تعد التلوث البحري أحد التأثيرات الهامة للنشاط البشري على المحيطات. وهو لا يقتصر على تلوث نفطي ناجم عن حوادث أو عمليات تنظيف صهاريج النفط أو تفريغها بطريقة غير قانونية. بالرغم من فظاعة منظر البقع النفطية وتأثيرها على البيئة البحرية، إلا أن إجمالي كميات النفط التي تشكل البقع ضئيلة مقارنة للملوثات الواردة من مصادر أخرى، وعلى الأخص مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة والصناعية، والمواد المتسربة من مكبات النفايات، ومياه الانسياب السطحي المدني والصناعي، والحوادث، وبقع النفط، والتفجيرات، وعمليات التخلص من النفايات في البحار، وإنتاج النفط، والتعدين، ومبيدات الحشرات والمبيدات الزراعية، وموارد الحرارة المستهلكة، ونفايات المواد المشعة.وتشير التقديرات إلى أن مصادر التلوث من اليابسة مسؤولة عن نحو 44% من الملوثات التي تنتهي في البحر بينما تساهم المدخلات (التأثيرات) الجوية بنسبة تقدر بـ 33 من الملوثات. في المقابل يتحمل النقل البحري مسؤولية حوالي 12% من التلوث.وتتفاوت تأثيرات التلوث كثيراً فقد يسفر تلوث المواد الغذائية الناشئ من قاذورات المجاري والزراعة عن ظهور "كتلاً" من الطحالب القبيحة التي قد تكون خطيرة في المياه الساحلية. وعندما تنفق هذه "الكتل" وتتحلل، تستهلك كامل الأكسجين الموجود في المياه.وأدت هذه الظاهرة في بعض المناطق إلى ظهور "بقع الموت الزاحفة" حيث تنخفض نسبة الأكسجين في المياه إلى مستويات يستحيل معها استمرار الحياة البحرية. كما يسهم التلوث الصناعي في ظهور هذه البقع حيث تستهلك المواد المرمية في المياه الأكسجين عند تحللها. كذلك تقف عدة مصادر وراء التلوث الإشعاعي في البحر. فتجارب الأسلحة النووية ساهمت تاريخيا بذلك. كما تؤدي عمليات التشغيل العادية لمحطات الطاقة النووية إلى تلويث البحر. ولكن الحيز الأكبر من التلوث المشع في المحيطات ينتج من مصانع معالجة الوقود النووي كمصنعي "لا هاغ" في فرنسا و"سيلافيلد" في بريطانيا.وأدت هذه النفايات إلى انتشار التلوث المشع في مناطق شاسعة تقطنها مختلف الأنواع البحرية، حيث أن المواد المشعة التي يتم البحث عنها لإعادة معالجتها يمكن اكتشافها في الطحالب البحرية الممتدة إلى "ساحل غرينلاند الغربي" وبطول ساحل النرويج.قد تنطوي المخلفات الكيميائية الصناعية في المحيطات على عدد هائل من المواد المختلفة. فمن أصل 63 ألفاً من الكيمياويات المعروفة في العالم، يشكل ثلاثة آلاف نوع 90% من إجمالي الإنتاج. في الأسواق سنويا ما قد يصل إلى ألف نوع جديد من المنتجات الكيميائية.من بين كل هذه المنتجات الكيماوية يندرج نحو 4500 منتج كيماوي تحت فئة التصنيف الأكثر خطورة، وتعرف باسم "الملوثات العضوية الدائمة". هذه الملوثات تقاوم التحلل ولديها القدرة على التراكم في الأنسجة الحية فتؤدي إلى خلل هرموني يسبب مشاكل تناسلية وسرطانية ويضرب جهاز المناعة ويعيق نمو الأطفال. هذه الملوثات العضوية قادرة على الانتقال في الهواء إلى مسافات بعيدة عن مصدر انبعاثها. نتيجة لذلك، فإن شعب الإسكيمو الذي يعيش في القطب الشمالي على مسافة شاسعة من مصادر هذه الملوثات يشكل أحد أكثر الشعوب معاناة من التلوث بتلك المواد، نظرا إلى أنهم يعتمدون بشكل أساسي في تغذيتهم على الحيوانات البحرية الدسمة كالأسماك والفقمة.تشتمل "الملوثات العضوية الدائمة" على مركبات الديوكسين شديدة السمية ومواد بي سي بي إضافة إلى مجموعة من مبيدات الحشرات مثل دي دي تي ومادة "ديالدرين". ويعتقد أن هذه الكيميائية مسؤولة عن القصور التناسلي لدى بعض مجموعات الدببة القطبية.
|
ابوواب
تلوث البحار والمحيطات
أخبار متعلقة