تلقت 14 أكتوبر تعقيباً على مانشر في عدد الجمعة الماضي 2008/3/2م العدد 14059 بعنوان الرسول الأمي لا تعنى الجاهل للقراءة والكتابة جاء فيها..الأستاذ/ احمد محمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر حياكم الله وحفظكمأطلعكم بأنني من قراء صحيفتكم ومن المعجبين بسياستكم في النشر وخصوصاً تنوع الموضوعات مما يفيد القارئ كما إنني معجب بكتاباتك التي تبرز فيها شخصيتك بما يدل على وعيك وسعة علمك واطلاعك على الموضوعات عن كثب.أشار للموضوع اعلاه.. فقد جاء كاتب المقال بأمر لم يقل به الأولون من الأئمة والمجتهدين كما انه أراد ان يثبت امراً مخالفاً للحكم الثابت، وهو ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان امياً لا يعرف القراءة والكتابة وذلك بنصوص القرآن القاطعة التي تؤكد ذلك، لقولة تعالى:” وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذاً لارتاب المبطلون”(1).في هذه الآية يخاطب الله الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول: انك يا محمد لو كنت قارئاً كاتباً لشك فيك اليهود وقالوا: الذي في التوراة- أي النبي القادم الذي اخبرهم به الله- أمي لا يقرأ ولا يكتب(2) وعليه فان القول بغير ذلك يكون مخالفاً لما جاء في القرآن والتوراة.كما ان في قوله تعالي: “ سنقرئك فلا تنسى إلا ماشاء الله انه يعلم الجهر وما يخفى””3” ففي هذه الآية الله سبحانه وتعالى يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ان جبريل سيقرأ عليه القرآن فيجب عليه - صلى الله عليه وسلم- ان لا ينساه من نسخ تلاوته وحكمه، فكان يجهر بالقراءة مع قراءة جبريل خوف النسيان(4) فلو كان يعلم- صلى الله عليه وسلم- القراءة والكتابة لكان كتب القرآن حتى لا ينساه ويتيسر له حفظة.كما ان الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت فيها بخبر واحد يخبرنا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة ولو كان يعرف لنقل لنا الصحابة ماعلموه كما نقلوا لنا صفاته واحكامة- صلى الله عليه وسلم- فكيف يمكن القول بغير ذلك؟كما ان السيرة النبوية قد جاءت مفصلة لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم من مولده إلى وفاته ولو كان صلى الله عليه وسلم تعلم القراءة والكتابة لكانت ذكرت كتب السيرة ذلك كما ذكرت مرضعته واسمها ومكان رضاعته كما ان التعليم من الأمور المهمة أيضاًوالذي ينبغي ذكره كذلك.كما إنني أقول أن العلم الشرعي مثله مثل أي علم آخر مبنى على أصول وقواعد ينبغي الالتزام بها حتى يمكن التواصل إلى نتيجة معينة، فعلم الرياضيات مثلاً: فمن اجل حل معادلة معينة ينبغي فهم هذه المعادلة واشتقاقاتها حتى يمكن الوصول إلى النتيجة الصحيحة.أما اذا جئنا باشتقاق غير صحيح وتوصلنا به لاى نتيجة فإن هذه النتيجة ستكون حتماً غير صحيحة وذلك ليس لوجود خلل في علم الرياضيات وانما كان نتيجة الاشتقاق الخاطئ او التصور الخاطئ.فكذلك العلم الشرعي ايضا فمن اجل إثبات حكم او نفيه ينبغي الاستدلال بالآيات القرآنية وتفسيراتها الصحيحة وكذلك الأحاديث الصحيحة وشروحاتها وكذلك فهم الصحابة لهذه الآيات والأحاديث حتى يمكن استنباط حكم شرعي صحيح.صحيح اننا قلنا ان العلم الشرعي مثله مثل أي علم آخر الا انه يزيد عن العلوم الأخرى ان له خصوصية خاصة لارتباطه بأمور العقيدة والعبادات لما لها من أهمية بالنسبة للإنسان المسلم كما ان الخوض في الأمور الشرعية بدون دليل فيه مساس بمشاعر الآخرين اياً كان هذا الدين لما للأديان من قدسية ينبغي عدم التعرض لها او لأنبيائها بأقوال مخالفة لما فيها أو لتاريخها.كما ان المسائل الدينية في دول العالم اجمع لا يخوض فيها بالشرح او بالتفسير او باستنباط الأحكام الا المتخصصون بذلك كالفقهاء والباباوات والحاخامات فيكون القول من غير ما ذكرنا قولاً غير ملزم فالله سبحانه وتعالى يقول:” فأسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون (5) وذلك مما عندهم من علم يستطيعون من خلاله الإفتاء في الأحكام.كما ان هناك امراً ينبغي الإشارة إليه وهو ان الله سبحانه وتعالى بعث كل نبي إلى قومه وايده بمعجزة بما شاع عندهم- أي قومه ومن أمر فبعث الله موسى إلى فرعون في الفترة التي شاع فيها السحر وكان للسحرة مكانة فكان تحويل عصا موسى إلى حية تاكيداً على إنها معجزة من عند الله وذلك عندما استيقن سحرة فرعون أن ماجاء به موسى هو إعجاز من الله الأمر الذي أدى بهم إلى الإيمان برسالة موسى، كذلك بعث الله عيسى ابن مريم في زمن انتشرت فيه الأمراض وتطور الطب فكانت المعجزة التي أيده الله بها هو قدرته على علاج الأمراض التي يعجز الطب عن علاجها في ذلك الزمن وفي زمننا الحاضر ايضاً وفي ذلك تأكيد على ان ما عنده من قدرة على علاج الأمراض إنما هو إعجاز من الله.كذلك بعث الله سبحانه وتعالى محمد صلى الله عليه وسلم و أيده بمعجزة القرآن الكريم لما فيه من إعجاز وقد ثبت الإعجاز بتحدي القرآن للعرب- وهم أهل الفصاحة والبيان. المخالفين من ان يأتوا بمثل هذا القرآن (6).ففي كل هذه المعجزات التي أيد الله بها أنبيائه لم يثبت عنهم صلوات الله وسلام عليهم إنهم قد تعلموا السحر أو القراءة والكتابة وذلك حتى لا يكون هناك مجال للتشكيك في هذه المعجزات التي أيدهم الله بها.والله من وراء القصد[c1]- هامش :[/c]1-سورة العنكبوت الآية(48)2 -تفسير الجلالين، للإمامين الجليلين جلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر السيوطي وجلال الدين محمد بن احمد بن محمد المحلي، الطبعة الرابعة دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان 1989 الجزء الحادي والعشرون الآية(48) س 204.-3سورة الأعلى الآية(7.6)4 - تفسير الجلالين - مرجع سابق - الجزء الثلاثون الآية 6 - 7 ص 592-5سورة النحل الآية(43)6 - د . عبدا لكريم زيدان، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية الطبعة السادسة عشرة، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان 2001م ص156.[c1]*معيد/ حسين محمد حسين لشعنكلية الحقوق - جامعة عدن[/c]
|
آراء حرة
تعقيب
أخبار متعلقة