه الأعمال وتشجيعها ليشعر معها الطفل بالاهتمام والعناية.فلا تحرموهم من التعبير أيها الآباء، واعلموا أن المهارات التي تنمى في عمر مبكر، سواء كانت أدبية أو رياضية أو فنية، أو غير ذلك تعد حجر أساس لبناء شخصية سوية ومتميزة للطفل، أما الشجب لهذه الأعمال فانه يحول مسار شخصيته من الابتكار العفوي الجميل إلى عادات أخرى سيئة، لهذا من الضروري، بل من اللازم اشباع هذه الهواية الفطرية التي تعبر عن مراحل نمو الطفل بكل خصائصها وتعبيراتها وانفعالاتها، بل علينا أن نوفر لأطفالنا مناخ الحرية ليطلق الطفل العنان لأفكاره ومهاراته ويعتمد كلياً على نفسه في أعماله.
وإني انصح أهالي الأطفال بتشجيع أطفالهم على التعبير الفني عبر توفير العدة من أوراق بيضاء وألوان وأقلام وعجائن الصلصال بشكل كاف حتى لا يلجأ الطفل إلى إفراغ شحنته على جدران البيت.وينبغي أن يعبر الوالدان عن استحسانهما لرسوم وإبداعات الطفل مهما كانت بسيطة وكذلك منحها قيمة إضافية مثلاً بوضعها في احد أجزاء المنزل أو وضع إطارات لها وتعليقها على أحد جدران المنزل.وعلى الوالدين أن يشجعا أطفالهما على اكتشاف ومعرفة الألوان من خلال ربطها بأدوات وأشياء تحيط بهم، كاللون الأخضر، رمزاً للشجرة أو العشب وهكذا في بقية الألوان.وهذه الأمثلة يمكن أن تبدأ بها الأم، والهدف منها لفت أنظار الأطفال إلى العالم الذي يحيط بهم من خلال الألوان، وليس الاكتفاء فقط بتشبيهات بأدوات وأشياء عادية داخل البيت.ويمكن للأم أن تكتشف الكثير من شخصية طفلها أو طفلتها أو انفعالاته من خلال تشجيعه على الرسم والتلوين، وإذا ما عجزت عن هذا الاكتشاف، فان الرسم والتلوين بحد ذاته سيساعد الصغار على إخراج طاقة الانفعال ما يريحهم ويسعدهم.وكذلك اذا أخذ بعض أطفالنا حذاءه أو كأس الماء واستخدمه كسماعة تلفون كأنه يتحدث مع أحد، فلماذا لانعيش في ما يعشونه، لماذا لانشجعهم، ماذا سيضرك أيها الأب وأيها الأم لو قمتما بالتحدث معه وكأنكما أنتما معه على الخط، ومن هنا نستطيع أن نكتشف أسلوب حديث طفلنا مع غيرنا، بل نستطيع أن نتعرف إلى ما تم تحفيظه من قبل عن طريق طرح الأسئلة عليه، نحو ما اسمك كاملاً؟ أين بيتك؟ وهكذا يستطيع الوالدان أن يعلما طفلهما ما يريدان تعليمه، ويرسخا ما مر من دروس سبق أن تعلمها عن طريق العيش مع الأطفال في ما يعيشونه.
