رواد الثقافة والفكر في اليمن
د/ زينب حزام[c1]المثقف والمبدع الراحل عبدالله البردوني [/c]كان ومازال العمل الإبداعي لغزاً لدى العديد من المفكرين فقد فسره العرب القدامى بأنه مس من شياطين وأدي عبقر وفسره بعضهم على أنه أفكار للفلاسفة اليونان القدماء بأنه نعمة من الآلهة وأطلق المؤرخ البريطاني / أتركيسلر / على المبدعين اسم (السادين نياما) وقد تصادف أحلامهم من معظم الأحيان الواقع.قال التربوي الأميركي المشهور جون ديري عن النتاج الإبداعي أنه يأتي كسحر مفاجئ فالفكرة الجميلة كالمرأة الجميلة تأتي حين تريد هي لا حين نريد نحن.وخلال السنوات الأخيرة قدم المفكرون في صنع الإبداع يتطلب تصوير هذا العالم بهذه الدقة والطاقة الدرامية والروعة الأدبية باستخدام الفكر الإنساني الذي يهدف إلى تقديم معرفة موثوقة بالنشاطات المستقبلية للمبدعين والمفكرين.قدرلي أن أعرف مبدعين لهم كتابات في سن مبكرة ثم أصبحوا ذا شأن أدبي من اليمن يرسمون بالخيال الخصب والمتألق صوراً رائعة وقد قرأت تقريباً كل أشعار امرئ القيس وجميل بن معمر وأبن الرومي والمتنبي وأبي العلاء كل هؤلاء المبدعين الذين قدموا لنا إبداعاتهم الإنسانية الرائعة التي نضعها تحت المجهر العلمي وقد أصبحت الظاهرة الإبداعية علماً له قواعد ثابتة قابلة للتطور كما أصبح من الممكن نقل الإبداع بالتربية والتعليم بدلاً من انتظار المصادفة أو جينات الوراثة ينظر علم النفس المعاصر إلى الإبداع بصفته شكلاً من أشكال النشاط العقلي المركب الذي ينتجه الشخص بمقتضاه إلى أشكال جديدة من التفكير أو الفن فالقدرة الإبداعية هي القدرة على التفكير في نسق مفتوح وإعادة تشكيل عناصر الخبرة الذاتية في أشكال جديدة فنية أو أدبية أو عملية إلى نوع من القدرات الإبداعية إلى نوع من القدرات الفرعية منها سيولة الفكر وخصوبته وطلاقته المرنة والقدرة على تغيير المواقف والوعي بالأخطاء وأوجه القصور من الحلول التقليدية القدرة على إنتاج نوعية جديدة من التفكير تمتاز بالأصالة والجودة والقدرة على خلق نظام جديد من العلاقات بين الأشياء مهما بدت متعارضة أو متناقضة.وينقسم الإبداع إلى «فني» و»علمي» ويكون النتاج الفني تعبيراً عن الحالات الداخلية للمبدع مثل الحاجات والإدراكات والتقويمات وأمثلة هذا النوع من الإبداع نجدها لدى الرسامين والنحاتين والتعبيريين والشعراء وكتاب القصة ومؤلفي الدراما أما الإبداع العلمي فلا يكون نتاجاً مرتبطاً بالإبداع الشخصي إنما يكون وسيطاً بين الأهداف والحاجات المحددة والخارجة وأمثلة هذا النوع توجد في علم الفيزياء والهندسة والصناعة والميكانيك الخ، ويضيف علماء النفس الإبداعي نوعاً أخر من الإبداع ذي الطبيعة المتوسطة بين التعبير عن المشكلات الخارجية ويوجد لدى رسامي المناظر الطبيعية ورسامي الوجوه للأشخاص ولدى المهندسين المعماريين وبالذات الذين هم علماء وفنانون في الوقت نفسه.[c1]الأديب والمبدع الراحل عبدالله البردوني متميز بالأصالة والوطنية[/c]أن القصائد العديدة التي تقرأها للشاعر الراحل عبدالله البردوني تستحق أن توصف بأنها عمل إبداعي تميز بالحدية والأصالة ومقاييس الإبداع له عشرات القصائد السياسية والعاطفية والمأساوية التي كتبها بل من التنوع الذي صاغ به الصور الإبداعية من قصائده العذبة والمواضيع الجديدة التي تحملها كل قصيدة من قصائده فأي ديوان جديد للشاعر عبدالله البردوني يبدو فيه محاولة للتحرر السابق فهو لا يكرر فكرة لا يستخدم صورة فنية جامدة ومتكررة والمأساة في قصائده يختلف مضمونها وتختلف معالجتها عن غيره من الكتاب فهو في قصائده يتحدث دائماً عن معاناة شعبه ومواقفه الواضحة من الجهل والتخلف والمرض الذي عاناه الشعب اليمني في فترة حكم الإمامة في شمال الوطن وحكم الاستعمار البريطاني في عدن الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني الذي ذاع صيته في الوطن العربي شاعر كفيف له قدرة على تخطي الذات والتحرر من النظرة الجامدة والتفتح على عالم متنوع وخصب بالرؤى والصور والأشكال والزمن قد يكشف أو يطمس إبداعية إنجاز علمي أو فني ما والشاعر عبدالله البردوني مبدع ليس له نظير في بلادنا فهو يتمتع بالحس الوطني له العديد من الدواوين الشعرية.لقد ظل الشاعر عبدالله البردوني منسياً فترة طويلة من الزمن ثم ظهر كنجم متألق في سماء اليمن وكتب العديد من الكتاب والأدباء اليمنيين والعرب بأن الإنتاج الأدبي للشاعر الراحل عبدالله البردوني يختلف من فترة لأخرى وفق روح العصر السياسية وأن الحكم الأخير على الإبداع هو التقويم الاجتماعي لنتائجه ويمكن إضافة الحكم التاريخي الذي تتبدل فيه القيم الجمالية والعلمية.وتبقى الأصالة معياراً رئيساً لقيمة الإبداع واخذ مقياساً للأصالة هو التأثير الباعث المفاجئ الذي تتركه في الآخرين وإذا افتقدت الأصالة في عمل فقد إبداعه وفي شعر الأديب الراحل عبدالله البردوني قيثارة وتر لا يوقع إلا أنغاماً حزينة تبعث الشجن في النفس وتشف عن نفسية تتضح بالكآبة والقلق وعن نظرات قائمة من أجل ذلك وقد دعاه بعض النقاد «بشاعر الوطن» فهو عشق اليمن ودعا إلى توحيدها حتى تمت الوحدة اليمنية في 22 مايو، في شعر عبدالله البردوني يجد القارئ ملامح وتجليات إنسانية أصيلة تمثل وقفة الشرف الصادرة عن الوطنية وعن نظافة القلب ووضوح الرؤية التي لا تعرف التردد أو الحذر أو المساومة فبالصدق وحده دخلت قصائد عبدالله البردوني إلى ميدان الإبداع والفكر الإنساني وأقتحم بضميره النقي لا يعرف النفاق وتكريماً لهذا المبدع الراحل تم إنشاء مكتبة عبدالله البردوني في ذمار ومعظم قرائها من المبدعين الذين يهدفون في الأساس إلى تخليد ذكرى هذا المبدع الوطني الراحل عبدالله البردوني الشاعر والمناضل.