أن العوامل النفسية تستطيع أن تفعل أكثر من خلق أعراض بدنية، فهي تستطيع أن تسهم أيضا في المرض البدني الفعلي. بالتأكيد توجد أسباب كثيرة لمرض القلب كمستويات الكوليسترول العالية، وضغط الدم العالي، والتدخين، والخمول البدني، والجنس (ذكر أو أنثى)، والوراثة. ولكن لائحة العوامل الخطرة تشمل أيضا العناصر النفسية.فالازعاجات العاطفية هي الأكثر إثارة للجدل بين عوامل الخطر على القلب، وربما تكون أقل فعالية من العوامل الأخرى. وقد فسر الارتباط بين الشخصية والقلب في عام 1959م حيث وجدوا أن الناس الذين يتمتعون بشخصية ذات طابع معين هم عادة حساسون للإصابة بالهجمات القلبية. وقد أطلقا على هؤلاء تعبير الشخصية من نوع (A) وقصدا به وصف السمات العاطفية التي تزيد احتمال الإصابة بالهجمات القلبية ثلاث مرات. فالناس من هذا النوع يكونون متوترين ونشيطين. فهم يعملون ساعات طويلة وينجزون حجما كبيرا من العمل، ولكنهم يميلون إلى التنافس، والإلحاح، والكمال. وعندما يواجهون الإحباط أو التأخير، فانهم يكادون ينفجرون من الغضب والعدوانية. ولا يعبرون عن "ضيق خلقهم" في أمزجتهم فحسب، بل وفي لغة أجسادهم أيضا: فالمنتمون إلى هذا النوع من الشخصيات، أي النوع (A) تكون وجوههم متوترة ومشدودة، وأنفاسهم سريعة أو غير منتظمة، وكلامهم متقطع وغير مترابط. وهم يمشون بسرعة، وتكون خطواتهم قصيرة ومضطربة، ويسيطر عليهم القلق والتململ والاضطراب عندما يجلسون. وإذ ينتقلون دائما باندفاع أهوج من عمل إلى آخر، فانهم يمثلون أقصى درجة في مرض السرعة الذي يؤثر في الكثير من الناس الذين يعيشون في الممر السريع من المجتمع الصناعي المعاصر. تلك هي الأخبار السيئة عن المنتمين إلى الشخصية من النوع (A): ولكن الأخبار الجيدة عنهم هي أن سلوكهم يمكن تعديله بالاستشارة الخاصة. وفي الحقيقة، فان الدراسات التي أجراها الدكتور فريدمان وزملاؤه أظهرت أن التدخلات النفسية تستطيع أن تقلل خطر إصابة هؤلاء بهجمة قلبية ثانية بنسبة 50 في المائة. ولا يوافق كل أطباء القلب والأعصاب أن الشخصية من نوع (A) هي عامل رئيس من العوامل الخطرة على القلب. وقد اعتبرت بعض الهيئات أن العزلة الاجتماعية والنزعة العدائية السهلة الإثارة لدى الرجال، والقلق لدى النساء، هي التي تشكل عوامل الخطر العاطفية الرئيسة. ويحدد بحث آخر التشاؤم بوصفه عامل خطر على القلب، إذ تبين في دراسة جرت عام 1992 أن عيش الإنسان بمعزل عن الآخرين يزيد من احتمال وفاته إذا كان مصابا بمرض القلب.
