إن الضفادع من الحيوانات البرمائية، أي التي تستطيع أن تعيش على اليابس وفي لُجة المياه؛ ذلك لأنها تتنفس الهواء الجوي عن طريق رئتيها، وإن كانت حركتها في الماء أسرع؛ فقد هيأها الله (سبحانه وتعالى) عن طريق طرفيها الخلفيين؛ فهما طويلان، ولكل منها قدم مُكَفَّف يعمل على المجداف في السباحة والعوم. وهي من الحيوانات ذوات الدم البارد، التي تتأثر كثيرًا بدرجة حرارة البيئة أو الوسط الخارجي الذي يحيط بها؛ ومن أجل ذلك فإننا نلاحظ هذه الحيوانات طوال فصلي الربيع والصيف وشطرًا من فصل الخريف وهي تتجول هنا وهناك حول المجاري المائية وفي الحقول الزراعية؛ حيث تصدر أصواتاً مميزة يطلق عليها نقيق الضفادع، وتمارس أوجه نشاطها المختلفة من تغذية وتكاثر؛ حيث تتغذى على الحشرات والكائنات الحية الدقيقة والصغيرة التي تصادفها في محيطها، مستعينة في ذلك بلسان عجيب، مثبت من الأمام، سائب من الخلف، فإذا صادفت فريسة أسرعت بفرد هذا اللسان إلى الخارج فلا تخطئ فريستها ما دامت في مرمى اللسان. ومما لا شك فيه أنها تلتهم غذاء يفوق احتياجاتها، الأمر الذي يتيح لها اختزان المقادير الزائدة منه على هيئة أجسام دهنية بداخل جوفها، وتكون هذه الدهون من الكثرة والوفرة بحيث تبهر الإنسان، وتصيبه بالدهشة إذا ما قام بتشريح واحدة من هذه الحيوانات في أواخر فصل نشاطها. وبحلول فصل الشتاء؛ حيث تنخفض درجة حرارة الجو المحيط، فيكون من المحتم على هذه الحيوانات أن تحفر لأنفسها حفراً عميقة في وحل المجاري المائية، أو تخلد إلى السكون في الأماكن الرطبة الهادئة، وتعلن إمساكها عن الطعام والشراب طيلة فصل الشتاء، معتمدة على مقدار الدهن الذي اختزنته في أجوافها أثناء فترات النشاط. ولا شك أن هذا المقدار يكفيها طيلة هذه الفترة، علمًا بأنها تقتصد في استخدامه، فتنخفض معدلات العمليات الحيوية في أجسامها إلى حدودها الدنيا، فهذه الفترة يطلق عليها «البيات الشتوي». فإذا ما بدأت أحوال الجو تأخذ في التحسن في بداية الربيع التالي، فإن هذه الحيوانات الساكنة لا تلبث أن تشعر بتحسين الجو، ثم يدب فيها النشاط، فتخرج من مخابئها، وتتناول ما تجده من طعامها، متحلِّلة بذلك من صوم طال مداه. والطريف في هذا المجال أن هذه الأفراد التي تخلصت من أوزانها الزائدة تتحرك في خفة ورشاقة، وقد استعدت للقيام بعملية حيوية هامة، فهي مقْدمة على فترة التكاثر والتزاوج، فتصدر الذكور أصوات الغزل التي لا تلبث الإناث أن تنجذب إليها لتلبية نداء الغريزة الجنسية، وكأنها بأصواتها هذه تحاكي بني البشر حينما يتحلَّلون من صيامهم مبتهجين مسرورين، وصدق رسول الله؛ إذ يقول عن أيام الأعياد: «إنها أيام أكل وشرب وبعال».[c1]* أستاذ علم الحشرات -كلية الزراعة - جامعة الأزهر[/c]