فلسطين المحتلة/14 أكتوبر/فيليب بوليلا ومحمد السعدي: دعا البابا بنديكت في مستهل زيارته للأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية المحتلة يوم أمس الأربعاء إلى وطن للفلسطينيين ذي سيادة وقال انه يصلي من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.وأعلن البابا بنديكت تأييد الفاتيكان لقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل كما أعرب عن تعاطف المسيحيين مع اللاجئين الفلسطينيين.وتعالت صيحات “يعيش البابا.. تعيش فلسطين” بينما كان بابا الفاتيكان يمر عبر جدران أمنية متعرجة بنتها إسرائيل لتفصل بين بلدة بيت لحم ومدينة القدس القريبة في اليوم الثالث لزيارته للأراضي المقدسة حيث كان في استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اتهم إسرائيل بمحاولة طرد المسلمين والمسيحيين من خلال فرض إجراءات أمنية شاقة.وشاهد البابا بنديكت بنفسه الحقيقة الفاجعة للموقف الفلسطيني حين مرقت سيارته من جانب برج مراقبة حصين عبر بوابة منزلقة من الصلب في الجزء الأسمنتي من الجدار العازل.وجدد البابا بنديكت في صباح يوم مشمس تأييد الفاتيكان لحل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو حل يؤيده عباس والدول العربية وتؤيده الدول الغربية الكبرى لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو يرفض قبوله كنتيجة مسلم بها للمفاوضات.وستكون هذه المسألة محور المحادثات التي يجريها نتنياهو الأسبوع القادم مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما.وفي كلمة له في مقر الرئيس الفلسطيني ببيت لحم قال البابا بنديكت موجها حديثه لعباس “سيدي الرئيس.. الفاتيكان يؤيد حق شعبكم في وطن فلسطيني ذي سيادة في أرض أجدادكم يعيش في أمان وسلام مع جيرانكم داخل حدود معترف بها دوليا.”وأضاف “أعرف حجم المعاناة التي تعرضتم لها وما زلتم تتعرضون لها نتيجة هذا الاضطراب العظيم الذي أصاب هذه الأرض طوال عقود. قلبي مع كل الأسر التي خسرت الكثير.” وصرح البابا بأنه سيزور مخيما للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم.وأمضى البابا بنديكت أمس الأربعاء في بيت لحم البلدة التي شهدت مولد السيد المسيح ويأمل الفلسطينيون أن تجذب زيارته للضفة الغربية المحتلة اهتماما بمعاناتهم تحت الاحتلال الإسرائيلي.وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين أو اجبروا على ترك منازلهم في حرب عام 1948 لدى قيام دولة إسرائيل، وقال البابا “قلبي مع الأسر التي شردت.”وأختص البابا بحديثه الفلسطينيين في قطاع غزة وتحدث عن الخسائر في الأرواح التي تكبدها الفلسطينيون خلال الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 22 يوما على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وانتهى في منتصف يناير كانون الثاني.وقال البابا “أؤكد.. لمن فقد من بينكم فردا من أسرته أو أحبائه في المعارك خاصة الصراع الأخير في غزة.. تعاطفي العميق وتذكرهم باستمرار في الصلاة.”وذكرت جماعة فلسطينية مدافعة عن حقوق الإنسان أن 1471 فلسطينيا من بينهم 926 مدنيا قتلوا في هجوم غزة.وفي القداس الذي أقامه في ساحة كنيسة المهد إلى جوار كنيسة المهد قوبل البابا بالتصفيق حين قال “قلبي يهفو لحجاج غزة الذي تعصف به الحرب.”، وأضاف “من فضلكم كونوا على يقين من تضامني معكم في العمل الهائل الذي يواجهنا الآن وهو إعادة البناء وأصلي من أجل رفع الحصار قريبا.”وعلق أمام البابا علم فلسطين بحجم كبير وهو يقيم القداس في بيت لحم الذي حضره نحو 5000 شخص. ولاحظ البابا المفارقة بين بيت لحم التي شهدت مولد السيد المسيح ومن المفترض أن يعمها شعور بالسعادة وكيف أن “هذا الوعد العظيم يبدو بعيدا عن المنال.”