علماء الإسلام يؤكدون:
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربيةطالب علماء أزهريون بضرورة تنقية كتب التراث الإسلامي من الروايات الضعيفة والإسرائيليات التي تتناقض مع المنطق العقلي السليم وقالوا إن ذلك ضروري لحماية هوية الأمة من أعداء الإسلام الذين يستخدمونها للطعن في أصوله ويستغلها أصحاب الفكر المتطرف المشبوه لفتح أبواب المحرمات سعياً لتحقيق الإثارة والحصول علي مكاسب شخصية دنيوية.وأكدوا أنه علي الرغم من تصدي بعض العلماء الإجلاء لهذه القضية الخطيرة إلا أنها لا تعدو كونها جهوداً فردية لا تكفي في هذه المسألة الحيوية ، والتي تمثل تراث الأمة الذي يشكل أساس وجودها·وأشاروا إلي ضرورة التحرك الجاد من خلال المؤسسات الإسلامية مع رصد كافة الإمكانيات وتذليل كل العقبات حتي تستطيع تلك المؤسسات النهوض بهذه المسئولية الكبيرة لحماية الأمة من كيد أعدائها·وأكد د· محمد الدسوقي أستاذ أصول الفقه بالجامعات الإسلامية: أن قضية تنقية كتب التراث تحتاج لمعالجة موضوعية جادة وواعية تدرك أن التراث فكر إنساني يعبر عن مفاهيم علماء الكتاب والسنة وأن هذا الفكر بشري لا يخلو من بعض الهفوات أو الاجتهادات التي يمكن الرد عليها·وأوضح: لكن هذا لا يعني أن تراثنا مليء بالأفكار الفاسدة فنحن ننفرد بأن تراثنا صدي لعقيدتنا وأن بعض الذين يتخذون من الروايات الضعيفة أو المدسوسة عمداً في تراثنا نيتهم فاسدة ولديهم أهداف خاصة حول الطعن في كل التراث الإسلامي ودوره الحضاري، كي لا يعترفون باسهاماته في بناء الحضارة الإنسانية، علي الرغم من أن الإسلام في الأندلس وغيرها ساعد الغرب علي التقدم والخروج من عصر الظلام عندما تم نقل الفكر والنتاج العلمي لعلماء الإسلام وترجموا كتب التراث وفي مرحلة تالية درسوا هذا التراث جيداً بهدف التعرف علي الشخصية العربية الإسلامية قبل توجههم لاستعمار عالمنا الإسلامي ، كما أنه لا يستطيع أحد أن ينكر وجود ملايين الكتب والمخطوطات العربية الإسلامية في مكتبات أوروبا·وأضاف د· دسوقي: إن الذين يتعقبون ما دس في تراث الأمة من أفكار غير إسلامية ويهاجمون الصحابة يسعون للطعن في الإسلام وليس الصحابة والتشكيك في كل الثوابت الإسلامية مما يعد ظاهرة مخطط لها من جهات معينة تخدم أعداء الإسلام ولا تسعي للحرية الفكرية كما يدعون·وقال : إبان هذا الصراع الذي تتعرض له الأمة من حروب ساخنة وباردة كي لا تحقق نهضة أو مستقبلاً كريماً يجب علي المؤسسات الإسلامية أن تهتم بالرد علي هذه الافتراءات خاصة إذا كانت ممن يحملون أسماء إسلامية ومطلوب من الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بذل مزيد من الجهد لتفنيد هذه الأباطيل، أما السكوت فخطأ كبير يزيد من مساعي أعدائنا للنيل من ديننا، كما يجب أن نبين أن قضية تنقية كتب التراث لاتمثل مشكلة تقلقنا لأنه يمكن معالجتها خاصة أن العلماء قديماً وحديثاً تنبهوا إليها وكتبوا فيها أبحاثاً وردوا عليها بطريقة موضوعية غاية في الوضوح والدقة·[c1]طعن وتشكيك[/c]وقال د· محمد عبدالسلام نصار أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: يجب أن يوكل بمهمة تصحيح هذه الأخطاء الموجودة بكتب التراث لمجموعة من العلماء المتخصصين في كل مجالات الثقافة والفكر الإسلامي وتوضع ضوابط تتبع في التعامل مع كتب التراث لتخليصها من الروايات التي ليس لها سند من الشرع أو منطق من العقل·وأضاف: إن هذا الأمر أصبح واجباً في ظل محاولات التشويه التي يتعرض