حلبة القراء
أن نبقى معتزين بهويتنا وانتمائنا، فخورين بالانتساب للوطن ونشكل ترساً واقياً لحمايته ونموت من اجله، محاولين الذود عنه وعن كرامته ونصرته ضد كل من يريد العبث به وأمام كل محاولات الاعتداء والإرهاب وتيارات الضلال والفساد والفتنة، فذلك هو الشرف الذي لا يحظى به إلا من تخلى عن الأنانية وحب المصلحة الذاتية وملأ فؤاده بحب الوطن.إن حب الوطن لا يعلوه حب، فكيف يمكن للمرء ألا يحب وطنه!! أفلا يعتبر ذلك تنكراً وجحوداً منه على نعمة الوطن، فالوطن ليس رخيصاً، والإنسان بدون الوطن لا شيء، فالوطن هو ذاك المكان الطاهر الذي نشأ المرء وشب على أرضه وترعرع في جنباته وارتوى من مائه. ومن هوائه استنشق، وبضيائه أنار عتمة القلوب والدروب، وظل كذلك - الإنسان - حتى أشتد عوده وكبر وأينع، كما يونع الثمر ويتدلى من جذع النخيل، إن القلوب دوماً تهفو إلى الوطن وتتسلل إلى الأفئدة الراغبة في معانقة سمائه وتقبيل الثرى، وتتفتح أعين الصغار على نوره وتسعد الروح عندما تطأ الأقدام ترابه، نحمله في ضمائرنا وعقولنا وبين أضلعنا، فهو من يضم كل أبنائه بحب وحنان متدفق.حب الوطن ليس كلاماً فقط وعبارات تلوكها الألسن، إنما هو سلوك عملي يمارسه أبناؤه ويدل على مدى تمسكهم وحبهم ويتجلى واضحاً من خلال التعايش بين أفراده ممن يتقاسمون ويتشاركون معاً الحياة على ترابه، فحب الوطن يعني أن نحث أنفسنا على مبدأ الالتزام بدستوره وقوانينه وصون سمعته ومكانته والحفاظ على سلامته وعدم المساس بقدسيته والإضرار بمصالحه، إن قيمة الوطن والاعتزاز به تكمن في تجذير الشعور بشرف الانتماء إليه والدفاع عن سيادته واستقلاله وإرساء قاعدة الاحترام والثقة وقيم التسامح، فلا ندع الفرصة لمن يحاولون النيل من وحدته الوطنية وحمايته من الشتات والفرقة وعدم تأجيج الكراهية بين أبنائه التي تجر إلى نزاعات وقتل ودمار وتخريب.إذاً إن حب الوطن فعلاً أكثر منه قولاً، وليس شعارات ولا يمكن حصره في المظاهر السطحية، والبرهان الفعلي على حب الوطن أننا عند المحن والأزمات ومحاولة الاعتداء عليه وزعزعة أمنه واستقراره نتحول صفاً واحداً للوقوف معه كالبنيان المرصوص، ومهما اختلفنا في الرؤى والأطروحات والمذاهب والآراء والتوجهات لكن جميع الأطراف لابد أن يجتمعوا حول شيء واحد وهو (حب الوطن).فمن واجبنا أن نقف ضد كل من تسول له نفسه بيع وطنه بحفنة من المال ويتاجر بمشاكله وأزماته لتحقيق مصالحه الخاصة،ونقف أمام كل من يسعون للمكر به ويعمدون على نشر الفساد مخلفين دماراً شاملاً يقضي على مصدر للحياة والكرامة داخل الوطن.وفي حب الوطن علينا استشعار المسؤولية وعدم توفير أي جهد في سبيل رفعته وتقدمه والحرص على مكتسباته حتى إذا مرت عليه طائفة من الأزمات لا تنهار قوانا ونبدأ بالصراخ وندع الباطل يستشري في أوصاله ونلوذ بالصمت المطبق،فنحن في أوطاننا لا نطمح أكثر من الأمن والأمان والاستقرار في كل واد وقرية ومدينة وصحراء.