مدن ومعالم
إعداد/ عبدالواحد الضرابيقع مسجد العيدروس في حي العيدروس في منطقة كريتر، وقد بناه الشيخ العلامة أبوبكر بن عبدالله بن أبي بكر العيدروس الذي ولد في مدينة تريم حضرموت في (852هـ/ 1448م) وحفظ القرآن صغيراً وتعلم بها على يد كوكبة من أكابر علماء وفقهاء المدينة في ذلك العصر حتى اصبح شيخاً ملماً بالعلوم والمعارف الدينية فطاف بأجزاء من حضرموت ومنها الشحر ثم تجول زائراً إلى زبيد وبيت الفقيه وحج بيت الله الحرام وعند عودته زار ميناء زيلع حالياً في (الصومال) ثم رحل إلى الحديدة فتعز فلحج ودخل عدن بناءً على طلب ورغبة من علمائها في مجيئه إليهم للاقتباس والنهل من علمه ومعارفه ولبى الدعوة فدخل عدن في 13 ربيع الثاني 889هـ / 1484م وبات ذكرى دخوله عدن موعداً لزيارته المشهورة والمقامة كل عام منذ ما يزيد عن 530 سنة وإلى يومنا هذا.قام السيد العيدروس بتشييد مسجده في عام (890هـ /1485م) وقد أشتهر العيدروس بالكرامات الظاهرة والبركات الزاهية الطاهرة، وأصبح له الكثير من التلامذة والمريدين وذاع صيته في بقاع شتى من العالم الإسلامي.توفي العيدروس في ليلة الثلاثاء 14 من شهر شوال سنة (914هـ /1508م) وله العديد من المؤلفات الدينية والعلمية، كما أن له مؤلفات خطية محفوظة في مكتبة الدولة المسماة (بمكتبة الاحقاف) حضرموت.ثام العيدروس بالكثير من المآثر والمكارم منها ما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي على مستوى الأفراد والفئات المتنازعة في عهده كما كان جواداً كريم اليد وبالذات للفقراء والمحتاجين، وقد عاش في مدينة عدن ما يقرب من 25 سنة.وهنا نتناول مسجد العيدروس بشيء من التفصيل من الناحية المعمارية والزخرفية والتطورات والتجديدات التي طرأت عليه ومراحلها المختلفة وهي كالتالي:في البداية هو مسجد صغير بني على الطراز المعماري الإسلامي القديم، يوجد إلى الشمال من المسجد قبر وضريح الولي العيدروس.التجديد الأول للمسجد كان خلال عهد العثمانيين في (976هـ /1568م) بعدما يزيد عن ستين عاماً من رحيل العيدروس.البناء الحالي والتجديد للقبة والدخل الرئيسي الشرقي يعود تاريخه إلى عام (1274هـ/1895م) وذلك وفقاً لما ورد في نص التأسيس على لوح خشبي موجود بالمدخل الرئيسي المؤدي للقبة والمسجد.المدخل الرئيسي تغطيه قبة يصعد إليها عن طريق درجات سلم، ويزين القبة زخارف ومنمنمات نباتية وهندسية مرسومة باللون المائي على طبقة من الجص الجيري بطريقة الأفريسيك ويواجه المدخل عقد مفصص أخاذ يشبه تلك العقود المنتشرة في جوامع المغرب العربي.قبة الشيخ العيدروس كبيرة تغطي حجرة مربعة تحتوي بداخلها على توابيت خشبية للشيخ العيدروس وأفراد من أسرته وبعض أقاربه، ويزين القبة عقد مدبب يحيط بها، كما أن القبة من الداخل بها زخارف ونقوش باللون المائي، كما توجد أربع نوافذ لغرض تحسين الإضاءة والتهوية،ويوجد بالحجرة أربعة أبواب موزعة على جدران الحجرة الأربعة، هي أبواب خشبية مستطيلة تتكون من مصراعين مزينة بزخارف ونقوش محفورة عليها.توجد للمسجد منارة عالية باتت من معالم المدينة وهي ملاصقة للجدار الشمالي للقبة في الركن الشرقي ومبنية من حجر الحبش الأسود وتتكون من بدن مثمن الشكل والأضلاع به ثلاث دورات خشبية تنتهي في الأعلى بقبة صغيرة مضلعة، ولا توجد فتحات كثيرة في بدن المنارة، ويوجد في الطابق الثالث أربع مشربيات خشبية بارزة عن بدن المنارة تستخدم للأذان، ويلاحظ وجود تأثر بنمط العمارة الإسلامي في بناء المنارة بما هو مماثل في الهند وغيران، وذلك بحكم التواصل الدائم مع تلك البلدان الإسلامية والذي فرضه الموقع الجغرافي لمدينة عدن، وقد بنيت في القرن التاسع عشر الميلادي.تنوع الزخرفة والنقوش الموجودة بالمسجد من حيث تنوع التطبيقات والأساليب التي تم استخدامها في مراحل التجديدات المختلفة تبعاً لاختلاف المدارس المعمارية الإسلامية، كما يلاحظ أن الزخارف والمنمنمات والفسيفساء المستخدمة في الدهاليز قد تمت باستخدام أساليب الحفر والتخريم.