ما أحوج الناس اليوم إلى موازين قراءة تشخيص عيار الرجال وموديل الشرف، وعراقة الأصل في كثيرين استوعبهم اهتمام المجتمع بأمرهم بعد تفشي الكذب، واعتلاء الباطل، وظهور فساد الضمائر إلى العلن حتى اصبح الصادق كذاباً، والكذاب صادقاً، والخائن أميناً، والأمين خائناً، ما افسح المجال لكل دني لا يزن فلساً في شتى معايير الشرف أن يتربع على عرش المسؤولية فينشر الظلم والبغي والفساد ويدنو منه الأشقياء والتعساء، وينفر منه الحكماء والفضلاء فيجعل الله بينه وبين الحق سداً منيعاً لاتصل إليه أنوار الحق والحقيقة حتى تزل به القدم عن العرش أو يموت!إن من أعظم ما وقفت عليه من تلك الموازين، ولا أقول اعظمها، هو ما سأطلق عليه ميزان الشافعي ـ رضي الله عنه ـ حيث يقول: ما أوردت الحق على رجل فقبله إلا هبته! ولا كابرني فيه أحد ألاَّ سقط من عيني!!كلمات، لو بحث المرء عما تستحقه من مثاقيل الذهب والفضة كبدائل مادية لقياسها لجادت الحكمة بسخاء بتلك المثاقيل وقذفت بها إلى الموازين لتعطي القراءة المستحقة لهذه الكلمات من الشافعي ـ رضي الله عنه ـ..وعندما يجول النظر في شريحة من الرجال الذين تربعوا فوق رقاب الناس، وامسكوا بزمام المسؤولية ببركة دعوة “ابن علوان” فإن هذا الميزان سرعان ما يعلن الفاجعة الأليمة ويشخص الداء المخيف الذي كان أصل لعنة الله لكل الذين حكى عنهم القرآن وجعلهم ائمة يهدون إلى النار ويوم القيامة لاينصرون.إن الاستكبار على الحق، وعدم الاصغاء إليه هو إعلان مدفوع التكاليف من أبليس يشهر سقوط القيم وتهاوي الفضيلة وتراجع الإيمان!لذلك أرى أن ما تنشره الصحافة هنا وهناك عن كل المنغصات في هذا الوطن البائس من فساد وفقر ومرض وعذاب لايمكن أن يكون خطأً وكذباً وتحريضاً مائة بالمائة ولو استحقت تلك المزاعم نسباً ولو ضئيلة فالواجب يفرض إعطاءها الاهتمام منعاً للريبة، ودفعاً للظلم الذي أهلك الله بسببه اصحابه وجعلهم عنوان الرذيلة إلى يوم الدين.وعندما يصبح القانون لايقدر على أن يطال الكبراء واصحاب النفوذ، وعندما يحاصر تطبيق النظام المستضعفين والأحقرين فتدمر بيوتهم وممتلكاتهم باسم العشوائي، ويلاحق الذين لايملكون التراخيص الخاصة بنشاطهم، وتقطع الكهرباء والماء والهاتف عن المتخلفين عن السداد وكلهم من الضعفاء والأذلين ويترك الكبار دون أن يقترب منهم أحد من عساكر السلطان وسياط الجلادين واحكام القضاء فعلى الدنيا يومئذ السلام وليستعدوا لحرب من الله ورسوله.أليس هذا هو القانون الذي أهلك الله به من سبق من الأمم عندما خطب ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال” إنما أهلك من كان قبلكم، كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!!فلماذا نزع معاقبة الشريف من عبق فاطمة وقلدوه الضعفاء والمساكين ولماذا بدلوا نصرتهم إلى نصر الكبراء والمتنفذين! الآن فقط زال مني العجب عندما كُنت استغرب تجاهل صيحات المعذبين من ارتفاع اسعار الخدمات بوتائر مجنونة عندما أدركت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسلم من هذا الإعراض والسقال فلسنا خيراً منه ـ بأبي هو وأمي.أن أولى الناس بالسقوط من العين إلى ما تحت اقدام الحق والشرف والكرامة هم اولئك المتعالون عليه المكابرون فيه كما قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ ولا كابرني فيه أحد إلاَّ وسقط من عيني.فزنوا انفسكم عليه وزنوا به غيركم ستدركون حينها من الذي استحق أن تهابه النفوس هيبة من لم ينقص قدره في السماء والأرض ومن الذي سقط من العين وهوى إلى مكان سحيق وهو يظن أنه يطير إلى العلياء!.
ميزان الرجال !!
أخبار متعلقة