الخصوبة هي عملية بيولوجية وسلوكية تتحكم فيها مجموعة من العوامل التي يتعرض لها السكان مثل: محل الإقامة والعمل والمهنة ومستوى المعيشة والتعليم والعادات والتقاليد ونوع المسكن والحالة الصحية وغيرها. كما أن العوامل المحيطة بالأسرة تؤثر بشكل أو بآخر على مؤشرات الخصوبة مباشرة والمتمثلة في سن الزواج والمدة التي يقضيها الزوجان معاً واستخدام وسائل تنظيم الأسرة وفترة انقطاع الطمث بعد النفاس التي تتوقف بدورها على انتظام الأم في الرضاعة الطبيعية للطفل. وتبين المؤشرات انخفاض المعدل الحالي لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة رغم الارتفاع النسبي لطلب هذه الوسائل. إذ تبين من نتائج المسح الديمغرافي اليمني لعام 2002م أن حجم الطلب الكلي لوسائل تنظيم الأسرة يبلغ 45.8% من إجمالي النساء المتزوجات، في حين لا تتجاوز نسبة الاستخدام الحالي 23.1% من إجمالي النساء المتزوجات، وبالتالي فإن حجم الطلب غير الملبى يبلغ 22.7% للنساء المتزوجات في سن الإنجاب. وفي ظل عدم تلبية الطلب لهذه الوسائل ستبقى الخصوبة في مستوى مرتفع، تسهم بدورها في تدني مستوى معيشة الأسرة وبقاء نسبة الفقر مرتفعة أيضا، وهو ما تؤكد عليه جلياً العديد من الدراسات في هذا المجال ومنها الدراسة التي تمت في العديد من الدول ومنها اليمن. إذ تبين أن هناك علاقة ارتباط طردية بين الحاجة غير الملباة لوسائل تنظيم الأسرة ومستوى الفقر (بمعامل ارتباط قدره (0.54+)، أي انه كلما ارتفع حجم الطلب غير الملبى لوسائل تنظيم الأسرة في الدولة يقابله ارتفاع في نسبة الفقر. تشير إستراتيجية التخفيف من الفقر (2003-2005م) ونتائج المسوح والدراسات المتخصصة أن هناك علاقة وثيقة بين المتغيرات السكانية ومستوى الفقر في اليمن. حيث ترتفع نسبة الفقر وبشكل حاد مع كبر حجم الأسرة. وتشير البيانات أن نسبة الفقر تقل عن 1% بين الأسر المكونة من شخص إلى شخصين وترتفع هذه النسبة إلى 50% بين الأسر التي تتكون من 10 أشخاص فأكثر. وتظهر هذه العلاقة بوضوح عند مقارنة معدل الخصوبة الكلية بين الريف والحضر، حيث أن معدل الخصوبة الكلية للمرأة اليمنية في الريف يرتفع عن ما هو عليه الحال في الحضر إذ يبلغ 6.7 طفل/ امرأة مقابل 4.5 طفل لكل/امرأة في الحضر. ومن الجهة الأخرى يعكس هذا المؤشر تبايناً واضحاً في مستوى الفقر بين كل من الريف والحضر، إذ أن نسبة الفقر ترتفع بين سكان الريف لتصل إلى 45% مقابل 30.8% من إجمالي سكان الحضر. وتبين هذه المؤشرات أيضا أن معدل الإعالة العمرية (للأطفال وكبار السن) يرتفع بين الأسرة الفقيرة ليصل إلى (158) شخص معال لكل مائة شخص في سن العمل (15-64 سنة)، مقابل (111) للأسر الأفضل حالا وهو ما يجعل الأسر الفقيرة أمام صعوبة أكبر من غيرها في إمكانية تحسين ظروف معيشتها والخروج من دائرة الفقر (مسح ميزانية الأسرة 1998). وتبين دراسة حديثة (2003م) أجريت على مجموعة من الدول العربية من بينها اليمن أن هناك علاقة ارتباط طردية قوية بين معدل الخصوبة الكلية في تلك الدول وبالذات معدل الخصوبة الكلية بين المراهقين (15-19 سنة) ومستوى الفقر، أي أنه كلما كانت معدلات الخصوبة بين المراهقين مرتفعة في الدولة، يكون مستوى الفقر فيها أكبر بعامل ارتباط قدره (0.79+). ولمعالجة هذا الوضع فقد استهدفت السياسة الوطنية للسكان تخفيض نسبة الخصوبة الكلية ليصل إلى 4 أطفال/امرأة بحلول عام 2015.[c1]* مسؤول بالمجلس الوطني للسكان - الأمانة العامة[/c]
الخصوبة البشرية والفقر
أخبار متعلقة