لها التراث الإسلامي من قبل الحاقدين علي الإسلام وأن تتولي هذه العملية هيئة علمية متخصصة كمجمع البحوث الإسلامية الذي يعد المرجعية العليا، التي تصلح لتولي هذه المهمة لتكوينه من لجان متخصصة في كل مجالات الفكر الإسلامي وأن هذه المسألة من صميم أعمال المجمع لأن هذه القضية الخطيرة تحتاج لجهد جماعي لا معالجتها بالجهود الفردية·[c1]علماء ثقة[/c]وقال د· محمد علوان أستاذ الحديث والسنة النبوية بجامعة الأزهر: نحن في حاجة لعلماء نثق فيهم ويكون هدفهم الأساسي دعوة الناس للتمسك بدين الله ويتبلور هدفهم هذا في المنادة بإحياء التراث الإسلامي عن طريق تنقيته اسهاماً في تقدم المسلمين ورقيهم، لأن هدف الإسلام الأساسي في كل زمان ومكان إيجاد مسلم معاصر مرتبط بالأصل لا ينفصل عن العصر ومتمسك بدينه دون مغالاة متحلياً بالوسطية في كافة شئونه الدينية والدنيوية ومستوعباً لمستجدات وواقع عصره، ويشدد علي أن أهم سبل خلق هذه الشخصية المسلمة اليوم هو إعادة صياغة الخطاب الديني ليكون انعكاساً للوسطية الإسلامية ولن يتم هذا إلا بوجود نوع راشد من أنواع التنقية لكتب التراث خاصة تلك التي يتم تداولها بين العامة لما تحويه من حشو يعتريه الغلو والمبالغة ، ولا مانع من أن تظل بعض الرؤي المختلفة في صحتها بكتب التراث الديني مع اقتصار تداولها بين العلماء المتخصصين حتي لا تفتح الباب أمام أعداء الإسلام الذين يبغون الإساءة إليه بمختلف الأساليب والسبل·وأضاف: يجب أن ندرك أننا ونحن ننادي بهذا إنما نعتز بتراثنا ولا نفرط فيه لأنه كل نتاج المسلمين البشري الذي يمثل هويتنا الثقافية والحضارية ويجب أن ينصب الاهتمام بهذا التراث في البحث عن الجذور الحقيقية للشخصية العربية الإسلامية لتستعيد الأمة ثقتها بنفسها وقدرتها علي البناء والتطور الحضاري وتسير بخطي ثابتة علي أرض صلبة مستندة علي رصيد حضاري ضخم·[c1]أمر مطلوب[/c]وقال د· محمد أبوليلة رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: إن تنقية كتب التراث الديني من الشوائب أمر مطلوب فمنذ عهد الخلفاء الراشدين كان الصحابة لا يأخذون إلا من أهل العدل والثقات ويتركون أهل الفسق والبدع فلا ينقلون عنهم بل ويحذرون منهم، وعلي هذا الأساس لابد أن يستمر العلماء ليخرجوا للناس الصحيح من خلال منهج واضح منضبط لقطع الطريق علي المتشككين ومن يطلقون الشبهات والإفتراءات ضد الإسلام·وأضاف أبوليلة: مع الأخذ في الاعتبار أن هناك فئة يحاولون استغلال هذا المنهج لينادوا بالتخلي عن بعض المسلمات الدينية، بزعم أن هذا هو سبيل التقدم وهدفهم محاولة إقتلاع الهوية الإسلامية والاستعاضة عنها بالهويات الغربية، مما يجعلهم يمثلون الجانب الآخر من التطرف مقابل الفريق الذي يرفض المساس بكتب التراث وتنقيتها من الشوائب العالقة بها ، ولذا وجب التحذير وبشدة عند التعامل مع هذه القضية التي يجب معالجتها من خلال المصادر الصحيحة المتمثلة في العقل والنقل علي أن تتبناها هيئات ومؤسسات دينية رسمية حتي لا يظل الإسلام أسيراً لأقوال وفتاوي لا تمت له بصلة ولا تعبر عن حقيقته وجوهره، وأنا أذكر في هذا السياق حديثاً ورد في مسند ابن ماجة جاء فيه حدثنا بن خلف عن عبدالأعلي عن محمد بن اسحاق عن عبدالله بن أبي بكر عن عائشة قالت: “لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله > وتشاغلنا بموته دخل واجن فأكلها” وهو بالطبع حديث مدسوس ولكنه للأسف موجود ولهذا فنحن في حاجة لمشروع قومي لتنقية كتب التراث·