في الذكرى الأربعين للاستقلال الوطني المجيد:
أجرت اللقاءات/ دفاع صالح ناجي :ماكان لفجر الثلاثين من نوفمبر ان ينجلي لولا تلك التضحيات الجسيمة وتلك الدماء الزكية التي امتزجت بهذه التربة الطاهرة لتصنع نسيجاً متجانساً لحب الأرض والحرية والكرامة.فماذا يعني الاستقلال واستعادة الهوية اليمنية للجنوب وإفشال مشروع الجنوب العربي؟ وماذا يعني الاحتفال به بعد مرور أربعين عاماً؟ وكيف يمكن إعادة الاعتبار للتاريخ النضالي للمدافعين الأوائل عن الحرية والوحدة؟هذه المحاور وغيرها كانت مدخلنا للحديث مع عدد من مناضلي الثورة اليمنية الذين كان لنا شرف اللقاء بهم.. ونسرد تفاصيل اللقاءات في الأسطر الآتية :[c1] ـ تحدث إلينا أولاً المناضل/ علي فضل قاسم البسيسي قائلاً:[/c]أولاً نهنئ أنفسنا وجماهير الشعب اليمني بمناسبة الاحتفالات الوطنية وبمناسبة أعياد الثورة اليمنية والذكرى الأربعين ليوم الاستقلال الوطني يوم انتزاع النصر من أيدي الاستعمار البريطاني كان ذلك اليوم يوماً مشهوداً وتاريخياً سيظل محفوراً في ذاكرة التاريخ كون هذا اليوم يعد تتويجاً تاريخياً لاربع سنوات من النضال والكفاح المسلح الذي انطلق في الرابع عشر من اكتوبر عام 1963م فكان الكفاح المسلح هو الوسيلة المثلى لنضال منظم ضم أبناء الجنوب كافة خاصة بعد انتصار الثورة الأم في شمال الوطن، وبفضل التضحيات التي قدمها مناضلو جيش التحرير والفدائيون بقيادة الجبهة القومية وجبهة التحرير والتنظيم الشعبي وفصائل العمل الوطني هي الاخرى التي شاركت في الكفاح المسلح من أجل استعادة الحرية والهوية اليمنية للجنوب المحتل حينها، وتنظيم الاحتفالات بهذه المناسبة المجيدة والعزيزة على قلوب كل أبناء اليمن الشرفاء ماهو إلا عرفان بالدور البطولي والنضالي لصانعي ذلك الفجر، ولايسعنا إلا ان ترحم على تلك الكوكبة من الشهداء الذين أفنوا حياتهم ووهبوا أرواحهم في سبيل الحرية والوحدة، وبهذه المناسبة نهيب بالقيادة السياسية ان تضع نصب عينها الرعاية والاهتمام اللائق لمناضلي الثورة اليمنية من أجل إعادة الاعتبار لتاريخهم النضالي الطويل، والاعتزاز دوماً بتلك الشموع التي احترقت لتضيء لنا الدروب وهم شهداء ثورتي سبتمبر واكتوبر ذلك النبراس الذي اضاء طريق الحرية والبناء والديمقراطية والوحدة اليمنية وحدة 22 مايو 1990م، التي تحققت بفضل نضال ودماء وجهود أجيال من المناضلين من الأربعينيات والخمسينيات والستينيات تواصلاً حتى هذا اليوم ومايؤسف له ويحز في النفس اننا نرى جزءاً كبيراً من جيل المناضلين الأوائل وهم في أعمار متقدمة يعيشون حياة العوز والهوان، وتحديداً أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على الوظيفة وليس لديهم أي مصدر دخل، فمن الواجب إعادة الاعتبار لأولئك المناضلين والأسر والشهداء الذين وهبوا أرواحهم دفاعاً عن الحرية والوحدة.