أ . د . صادق ياسين الحلو عندما يرتبط الإنسان بأرضه وشعبه، يستطيع استلهام الإرث التاريخي والحضاري وآمال وتطلعات ذلك الشعب ليجسدها ويعبر عنها بأسلوب حضاري يتماشى مع مصالح الأمة، ويحقق لها موقعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً راقياً.وبما أنّ الوحدة اليمنية كانت عبر المراحل التاريخية المختلفة أحد مرتكزات ازدهار الحضارة ورقيها للشعب اليمني، وأنّ التشطير كان دوماً العامل المناقض تماماً للتطور، حيث أسهم في الحد من إمكانات أخذ اليمن لموقعه الطبيعي، فأصبح هدف الوحدة الأمل الذي آمن به الشعب طريقاً وحيداً يخلصه من واقع التخلف، ويعيد لليمن ثقلها السياسي والاقتصادي في محيطها الإقليمي والدولي. كان الرئيس علي عبدالله صالح أحد أبناء اليمن الذي آمن كما آمن شعبه بالوحدة اليمنية هدفاً وحقيقة، وأنّها حتمية وضرورة تاريخية لابد من تحقيقها بالوسائل الديمقراطية للشعبين، والحوار والصبر والتدرج بالابتعاد عن التسرع حتى تبنى على أسس سليمة راسخة.لذا شكل الفكر الوحدوي للرئيس علي عبدالله صالح عاملاً مؤثراً في نجاح إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وإعلان دولة الوحدة في 22 مايو 1990م.ويمكن ذكر أهم السمات للفكر الوحدوي للرئيس علي عبدالله صالح بالآتي :(1) كان هدف الوحدة في فكر الرئيس علي عبدالله صالح يشكل هدفاً استراتيجياً، ولم يفكر في يوم ما أن تكون تكتيكاً، ولتحقيق مكاسب تكتيكية لإيمانه بأهميتها البالغة التاريخية لليمن، فيقول : “شكلت حركة إعادة توحيد اليمن الأساس الجوهري لعملي السياسي منذ وصولي إلى السلطة... لقد شكلت دائماً هدفي الاستراتيجي”.(2) إيمانه بالطريقة الديمقراطية لتحقيق الوحدة، ولا يؤمن باستخدام القوة للوصول إلى هدف الوحدة فيقول في إحدى لقاءاته مع الكاتب الفرنسي شارل سان برو : كان النظام مستنزفاً بعد أحداث عدن في العام 1986م، ولم يكن هناك ما هو أسهل من اللجوء إلى إعادة التوحيد على الطريقة البسماركية، إلا أنني رفضت أي حل يمر بالقوة ويؤدي إلى إذلال قسم من اليمنيين. (3) أعتقد الرئيس علي عبدالله صالح بجماهيرية الوحدة، فهي التي تصنعها، ولا تأتي فرقية سلطوية، بل أنّ الشعب اليمني هو الذي يقررها، فيذكر : (لابد للوحدة اليمنية أن تعتمد على نتائج استفتاء شعبي حُر لأبناء اليمن جميعاً ليقرروا شكلها ومضمونها”.(4) يؤمن الرئيس علي عبدالله صالح بالتدرج وسياسة الخطوة خطوة لتحقيق وبناء الوحدة، بعيداً عن التسرع، لتكون وحدة ناضجة، فيقول : (لابد أن نبني صرح هذه الوحدة خطوة ... خطوة، وعلى أسس متينة وراسخة).(5) كان الرئيس علي عبدالله صالح يعتقد أنّ وصوله لتحقيق هدفه الوحدوي يأتي من خلال اللقاءات المستمرة بين قيادة شطري اليمن، وذلك ليكون اللقاء مباشراً ودون أي وسيط، وبذلك يتم بناء الأسس السليمة والراسخة والقائمة على الحوار، فيقول بعد لقائه الأول بالرئيس علي ناصر محمد : (أعتبر هذا اللقاء وما تمّ التوصل إليه من نتائج مثمرة تخدم شعبنا ووحدتنا، تتويجاً للقاءات مستمرة بين شطري اليمن، التي تعمل على وضع الأسس السليمة والراسخة والضمانات القوية والمتينة لتحقيق الوحدة اليمنية بين شطري بلادنا). (6) الوحدة اليمنية في فكر الرئيس علي عبدالله صالح خطوة مهمة وأساسية على طريق الوحدة العربية الشاملة، ورد على التحديات التي تواجه الأمة العربية فقال في حديث له مع مجلة الموقف العربي : “الوحدة اليمنية لا تدخل ضمن المعادلات الدولية، لأنّها قضية وطنية بحتة تهم اليمنيين، لأنّ فيها عزتهم وكرامتهم وتشكل في الوقت نفسه لبنة على طريق تحقيق الوحدة العربية الشاملة، وهي كذلك تعتبر انتصاراً للإرادة العربية الوحدوية، ويقدم بها شعبنا اليمني نموذجاً مثمراً وإيجابياً للعمل الوحدوي يمكن الاستفادة منه في إنجاح التوجهات القائمة من أجل تحقيق الوحدة العربية”. (7) أعتقد الرئيس علي عبدالله صالح أنّ الوحدة اليمنية عامل استقرار إقليمي وتحقق للشعب اليمني الأمن الاجتماعي وتضمن له قيمه الروحية، واستقلاله، فيقول : “أؤكد مجدداً عزمنا وكل أبناء اليمن أن تسود عَلاقة شطري اليمن الود والمسؤولية والتعاون والبناء وصولاً إلى إعادة وحدة اليمن، بما يحفظ لشعبنا سيادته واستقلاله، وقيمه الروحية، ويحقق كافة طموحاتنا المشروعة”.(8) وترتبط الوطنية في فكر الرئيس علي عبدالله صالح بالقومية فهو يرى ترابطاً بين الوحدة الوطنية والقومية العربية فيقول : “والقومية العربية في نظرنا الإطار الكبير لكل الوطنيات الإقليمية في مختلف أقطار الوطن العربي من المحيط إلى الخليج” وكذلك يؤمن بوجود عَلاقة بين الولاء الوطني والولاء القومي وأنّ الولاء الوطني ما هو إلا المدخل الطبيعي إلى الولاء القومي”.رئيس قسم التاريخ / كلية الآداب جامعة ذمار
الفكر الوحدوي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح
أخبار متعلقة