أضواء
لا معنى للحديث الآن عن دولة فلسطينية، وكل ذلك بفضل حماس. الحديث الآن هو عن معبر مقابل دولة. المعركة اليوم هي معركة معبر رفح، حيث بات من الواضح أن المصريين يسيرون باتجاه أن لا ثقة بحماس، وضرورة إعادة المعبر إلى السلطة الفلسطينية تحت قيادة الرئيس محمود عباس. وحماس، بدورها، تصارع من أجل المشاركة في إدارة المعبر، من دون أن تدفع ثمنا مطلوبا وهو تصحيح انقلاب غزة.فمن المستحيل الحديث عن الدولة الفلسطينية الحلم، طالما أن القضية الفلسطينية مخنوقة على معبر رفح، لكن هل هذا غريب؟ بالطبع لا! حماس الإخوانية غير معنية أساسا بمفهوم الدولة، بقدر ما أنها حريصة على مفهوم الأمة، أي أن سقوط الأنظمة العربية شيء غير مأسوف عليه، طالما أن الهدف هو الوصول إلى الأمة الإسلامية الواحدة.وعلى الرغم من كل منابر التخوين بالعمالة لأميركا المنصوبة لكل من يناقش، ويرد على حماس، أو غطائها الإخواني، فهذه هي إستراتيجية حماس، والإخوان المسلمين، الأساسية، أي زوال الدول العربية حتى الوصول إلى الأمة. بيد أن أكثر المستفيدين من الأميركيين في منطقتنا العربية، في السنوات الأخيرة، هم حماس والإخوان، حيث وصلوا إلى ما وصلوا إليه في فلسطين ومصر على أكتاف السيدة كوندليزا رايس، التي اعترفت، قبل أيام في دافوس، بأنه كانت هناك أخطاء، قاصدة في العملية الديمقراطية في المنطقة.قبل الانتخابات الفلسطينية في غزة ووصول حماس، وفي قمة الضغط الأميركي لإجراء انتخابات فلسطينية، نظر الرئيس الأميركي جورج بوش، في المكتب البيضاوي، في عين الرئيس محمود عباس وقال له «إذا ما انتخب شخص من حماس ليصبح المسؤول عن بلدية غزة ألا تعتقد أنه سيكون معنيا بتنظيف المدينة، وسينبذ الأعمال العسكرية، وسيكون أكثر اهتماما بمصالح الناس». أسقط يومها بيد أبو مازن، فواشنطن لا تعرف حماس جيدا.وبعد أن وصلت حماس انتخابيا، وبدفاع وضغط من جورج بوش، قالت إنها لا تقبل باتفاق أوسلو ولا بالاتفاقيات المبرمة من قبل منظمة التحرير، بل وانقلبت على أبو مازن بالسلاح، بعد اتفاق مكة، واليوم يقال لكل من يخالفها إنه أميركي!الأمر نفسه ينطبق على الحزب الأم، الإخوان المصريين، الذين هاجموا الرئيس الأميركي في زيارته الأخيرة لشرم الشيخ، وغمزوا باتجاه الدول الخليجية التي رحبت بضيفها، ونسوا أنه لولا الضغط الأميركي الرهيب لما كانوا هم وصلوا إلى البرلمان المصري بهذه الكثافة، ولما ذهب السيد نبيل شعث طالبا وساطة الإخوان في مصر لحلحلة موضوع معبر رفح مع حماس.والأدهى والأمر أن مريدي حماس والإخوان يحاضروننا اليوم عن مفهوم الفوضى الخلاقة التي طرحتها السيدة كوندليزا رايس، وهم أبرز نجومها، ووقودها، ونتائجها، وهم الذين ركبوا على أكتاف الأميركيين، واستقووا بواشنطن على دولهم، حتى وصلوا إلى مراكز القوى التي وصلوها. وهم الذين يحكون لنا عن أن غزة تاريخيا أقرب لمصر، وهذا يعني أن الضفة أقرب تاريخيا أيضا إلى الأردن، وبالتالي.. لا دولة فلسطينية.بالفعل، وكما يقول المثل العربي «رمتني بدائها وانسلت»، يا سادتي نحن الآن في مرحلة الإخوان «الأميركيين» بكل جدارة.[c1]* عن صحيفة /”الشرق الأوسط اللندنية”[/c]