[c1]- من جانبها أشارت المناضلة / خولة أحمد شرف الى ان الاستقلال الوطني هو الهدف السامي والنبيل للثورة اليمنية، وأضافت : [/c]" كل التضحيات التي بذلت وسقوط العديد من الشهداء على درب الحرية، وكل مابذل من أجل تحقيق الاستقلال الوطني والخلاص من الاستعمار البريطاني وإقامة دولة يمنية حرة وكريمة في الجنوب كل ذلك كان بالنسبة للمناضلين والمناضلات ولكل أبناء الوطن حلماً جميلاً تحقق، وذلك ببلوغ الهدف الاستراتيجي للثورة وللكفاح المسلح الذي استمر أربع سنوات متتالية، وحين قدم المناضل روحه ودمه من أجل هدف نبيل ألا وهو تحقيق الاستقلال الوطني والخلاص من الاستعمار البريطاني وإقامة دولة وطنية يمنية في الجنوب ـ لم ينتظر مناً ولاشكراً، بل كان ذلك بالنسبة له واجباً وطنياً تجاه وطنه وأمته العربية وهناك كثير من المناضلين ممن واصل النضال من أجل إقامة دولة وطنية واحدة بتوحيد كل الكيانات والسلطنات في الجنوب، ومن اجل إعادة الاعتبار لأولئك المناضلين يجب الاعتراف بدورهم والتوثيق الأمين للتاريخ النضالي لهذه الحقبة من الزمن وللمناضلين فيها، وجيل الخمسينات والستينات أتسم بصفات قلما تجدها في جيل آخر، هذا الجيل أرتبط بقيام ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر وبمعاناة نظام الإمامة والاستعمار، جيل التضحيات تمرس على النضال والكفاح من أجل التحرر واتصف بنكران الذات وأصبحت هذه الصفات جزءاً من تكوينهم الشخصي والنفسي والأخلاقي، ولهذا كان الدفاع عن الوحدة اليمنية وقبلها الحرية نابعاً من روحه الوطنية العالية والتي لاتكتمل إلا بتحقيق الوحدة اليمنية والدفاع عنها في دولة يمنية ديمقراطية حديثة، دولة نظام ومؤسسات".[c1]- المناضل د/ نجيب إبراهيم يقول: [/c]"تظل الهوية والانتماء نقطة ارتكاز محورية في تحديد التكوين الاجتماعي والسياسي والثقافي والقيمي العام للمجتمع وتشكل الهوية والانتماء بعداً تاريخياً متأصل الجذور في التركيبة الجيوديمغرافية وأصبح الإنسان في جنوب الوطن مرتبطاً بالأرض التي يقف عليها ومنها اكتسب هويته، وأي مساس بسيادة الإنسان على الأرض هو مساس بالهوية، لذا كان النضال من أجل الاستقلال والسيادة هو نقطة الجذب والالتفاف حول القوى المناهضة للاستعمار رغم محاولات تزييف الوعي بهوية الانتماء إلا ان هذه المحاولات كان مصيرها الفشل الذريع، واستمرت مقاومة الاحتلال وسياسته منذ 1839م حتى 1967م .وأردف قائلاً: "يمثل الاستقلال الوطني تعبيراً حياً وتتويجاً لنضالات الشعب، ويعتبر يوم 30 نوفمبر أصدق صورة من صور التلاحم لتأكيد استقلالنا الوطني وبناء الدولة الوطنية الحديثة بكل مؤسساتها، ونحن نحتفل بالذكرى الـ (40) للاستقلال يجب ان نقف إجلالا وتعظيماً لأولئك الذين قدموا أرواحهم قرباناً لهذا اليوم العظيم وإذا كنا نحتفل اليوم بالذكرى الأربعين فإن أربعين عاماً يعني مشارف انتهاء جيل ونمو جيلين بحاجة الى تكثيف التوعية بأهمية هذا الحدث التاريخي العظيم لتظل الهوية متأصلة الجذور بعيدة عن محاولات تشويشها او المساس بها، والمهمة الملحة اليوم هي إعادة الاعتبار للسير التاريخي العام لنضالات الشعب اليمني بمراحله المختلفة وإزالة التشوهات التي علقت بوعي الأجيال الناتجة عن محاولات تغيير دور تلك القيادات التاريخية للمسيرة