عبدالرحمن الراشدالدكتور أيمن الظواهري هو آخر من بعث مهنئا حركة ((حماس)) الفلسطينية بفوزها في الانتخابات ، ووصولها الى سدة الحكومة ، وحكمها أغلبية المجلس التشريعي. والدكتور الظواهري، والكل يعرفه، ابرز المقاتلين بالسلاح من اجل منح الحركة الإسلامية الحكم. الرجل الثاني في تنظيم (( القاعدة )) هاجر الى افغانستان من أجل « حكم إسلامي » وعندما قبض عليه بالقوة عاد وخسره بالقوة أيضا. ومباركة الظواهري لحركة ((حماس)) سبقتها تهاني الحركات الاسلامية بنتائج الانتخابات الساحقة، التي هزت غريمتها فتح، وروعت الحكومات المعنية في المنطقة وخارجها. والسؤال الواقف امام (( حماس )) ، مع تعاظم التوقعات من وراء فوزها ، هل ستكون مثل شقيقتها التركية فتنخرط في العمل السياسي وفق المقاييس التركية ، ام ستؤول الى ما آلت اليه حركــة ((الانقاذ )) الجزائرية التي كسبت الانتخابات وخسرت الحكم ؟ وقبل ان نتسرع في طرح ما يتوقع منها، لا بد ان نعرج اولا على حقيقة مهمة جاءت بالنتيجة. فالذي اوصل (( حماس )) الى النتيجة المدهشة ليست اصوات الناخبين، فحركة (( حماس )) لم يكن ينقصها الجماهيرية ، ولم يوصلها النظام الدستوري الانتخابي الفلسطيني ، لأنه حال دونها والحكم من قبل . الحقيقة الجديرة بالتأمل ان حماس استفادت من التطور السياسي الاقليمي الذي فرض على المنطقة من الخارج، وتحديدا من الجانب الاميركي الذي اصر على الديمقراطية الانتخابية معتقدا انها افضل حليف له. بدون ذلك كان يستحيل على(( حماس )) ان تبلغ ما بلغته، ففتح قادرة على خلق الحواجز وحكر الانتخابات على مرشحي منظمة التحرير، وطبخ نتائج مناسبة للقيادة السياسية. بدون التدخل الخارجي ، كانت (( حماس )) ستظل منظمة مقاتلة ضد العدو الصهيوني وبلا مشاركة سياسية. بل الى قبل عام كانت(( حماس )) ستخضع لرغبة السلطة الفلسطينية التي تنوي في آخر المطاف حصر السلاح بالسلطة. اليوم (( حماس )) في الحكم ، وبرغبة شعبية، وباقرار دولي. لكن من نفس الباب الذي دخلته (( حماس ))، يمكن ان تخرج منه لو تكالبت عليها القوى ، بدعوى انها ليست بمنظمة مدنية مؤهلة للحكم ، وستنتهي مثل الانقاذ الجزائرية التي تحدت وتوعدت وحاربت وخسرت في النهاية. الجانب الآخر هو ماذا تريد (( حماس ))؟ هل تريد ان تكون قائدة للحركات الاسلامية السياسية في المنطقة ، فتفتح امامها الدرب فيصل الاخوان الى الحكم في مصر والإخوان في الأردن الى رئاسة الحكومة مثلا ؟ ام انها تريد ان تحقق للناخب الفلسطيني أمنيته بتحرير ارضه وإقامة دولته المستقلة ، وحكما من اختيار شعبه؟ الظواهري عنده الاجابة ، فهو حارب وحارب وعجز عن تحقيق حلمه ، اما (( حماس )) فحاربت ووصلت وفق الأصول. وهنا مسؤوليتها اعظم من ان تنجر وراء تشجيع الجماعات الخاسرة ، الراغبة في احراج الانظمة ونشر الفوضى . لو نجحت (( حماس )) في الانخراط ديمقراطيا ، وأكملت مسيرة السلطة الفلسطينية واهتمت بواجباتها كممثل للفلسطينيين، لا للحركات الاسلامية في انحاء العالم ، لاستطاعت ان تقدم المشروع النموذج الذي كل يقول باستحالة نجاحه. حماس منحت فرصة نادرة في تاريخ المنطقة ، لم تحصل عليها اي حركة شعبية أخرى ، ومن السهل ان تخسرها ان سارت وراء اعلام المهللين الراغبين في تحرير العالم ، او خلط الاوراق لأغراضها كما تريد ايران. القرار في يد قادة (( حماس )) .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنقلا ً عن / ( الشرق الأوسط )
|
مقالات
(( حماس )) بين فلسطين والحركات الإخوانية
أخبار متعلقة