وفي أول زيارة له للأراضي المقدسة استرجع البابا بنديكت رسالة سلفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني قائلا “لا سلام دون عدل ولا عدل دون صفح.”وشجب عباس المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ومنهم عشرات الآلاف من المسيحيين.وذكر الرئيس الفلسطيني في كلمته “أعبر عن فائق شكرنا وتقديرنا لمواقف الكرسي الرسولي المتفهم لمعاناة شعبنا منذ حلت به النكبة قبل واحد وستين عاما. شعبنا الذي لا زال حتى يومنا هذا يطالب بتحقيق العدالة ويسعى صادقا لتحقيق السلام القائم على العدل.”وأضاف عباس “في هذه الأرض المقدسة هنالك من يواصل بناء الجدران الفاصلة بدلا من بناء الجسور الواصلة ويسعى بقوة الاحتلال إلى إجبار مسيحيي ومسلمي هذه البلاد على الهجرة من أجل أن تتحول أماكننا المقدسة إلى مجرد أثار للسياحة لا أماكن للعبادة تنبض بالحركة الدؤوبة والمتواصلة للمؤمنين، “أن قداستكم على اطلاع تام على الوضع القائم في القدس حيث يحيط الجدار العنصري بالمدينة ويمنع أهلنا من أبناء الضفة الغربية من الوصول إلى كنيسة القيامة أو المسجد الأقصى للصلاة. وتمارس ضد مواطنيها العرب مسلمين ومسيحيين كل أشكال القمع والاضطهاد ومصادرة الأرض ومنع البناء وهدم البيوت وفرض الضرائب الباهظة في سبيل تكريس ضم إسرائيل للقدس العربية إليها ولكن القدس العربية هي درة التاج وهي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”.وفي إقرار ضمني بالمخاوف الأمنية الإسرائيلية قال بنديكت “أمل من كل قلبي أن تهدأ سريعا المخاوف الخطيرة المتعلقة بالأمن في إسرائيل والأراضي الفلسطينية وان يحدث ذلك بالقدر الكافي بما يسمح بحرية حركة أكبر.”، وحث الناس على عدم “اللجوء...إلى الإرهاب.”واضطر آلاف المسيحيين في بيت لحم إلى السفر إلى الخارج بعد الحملة الأمنية التي شنتها إسرائيل ضد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 وبناء الجدار العازل الذي يقيد حرية الحركة.ونوهت أم لأربعة (45 عاما) تسكن في قرية قريبة من بيت لحم “نحن المسيحيين الفلسطينيين قلة لكن لدينا قوة. نحن فخورون بهذه الزيارة...واعتقد أن بوسعه (البابا) أن يحدث فارقا بالنسبة لنا. مازلت أؤمن بالمعجزات.”وانتقال مسئولي الفاتيكان إلى الأراضي الفلسطينية في الضفة قد يعفيهم من ضغوط شكاوى إسرائيلية من أن البابا لم يظهر قدرا كافيا من التعاطف مع معاناة اليهود في المحرقة النازية.وخلال قداس أقيم يوم الثلاثاء كرر فؤاد طوال بطريرك القدس أمام البابا تطلعات الشعب الفلسطيني إلى “دولة حرة مستقلة.”وكرر بابا الفاتيكان بنفسه لدى وصوله إلى إسرائيل يوم الاثنين تأييد الفاتيكان لقيام دولة فلسطينيةواتهم ريوفن ريفلين رئيس البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) البابا الألماني المولد يوم الثلاثاء بعدم ابداء اهتمام بمعاناة اليهود في المحرقة النازية. وفي مقابلة إذاعية انتقد ريفلين كلمة البابا التي ألقاها يوم الاثنين في نصب ياد فاشيم التذكاري لليهود الذين قتلوا في المحرقة النازية.وفي ياد فاشيم تحدث البابا عن “مأساة المحرقة المروعة” مستخدما الكلمة العبرية التي تعبر عن المحرقة ولكنه خيب أمال بعض الزعماء الدينيين اليهود الذين قالوا انه كان يتعين عليه الاعتذار كألماني وكمسيحي عن تلك الجريمة.وقال متحدث باسم الفاتيكان أن البابا الألماني المولد لم يكن “مشاركا نشطا” في الحركة النازية وانه جند رغم إرادته وانه خدم فيما بعد في القوات المسلحة الألمانية.ويقيم البابا قداسا يوم الخميس في الناصرة بشمال اسرائيل حيث نشأ السيد المسيح. ويعيش في منطقة الجليل المحيطة غالبية المسيحيين الذين يقدر عددهم بنحو 154 ألفا حيث يلتقي البابا مع نتنياهو، ومن المقرر أن يعود البابا إلى روما يوم الجمعة.