التحريرية الوطنية لصالح الهوامش والعناصر النفعية التي تتسلق على سلم تلك الهامات التي صنعت فجر الاستقلال والتي وضعت اللبنات الاولى في مسيرة الحرية والديمقراطية والوحدة واعادة الاعتبار للرعيل الاول هو إعادة الاعتبار لتاريخ الشعب اليمني، وهذا يتطلب إعادة النظر في مناهج التربية الوطنية للأجيال المتعاقبة واحترام الساحات التي قضى فيها ذلك الرعيل من أجل الوطن، وإعادة تخليد ذكراهم من خلال إعادة التسميات للمؤسسات والمرافق التي تحمل مضامين تاريخية لنضالات أولئك القادة وتصحيح التشوهات في محتوى ومضمون المتاحف والمؤسسات الثقافية والتنويرية وانتظام توعية النشئ بمآثر أولئك الذين أسسوا لحياتهم وأضاءوا طريق التطور اللاحق".[c1]- اما المناضل صالح ناجي حربي يتمنى ان يكون الاحتفال بيوم الثلاثين من نوفمبر بعد مرور أربعين عاماً بمثابة وقفة تقييمية لأوضاع الناس.:[/c]وأضاف: "نتمنى ان يكون هناك إعادة للنظر في بعض السياسات المرتبكة التي لاتخدم المصلحة العامة وذلك بهدف تصحيح الأخطاء وتطوير ماهو ايجابي لتغدو الممارسات العقلانية هي السائدة لما فيه خدمة الوطن والمواطن، ويجب من خلال مصفوفة متكاملة من الإجراءات أهمها إعادة كتابة التاريخ بنزاهة وتجرد وعدم تجاوز إسهامات القوى السياسية والأفراد وشرائح المجتمع بما قدمته في سبيل التحرر من الاستعمار دون تجاهل او مبالغة في تلك الأدوار والإسهامات وكذا الرعاية والاهتمام الكافيين والمناسبين لمناضلي الثورة وجرحى حرب التحرير وأفراد أسرهم وكذلك اسر وأبناء شهداء الثورة من خلال تحسين مستواهم المعيشي ورفع الحد الأدنى لمرتباتهم الى حد متوسط الأجور والمرتبات لموظفي الدولة على الأقل، إضافة الى توفير الوظائف للعاطلين عن العمل من أبناء وأحفاد الشهداء والجرحى وبقية مناضلي الثورة.وتابع حديثه قائلاً : "وعودة للحديث عن الاستقلال أقول انه لايمكن الحديث عن موقف دفاعي عن الوحدة خلال فترة ماقبل 1967/11/30م بقدر ما كان هناك موقف باحث عن الوحدة لكنه واجه عراقيل كبيرة عشية الاستقلال عندما تعرض النظام الجمهوري في الشمال للخطر وحوصرت صنعاء حتى مابعد إعلان استقلال الجنوب ومانتج عن ذلك من تغيرات في الرؤى والمواقف بين كل من القيادة الجديدة للجمهورية العربية اليمنية الناتجة عن حصيلة الاتفاق بين الجمهوريين والملكيين وكذلك قيادة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية المعلنة فجر الاستقلال، اما مشروع الجنوب العربي فهو ليس جديداً بل ان الدولتين المنصهرتين في إطار الجمهورية اليمنية هما جزء من الجنوب العربي مثلما هما جزء من اليمن الكبير والمطلوب الحفاظ على الهوية العربية والهوية اليمنية معاً، والدفاع عن الوحدة أياً كانت يتم من خلال الحفاظ على شروطها وطابعها السلمي ليشمل خيرها الجميع ولاينحصر على شرائح معينة والموالين لهم، ثم ان الوحدة طالما هي بين دولتين فعليها ان تراعي ظروف مواطني الدولتين المعيشية ونمط الحياة التي كانت سائدة قبل الوحدة هنا أو هناك وعلى ان لايعمم طرف نظامه على الطرف الآخر، فإذا حلت دولة النظام والقانون والمؤسسات والأمان والمواطنة المتساوية محل الدولتين فان الوحدة هي التي ستدافع عن نفسها بالممارسة وبالحجة ولاتحتاج للدفاع عنها بالقوة من قبل أحد طرفيها ضد الطرف الآخر، والخلاصة ان الدفاع عن الوحدة مهم جداً ومن وسائل الدفاع الحفاظ على نزاهتها وطابعها السلمي ووقف العبث المفرط بالمال العام والثروات ومحاربة الفساد والاعتراف بالآخر حتى في ظل الاختلاف معه".