إنصاف تاريخ الثورة
نصر صالح كثيرة هي الكتب التي تناولت الثورة اليمنية، وأرخت لها بصورة من الصور، وأكثر منها الكتابات والتغطيات الصحفية المتعاقبة ( كلما حانت مناسبة وطنية) التي تناولت ومازالت تتناول الثورة بمختلف اساليب العمل الصحفي.. ولكن. وبرغم كل ذلك، فماتزال هناك عدد من الوقائع ناقصة، والعديد من الحقائق غائبة.. أو مغيبة.وفيما تيسر نشره، وهو كثير، تجد أن عدداً من الأدوار لأطراف معينة اما مهمشة أو محرفة، أو مبتسرة مجتزأة، هذا إذا لم يتم إغفالها أو حذفها من السياق. [c1]حيرة:[/c]ويحار المرء.. كيف أن أحداثاً ماتزال يلفها الغموض، رغم الهامش المتاح من حرية القول والكلمة في السنوات القليلة الأخيرة، وهو الهامش الذي لم يستفد منه الفرقاء، على اختلافهم، سوى في توسيع دائرة (تباري) أقلامهم في الاختلاف حول عدد من موضوعات الثورة في وقائع وأحداث وأدوار بعينها على امتداد محطات ومنعطفات الثورة.. وللأسف فانه في عدد من الحالات يكون الخلاف ليس فقط في التفسير، ولا قصور في التقدير، وانما بدافع الإدعاء وتعمد التجيير.وأكثر ما يحار له المرء أنه برغم مرور (44) عاماً على ثورة 26 سبتمبر 1962م و(43) عاماً على ثورة 14 أكتوبر 1963 م.. ومرور (39) سنة على الاستقلال الوطني للجنوب اليمني وجلاء الاحتلال البريطاني في 30 نوفمبر 1967م، ما يزال الحال على ما هو عليه تقريباً.. وأكثر من ذلك: فهناك أحداث ووقائع ماتزال من الأسرار المخفية عن الجمهور[c1] الزمن..[/c] الزمن يتقدم.. وفي تقدمه، يأخذ معه الواحد تلو الآخر ممن تبقى من رجالات الثورة والتحرير (المصادر الأكثر وثوقاً لمجريات ما مضى من وقائع وأحداث) فضلاً عن فقدان شهود عيان من بقية الناس ممن عاصروا مسيرة الثورة.وأكثر ما يخشاه المرء، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، أن يأتي يوم لا تجد فيه الأجيال الجديدة شاهد عيان واحد تستدل منه على الحقيقة.إنه، وبقدر أهمية وعظمة الثورة اليمنية، تعظم مهمة استكمال تدوين تاريخها، وتصويب بعض ما شابه من أخطاء مما تم تداوله ودون فعلاً.. أي إعادة كتابة كل ما جرى عبر مسيرة الثورة منذ بداياتها الأولى، ومروراً على كل منعطفاتها، كما هي في الواقع دون نقص أو انتقاص.. ودوّن زيادة أو غلو. [c1] مبررات..[/c]قد التمس العذر والمبرر لمن كلّفوا رسمياً بصياغة أحداث ووقائع الثورة وعرضها كما كانت تفرضه ظروف ومعطيات ماضوية بدواعي معنوية وسياسية فرضتها توجهات معينة في سنوات الثورة الأولى.. لترسيخ أو تثبيت نهج أو توجه ما.. لكننا، تجاوزنا تلك المرحلة.. مرحلة (الشرعية الثورية) منذ ستينات القرن الماضي وحتى ثمانينياته، وانتقلنا إلى مرحلة أخرى متقدمة في تسعينيات ذلك القرن: "مرحلة تثبيت الوحدة" وها نحن ذا قد تجاوزنا كل ذلك، وانتقلنا إلى مرحلة "الشرعية الدستورية" بمضامينها الجديدة المؤسسة على النظام الديمقراطي.. بمقومات المجتمع المدني.
