أحس في كثير من الأحيان بحزن شديد في داخلي بسبب ما ألمسه من سلبية في التفاعل مع نقابة الصحفيين من قبل من أسميهم (الأغلبية الصامتة) وهم معظم الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية الحكومية الذين أعتبرهم في الحقيقة أصحاب المصلحة الحقيقية في وجود كيان نقابي يمثلهم، بل إن هذه السلبية تمتد أحيانا حتى إلى العملية الانتخابية التي تتم كل أربع سنوات مرة واحدة بالعزوف عن المشاركة فيها لأسباب قد يكون أغلبها منطلقا من حالة إحباط تجاه ما يمكن أن تؤديه النقابة من خدمة حقيقية لهم... فقد لا تكون زيادة مساحة الحرية مطلبهم الأساسي بقدر ما أنه تحسين أوضاعهم المعيشية وضمان حقوقهم الوظيفية في ظل غياب أي توصيف للمهنة الصحفية، وعندهم كل الحق في ذلك وهو ما نأمل إنجازه في أقرب وقت ممكن... إلا أن تقصير النقابة ماضيا وحاضرا ليس مبررا لمثل هذه السلبية في التفاعل معها إذ أن حسن اختيار ممثليهم في النقابة كفيل بإعطائها القوة اللازمة للمطالبة بأي حقوق مشروعة دستورا وقانونا.فكما أشرت الأسبوع الماضي فإن النقابة - أي نقابة - ليست حزبا معارضا كما أنها ليست حزبا مواليا، والمهم أن تكون النقابة قادرة على اختيار موقفها الصحيح سواء كان دفاعا عن حرية الرأي أم كان دفاعا عن حق وظيفي والموقف في الحالين ليس سياسيا بل مهنيا بامتياز طالما كان ملتزما بدستور البلاد وقوانينها النافذة لأن النقابة ليست أداة للفوضى والعبث بل هي رمز لاحترام القوانين والالتزام بها والدفاع عن سلامة تطبيقها.. ومن هنا أجد أن العديد من الزملاء لا يدركون هذه المسألة بوضوح، فمنهم من قد يخالف الدستور والقانون النافذ إما انطلاقا من روح تحد أو جهلا بالنصوص ثم يطلب من النقابة أن تقف معه بالباطل، ومنهم من قد يقع في مشاكل ذات طابع إداري أو اجتماعي بحت ليس لها علاقة بالمهنة من قريب أو بعيد ثم يطلب من النقابة أن تقف معه وتدافع عنه، ومنهم من يقع في مطبات لا أخلاقية كابتزاز مسؤولين ورجال أعمال ثم يطلب من النقابة أن تسانده... وللأسف فإن شيطان التسييس كثيرا ما يدخل من خلال مثل هذه القضايا فإن كان الصحفي مواليا مثلا اعتبر الصحفيون المنتمون للمعارضة أنها فرصة جيدة (للدردحة) بالحكومة والعكس صحيح أيضا، وكل ذلك يدفع بالقضية كلها من بدايتها لنهايتها بعيدا عن المهنية وهو أمر مؤسف حقا كثيرا ما ننجر إليه بدون وعي!يجب أن نتعلم أن القول الفصل في قضايانا يجب أن يكون للقانون المرجع وليس للأمزجة والتقلبات السياسية، فأن يكون القانون مظلتنا جميعا هو خير لنا جميعا وأحفظ للمهنة واحترامها في النفوس فالقانون لنا وعلينا، كما أن في نصوصه من الوضوح ما يجعلنا نثق في مرجعيته.. وفي كل الأحوال فطالما نحن بصدد تعديله خلال الفترة القادمة فأنا على ثقة أننا قادرون على جعله أفضل مما هو عليه الآن ليس فقط لأن هذه مقتضيات لغة العصر بل لأن الواقع لن يقبل بحال من الأحوال النكوص إلى الوراء والتراجع عن المكتسبات . ولذلك أعود فأقول أن واجبنا جميعا كصحفيين أن نكون عونا لنقابتنا في التزامها بالقانون وانحيازها للمهنة وابتعادها عن التسييس وليس العكس، فالنقابة ليست خصما للنظام السياسي ولا حليفا للمعارضة خصوصا إن أدركنا أن مشكلات الصحفيين مع أصحاب الصحف أفرادا وأحزابا قد تكون أكثر تعقيدا من مشكلاتهم في المؤسسات الحكومية وهذا ما يعني أن النقابة معنية بمعالجة جميع هذه المشكلات هنا وهناك سواء بسواء![c1]* نقيب الصحفيين اليمنيين[/c]
|
فكر
خواطر نقابية ( 2 )
أخبار متعلقة