مدن ومعالم
عرفت شبام حضرموت بناطحات السحاب في كتب الرحالة والمستشرقين فهي عند الألماني هانز هلفرتيز (شيكاغو الصحراء) وعند فيزمان (نيويورك حضرموت) وشبهها الهولندي فان ديرمولين بـ (الكعكعة التي يرش عليها السكر الأبيض).مدينة شبام التاريخية تبعد عن مدينة سيئون باتجاه الغرب حوالي (19 كم) عبر طريق أسفلتي محفوف بأشجار النخيل الباسقة كان إلى ما قبل خمسة عشر سنة مرصوفاً بالأحجار كتلك التي في صنعاء القديمة.مدينة شبام تتوسط وادي حضرموت كقلعة مهيبة تتكئ على ربوة ترابية ترتفع عن مستوى سطح الوادي حوالي (30 متراً) في مساحة إجمالية تبلغ حوالي (68.000 متر)، يقولون عنها أنها نشأت على أنقاض شبام القديمة في حوالي القرن (2 - 4) ق.م حيث كانت مركزاً للوادي وللكثير من الدول التي حكمت حضرموت عبر قرون طويلة من الزمن وكانت إحدى المحطات التجارية الهامة في اليمن التي كان يقصدها كثير من التجار نظراً لموقعها الهام على طريق القوافل باعتبارها مدينة زراعية تنتج مختلف المحاصيل والثمار المختلفة.تتراءى للقادم من بعيد كأنها قطعة مجسم أوانها بناية واحدة مؤلفة من مجموعة منازل متلاصقة ذات ملامح وأشكال وألوان متناسقة لبناياتها الطينية التي جعلت من شبام المدينة مدرسة في هندسة وفنون العمارة الطينية، حيث تبنى منازلها بالطين المخلوط بالتبن وتغطي سقوفها بأعواد أشجار العلب وجذوع النخيل وتعتبر من أكثر المنازل ارتفاعاً في حضرمرت حيث تتألف من سبعة إلى ثمانية طوابق ولكل طابق من الطوابق خصائصه ووظائفه، ويستخدم الطابق الأول كسكن للحيوانات ومخازن للأعلاف، والطابق الثاني كمخازن للحبوب والمواد الغذائية والثالث خاص باستقبال الضيوف من الرجال، والرابع خاص باستقبال الضيوف من النساء والخامس غرف طعام ونوم للأطفال والسادس غرف نوم للكبار والسابع والسطوح يخصصان للنوم في وقت الصيف، وتحيط بمنازل المدينة التي تزيد قليلاً عن خمسمائة بيت سور منيع يصل ارتفاعه حوالي (7 - 9) أمتار تتوسطه من الناحية الجنوبية بوابة وحيدة يطلق عليها محلياً (السدة) كانت تغلق ليلاً وتفتح نهاراً، وبتلاصق المباني المتجاورة مع بعضها البعض تشكل هي الأخرى سداً منيعاً ضد أي غازٍ معتدٍ، والمرأة الشبامية تجد المتعة تخاطب جارتها عبر النوافذ اختصاراً لمسافة النزول والصعود عبر درجات وسلالم المنازل المتلاصقة والمتقاربة.ومن المعتاد في شبام أن تغلق جميع المحلات والدكاكين بعد صلاة الظهر ويعود الناس جميعاً إلى منازلهم الطينية للراحة والقيلولة ويستمر هذا إلى صلاة العصر حيث تدب الحياة والحركة من جديد لإحياء شوارع المدينة بعد أن كانت شبه خالية.جامع هارون الرشيد يتوسط المدينة ويعتبر أكبر مساجدها، وهناك بيت جرهوم الذي رمم في عام (97م) وبدعم من الحكومة الهولندية ويعتبر من أقدم البيوت في شبام ونموذجاً للبيت الشبامي وسيتحول بيت جرهوم لمتحف شعبي يعرض طريق الحياة اليومية في البيت الشبامي كما سيتم تحويل بيت معروف باجمال الذي تم استئجاره من الأوقاف ورمم سنة (96م) بدعم من مركز التراث العالمي وتمويل حكومي إلى مركز للحرف اليدوية أو مركز للمعلومات.يذكر بعض المؤرخين بأن شبام كانت توصف بالصفراء نسبة إلى بني مصفر الملوك الذين أسسوها تمييزاً لها عن باقي المدن اليمنية الأخرى التي تأخذ نفس الاسم كشبام كوكبان وشبام حراز وشبام الغراس.كما ذكرت بعض المصادر التاريخية بأن شبام موجودة منذ القرن الثاني قبل الميلاد لكنها اشتهرت وبرزت في الفترة من القرن الثاني إلى الرابع الميلادي.اعتنق أهل مدينة شبام الدين الإسلامي كغيرهم من أبناء بلد الإيمان والحكمة وأصبحت عاصمة في فجر الإسلام لمخلاف حضرموت خصوصاً في عهد عامل الرسول زياد بن لبيد الانصاري واستمرت كذلك في عهد بني أمية ورفضت المذهب الأباضي الذي انتشر في تلك الفترة.وأنجبت مدينة شبام التاريخية أعلاماً كانت لهم الريادة في مختلف جوانب الفكر والأدب الديني والتاريخ والهندسة وغيرها من العلوم المختلفة نذكر منهم الصحابي الجليل الأشعث بن قيس الكندي أول من خرج من ملوك كندة في وفد كبير لملاقاة رسول الله.