[c1]- المناضل أحمد صلاح أسعد تحدث قائلاً: "[/c]يوم الثلاثين من نوفمبر يوم عظيم في نفس كل وطني غيور لان هذا اليوم جاء بعد تضحيات جسيمة لأولئك الأحرار ابتداء من الانتفاضات في مناطق الجنوب المختلفة وتوجت تلك الانتفاضات بثورة 14 اكتوبر 1963م حتى نال شعب الجنوب استقلاله وهويته اليمنية وكيانه الواحد بعد ان حاول الاستعمار البريطاني تمزيق ذلك الكيان تحت مسمى السلطنات والمشيخات".وأضاف: "والدور النضالي لأولئك الأحرار يجب الاعتراف به من قبل الجميع، فتلك القوى الوطنية الخيرة كان لها الفضل في استعادة الحرية والوحدة لهذا الجزء الغالي من الوطن وصولاً الى تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م والتي نتمنى ان تمضي في طريق النظام والقانون والمواطنة المتساوية قولاً وفعلاً.كذلك يؤكد المناضل محسن صالح ان الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر هي ثورة واحدة بوحدة الأرض والإنسان.وأردف قائلاً: لايستطيع أحد ان ينكر مشاركة أبناء الجنوب في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر وفك حصار السبعين عن صنعاء ودعم الجمهورية العربية اليمنية لأبناء الجنوب في نضالهم ضد الاستعمار وهذا دليل ساطع على ان ثورة اليمن واحدة وان الاستقلال الوطني كان نتيجة طبيعية لكفاح طويل لأولئك الأحرار الذين استمر نضالهم من اجل تحقيق الهدف النبيل في 22 مايو 1990م ومن هنا أدعو القيادة السياسية الى لفتة كريمة لكثير من المناضلين الذين ضربوا أروع التضحيات من أجل إعادة الاعتبار لتاريخهم النضالي الطويل.[c1]- المناضل أحمد مثنى حسن يقول: [/c]"يوم الاستقلال الوطني هو يوم مشهود وعظيم، أول احتفال به يوم انتزاع الحرية، عام 1967م يوم ان خرجت الجماهير من عدن والمحافظات الجنوبية وكل اليمن معلنة خروج آخر جندي بريطاني، ولم يأت هذا اليوم إلا بعد نضالات طويلة وجسيمة وكفاح مسلح دام أربع سنوات متتالية من أجل استعادة وحدة الأرض وإفشال مشروع تقسيم الجنوب الى (22) سلطنة والتاريخ يجب ان يسرد بنزاهة من اجل إعادة الاعتبار لأولئك المدافعين عن الحرية والوحدة حتى قيام الجمهورية اليمنية بشكل سلمي وديمقراطي وعلى أساس التوافق".ونختتم هذه اللقاءات بتحية إجلال لكل من ناضل بالسلاح.. بالكلمة.. بالمال او بأي جهد آخر في سبيل تحرير جنوب الوطن من الاستعمار وإنهاء الكيانات السلاطينية واستعادة النضال الذي كان ثمرته تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م.تحية إجلال لذكرى الرواد الأوائل للثورة الذين كانوا سباقين في رفع رايتي الحرية والوحدة والدفاع عنهما.