يوسف الكويليتثلاث ضربات موجعة في الجزائر والعراق، ولبنان، ورغم فوارق التوقيت في هذه التفجيرات وأسبابها، فالمؤسف أنه لا يوجد وطن يكافئ نفسه بالموت وتدمير ممتلكاته بثارات عبثية، غير الوطن العربي، ومع إدراكي أن الكتابة في هذه المواضيع مؤلمة وثقيلة على القارئ العربي الذي يواجه المآسي مع إشراقة الشمس وغروبها، عليه أن يدرك أن منافذ الجريمة لا يمكن غلقها أوإنهاؤها، ما لم يُقطع شريان الممول، ومفتي التكفير، وأبواب الإنترنت، والمحطات الفضائية التي لا تعلن تأييدها للإرهاب وإنما تبرره بلغة تغري من يقف على نفس العتبة بهذا التسويغ والدعم للعمل الخيري، والبطولي، وفق مفاهيم وقناعات تلك الجماعة.. قد يكون تفجير لبنان ناتجاً عن وضعه الداخلي المتشابك إقليمياً مع الخارج، ومأساة لبنان أن المواطن هناك لا خيار له، وهو الذي عاش التبعية التاريخية للوجوه السياسية التقليدية التي بنت عقائدها وسلوكها على الانتصار للفئة والمليشيا والطائفة، ثم ورّثتها للأبناء والأحفاد لتتراكم هذه التعقيدات وتتحول إلى نمط سلوكي خسر هذا البلد كل فرص البناء والتقدم.. في العراق الموضوع مختلف حيث الكل احترف تصفية الآخر، وصوت العقل الذي يحاول حماية الوحدة الوطنية بقي بعيداً وغير مسموع، ومن هنا صار القتل مشروعاً عاماً انتظمت فيه المليشيات والقاعدة، وغذته أطراف إقليمية ودولية، ولهذا السبب شكّل الفراغ السياسي حزمة من التباينات التي أوصلته إلى أسوأ حالة في تاريخه الحديث.. أما الجزائر فيبدو أن ذيول التنظيمات الدينية المتطرفة لاتزال قائمة، والمشكل في هذا البلد الغني بموارده ومواطنيه، وجواره الأوروبي الذي مثلما تسبب في الاستعمار والنكبات، قادر أن يكون مدرسة وجامعة لتعلم أساليب العلم والحضارة من خلال استقلالية تامة، أن العوائق الداخلية والتي منها صراع اجتماعي طويل بين الفرنسة والعروبة، والأمازيغية، ثم عدم اتخاذ قرارات توازي أهمية هذا البلد عربياً وأفريقياً ودولياً، وعدم اتخاذه منهجاً إصلاحياً كبيراً، أعطى للقاعدة وغيرها فرص اختراق الحواجز الأمنية الجزائرية واستهدافها، ثم إن العلاقات المغاربية، التي بدلاً من أن تخلق حزاماً أمنياً مهماً، وتكاملاً اقتصادياً وسياسياً وفق مصالح تزيل شبح الخلافات على الصحراء أو مواريث ما خلّفه الاستعمار حتى يمكن لهذه البلدان أن تعيد بوصلة توجهها نحو بناء أكثر رسوخاً وأقل خسائر؛ فإن هذه الدول أخذت تركض خلف استثمارات خارجية تحاول أن تستفيد من إمكاناتها وهو عمل مشروع تتلاقى عليه سياسات كل الدول، لكن كيف تنقطع حبال الود بين المغاربيين في خلق سوق متكاملة تسهّل حركة الأموال، والبشر، وتدفع بعوامل التنمية إلى مجالاتها المسموحة والمفترض أن تكون هدفاً يجمعها ومنها على سبيل المثال إيقاف تنامي القاعدة، أو إعطاؤها الفرص لأن ترسخ وجودها... الإرهاب مشكلة كونية، لكن التعاون الدولي أعطى مردوده، لكن تفعيل هذا العمل عربياً وإسلامياً دون مستواه الحقيقي، ولعلنا أمام هذا الموت المدمر الذي تشهده مدننا وعواصمنا يفترض أن نكون في مستوى المسؤولية، قبل أن تفرقنا خلافات بسيطة عن مهمة الدفاع عن وجودنا ومكافحة منابت ومزارع الإرهاب..[c1]عن / صحيفة (الرياض)[/c]
الإرهاب حين يكون عقيدة!!
أخبار متعلقة