السكان تأقلموا مع الواقع الأمني المتدهور لتأمين حاجياتهم
مقديشو/متابعات: تعاني العاصمة الصومالية مقديشو من الفوضى وانعدام الأمن منذ دخول البلاد في أتون حرب أهلية عقب انهيار نظام سياد بري قبل نحو عقدين من الزمن، إذ لا يكاد يمر يوم من دون حوادث قتل أو إطلاق نار. ورغم فقدان أساسيات الحياة فإن سكان المدينة أو من بقي منهم تأقلموا -على ما يبدو- مع هذه البيئة، وباتت جزءا ملازما لحياتهم الاقتصادية والاجتماعية.ودفع الوضع الأمني المتدهور في مقديشو الشعب إلى اقتناء السلاح، في ظل انعدام وجود حكومة مركزية قوية قادرة على حماية السكان، فحكومة الرئيس شريف شيخ أحمد لا تزال تكافح لتوفير الحماية لنفسها ولأعضائها ناهيك عن هموم الناس وحاجاتهم ومشاكلهم في وقت انتشرت فيه عمليات القتل والاغتيالات الغامضة.وإزاء هذه الأوضاع التي حولت مقديشو إلى دمار وأنقاض، بات المواطن الصومالي في العاصمة “يحمل روحه على كفه” في كل يوم يخرج فيه من بيته، إذ لا يدري أيعود سالما أم لا. وفي هذا السياق يقول مواطن من مقديشو رفض الإفصاح عن اسمه “لا أعرف إن كنت سأعود إلى منزلي سالما عندما أخرج كل يوم، لأني أسمع كل يوم عن شخص ما قتل نتيجة إطلاق نار عشوائي أو نتيجة رصاصة مجهولة أو اغتيالات مجهولة إضافة إلى القصف المدفعي”.ويضيف أن ما يقلقه أكثر تصريحات المسئولين المتكررة “بوجود مصيبة جماعية تطال الشعب كله لا تستثني علماء الدين أو المواطن العادي.. هذا أمر مرعب بالفعل”.ولم تمنع هذه المخاوف السكان من التعايش مع الواقع الأمني الصعب، فالأسواق والمحال التجارية وحافلات النقل العامة وشركات الاتصالات والمطار والموانئ تعمل في مقديشو يوميا بشكل طبيعي. وانعكس الوضع الأمني أيضا على المدارس والجامعات في المدينة، ورغم ذلك فإن أكثر من 13 ألف طالب وطالبة قدموا امتحانات هذا العام، وفق الأستاذ يوسف محمد سياد. ويشير محمد سياد إلى أن المدرسة التي يعمل فيها نقلت ثلاث مرات “بسبب تعدد جبهات الاشتباكات المسلحة، فكل مرة نهرب إلى مكان ما بالعاصمة تمتد المواجهات إليه”.وقد تأثرت المساجد والخلاوي بالعنف الدائر بسبب نزوح معظم سكان العاصمة إلى مخيمات النازحين بضواحيها، كما أن الحلقات الدينية في المساجد انخفضت إلى أدنى مستوياتها وحل محلها الخطابات الموجهة للقوى الصومالية بالمدينة.ويرجع أحد أئمة مقديشو ويدعى الشيخ عبد السلام عينتي السبب وراء انخفاض الحلقات التعليمية والمشاركين فيها إلى المواجهات المسلحة و”تناقض التيارات الدينية المتنوعة ورغبة هذه التيارات في تقديم أفكارها، مما أثر على مشاعر الناس”. ويعيش مواطنو مقديشو في حالة تناقضات عجيبة، فالمواطن خلال ساعة واحدة بإمكانه أن يعيش في أجواء مختلفة من حيث المظهر والمبدأ داخل العاصمة التي لا تتجاوز مساحتها الكلية 20 كلم2.فمثلا إذا وصلت إلى سوق بكارا فإنك قد دخلت مناطق تسيطر عليها المعارضة وعليك مراعاة الأجواء السائدة فيها، أما إذا وصلت إلى تقاطع دبكا بمحافظة هودن فإنك على الحدود الجغرافية للحكومة وعليك أن تكون حذرا في إعلان تأييدك لجهة بعينها من القوى المسلحة الرافضة لشرعية الحكومة.ويزيد من أعباء المواطنين حالة الاحتقان السياسي والأمني السائدة في أجواء المدينة والحشود والاستعدادات العسكرية للحكومة وحركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي وتصريحات مسئولي الجانبين المليئة بالتعهدات والشعارات التي توحي بأن الحرب لم تنته، الأمر الذي زاد من وتيرة عمليات النزوح نحو مختلف مدن الصومال.