منبر التراث
محمد زكريا[c1]المدينة الجميلة[/c]روت كتب التاريخ الإسلامي ـــ أنّ مؤسس مدينة تونس الجميلة الخلابة المطلة على البحر المتوسط ، المتألقة والساطعة تحت وهج الشمس , وبيوتها البيضاء الجميلة التي تريح العين المنعكسة على صفحات مياهه تحسبها كأنها حبات اللؤلؤ المكنون الناصعة البياض ــــ وهو حسان بن النعمان الغساني التي يعود نسبه إلى اليمن ويحدد المؤرخ محمد عبد القادر بامطرف موطن قبيلة غسان بأنها بين وادي رِمَع ووادي زَبيد باليمن ، وسميت بغسان لكونها كانت بجانب ماء يسمى غسان . وكان سبب رحيلها من اليمن إلى الشام هو انهيار سد مأرب . وفي هذا الصدد تقول الدكتورة أسمهان سعيد الجرو : " وبسبب الانهيار الأخير ( سنة 575م ) تفرق شمل قبائل سبأ ، فهاجروا إلى أنحاء متفرقة من شبه الجزيرة العربية . فقالوا " تفرقوا أيدي سبأ " " . وأما محمد عبد القادر بامطرف ، فيقول : " هاجرت الغساسنة من اليمن إلى الشام في زمن قديم ( يقال إنه من أواخر القرن الثالث للميلاد ) . [c1]حسان بن النعمان الغساني[/c]وعلى أية حال ، أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان المتوفى سنة ( 86هـ /705م) على رأس جيش كثيف تذكره المصادر بأنه نحو أربعين ألف مقاتل ، القائد حسان بن النعمان الغساني إلى إفريقيا(بلاد المغرب ) بعد اضطراب الأحوال فيها , وتذكر المصادر أن حسان بن النعمان كان فارساً ، شجاعًا ، وكان رجل دولة وإدارة ، فقد استطاع أن استمالة البربر الذين هم السكان الأصليين في تلك المنطقة من بلاد المغرب ضد الروم . وعلى يديه فتحت الكثير من الحصون والقلاع البيزنطية وتهاوت رايات الكُفر في إفريقيا , ودخل البربر أفواجًا في دين الإسلام " وجند حسان منهم أجناده ، حتى أصبح أكثر جيشه من البربر.[c1]تأسيس مدينة تونس [/c]وذكرت المراجع التاريخية أنّ حسان بن النعمان قرر أن يبني قاعدة بحرية تنطلق منها الأساطيل الإسلامية لمواجهة اعتداءات الأساطيل البيزنطية التي كانت تغير على شواطئ ( بلاد المغرب ) بين الحين والأخرى . ويقول الدكتور السيد عبد العزيز سالم عن بناء حسان بن النعمان لتونس : " فبنى تونس على بعد 12 ميًلا من شرقي قرطاجنة . وتونس هذه هي تنيس القديمة ، ولم تكن تعدو عند بنائها قرية صغيرة ، فحولها حسان إلى قاعدة بحرية تقلع منها الأساطيل ، وأنشأ بها دارًا لصناعة الأسطول ، وقد شيد فيها مسجدًا جامعًا ، ودار للإمارة وثكنات للجند ". ويمضي في حديثه ، قائلاً : " وقدر لهذه المدينة الصغيرة أو المحرس البحري أن تكون أعظم ثغر إفريقيا بعد ذلك بثلاثين عامًا على يدي عبد الله بن الحبحاب ، فقد نمت ، واتسع عمرانها ، واقبل إليها الناس يستوطنونها ، وأقيم فيها أعظم جامع بالمغرب الأدنى وهو جامع الزيتونة " . [c1]اليمنيون في تونس[/c]ويقال أن عددًا كبيرًا من القبائل اليمنية انضمت إلى جيش القائد حسان بن النعمان الغساني وأن عددًا غير قليل من بطونها وأفخاذها مكثوا واستقروا في تونس وصاهروا البربر ، وانصهروا معهم وصاروا جزء لا يتجزأ من نسيج حياتهم الاجتماعية . ويقال أن بعض من مفردات اللهجة التونسية تعود إلى مفردات اللهجة اليمنية . وإذا نظر المرء إلى الملابس الشعبية التي يلبسها الرجال في المناطق الداخلية من تونس سيلاحظ التشابه الكبير بين ملابسهم وملابس اليمنيين القدامى. [c1]نشاطات ثقافية يمنية تونسية[/c]ونافلة القول ، نرجو من وزارة الثقافة أنّ تدفع بعجلة العلاقة اليمنية التونسية في المجال الثقافي إلى الأمام وذلك خلال أقامة نشاطات وفعاليات ثقافية مختلفة ومتنوعة بين البلدين واللتين تربطهما علاقات تاريخية عميقة ــ كما أسلفنا ــ ، وأنني أكاد أجزم أن ذلك الاقتراح يحتل مساحة كبيرة في تفكير الأخ وزير الثقافة الأستاذ الدكتور محمد أبوبكر المفلحي والذي على يديه ستشهد الثقافة ازدهاراً كبيراً .