د. أسمهان عقلان العلس لـ ( 14 اكتوبر ) :
لقاء/ مواهب بامعبدتخوض المرأة إلى يومنا هذا صراعاً مصيرياً مع بعض القوى التي تستهدف ذاتها ودورها الاجتماعي، وتسعى المرأة دائماً إلى إبراز كيانها ورفض محاصرتها وتهميشها واحتوائها، مستخدمة في هذا الصراع كل ما تمخضت عنه الاجتهادات الفكرية من قراءات و تفسيرات واسترجاع للمخزون الثقافي للأمة العربية والإسلامية، ووقفت المرأة اليمنية أمام هذا الصراع الحضاري الذي طال المرأة بالأمس واستهدفها اليوم، كجزء من المشروع الثقافي والذي يصوب سهامه بدرجة رئيسية إلى الكيان الثقافي العري الإسلامي وقد استقصد هذا الصراع المرأة تحديداً لما تمتلكه من خاصية المحافظة والتواصل والصيانة لمكنونها الحضاري.وقد أجرينا هذا اللقاء مع الدكتورة اسمهان عقلان العلس ... باعتبارها إحدى الشخصيات التي عاصرت فترة ماقبل الاستقلال، ومن المطلعات على مجريات الأحداث التي أدت إلى حدوث الاستقلال .. وإليكم حصيلة اللقاء:[c1]مفاوضات استقلال جنوب اليمن[/c]- هل يمكن أن توضحي لنا مجريات مفاوضات الاستقلال في جنوب اليمن؟بدأت مفاوضات استقلال جنوب اليمن في الفترة من 21 - 29 نوفمبر 1967 في جينيف بحضور وفد المملكة المتحدة ووفد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن وفي اليوم الأول لاجتماع الوفدين تم تشكيل اللجنة الرئيسية للاجتماع واللجان الفرعية الفنية لمناقشة القضايا المتعلقة بنقل السلطات والقضايا العسكرية والشؤون المالية للمتقاعدين وكل ما اتصل بمهام السلطة الجديدة.وقد تم إقرار جدول أعمال اللجنة الرئيسية على أساس مناقشة قضية فصل جزر كوريا موريا والمسألة المالية. واستغرق النقاش حول الجزر معظم أيام المفاوضات، وذلك بسبب مفاجأة بريطانيا لوفد الجبهة القومية بتسليمها جزر كوريا موريا إلى سلطان مسقط وعمان، مدعية أنها في الأفصل جزر عمانية تم تقديمها هدية للملكة فكتوريا في عيد ميلادها، على الرغم من أن المملكة المتحدة كانت تدير هذه الجزر كجزء من إقليم جنوب اليمن في فترة احتلالها لعدن سواء كانت هذه الإدارة من عدن أو البحرين، كما ورد ذكر اسم هذه الجزر في الوثائق الرسمية سواء الصادرة من الأمم المتحدة أو المملكة المتحدة أو اتحاد الجنوب العربي أو وثائق المندوب السامي في عدن.وأمام هذه المفاجأة دافع وفد الجبهة القومية عن أحقية بلاده بهذه الجزر مؤكداً حرصه على وحدة إقليم جنوب اليمن هذه الوحدة التي ترجمتها وثائق الجبهة القومية وناضلت هذه الجبهة من أجل تحقيقها. وقدم الوفد في الاجتماعات التي توالت صباحاً ومساءً حول هذه القضية كافة الأدلة على صحة مطالبه.وأمام إصرار الوفد على حقه بالجزر أضطر الوفد البريطاني إلى قطع المفاوضات والسفر إلى لندن للاستئعنان لرأي حكومية التي دعمت وفدها بانضمام السفير «بيلي» إلى الوفد البريطاني المفاوض في جينيف. [c1]لم تسفر المفاوضات عن تغيير الموقف[/c]ولم تسفر المفاوضات عن تغيير الموقف البريطاني الذي أصر على تسليم الجزر لمسقط وعمان، مؤكداً حق الدولة، الجديدة على متابعة مطالبتها بهذه الجزر بعد نيل إقليم جنوب اليمن استقلاله.وهذا ما حدث بالفعل، عندما باشرت السلطة الوطنية الجديدة بذلك في الأمم المتحدة ومجلس الجامعة العربية.أما المسألة المالية فقد استغرق النقاش حولها يوماً واحداً فقط تعهدت فيه المملكة المتحدة بمواصلة المفاوضات مع الدولة الجديدة بعد تأسيس الجمهورية الجديدة في عدن، وبالفعل واصلت الدولة الوطنية والمملكة المتحدة هذه المفاوضات في إبريل 1968 لكن المفاوضات أسفرت عن عدم إيفاء بريطانيا بالوعود السابقة واعتبرت التزامها بدفع 12 مليون جنيه إسترليني التي وعدت بها مشروطة بحسن العلاقة مع الدولة الجديدة. كما أن لبريطانيا عند الدولة الجديدة فواتير مالية سابقة نظير شراء أسلحة ومعدات لجيش الجنوب العربي.هذه كانت أجواء المفاوضات التي دارت في نوفمبر 1967م وهي مستقاة من مضابط اجتماعات الوفدين المشار إليهما أعلاه. وهو وثائق حرفية مترجمة بالنص للراغبين بالإطلاع عليها في كتاب «مفاوضات استقلال جنوب اليمن» للدكتورة أسمهان عقلان العلس.لكن المؤسف له أنه كلما عاودتنا الذكرى 30 نوفمبر تنبري الأقلام الصحفية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً مشككة في مواقف الجبهة القومية، متهمة وفدها ببيع الجزر، والتنازل عن حصة البلاد المالية، وهذه الأطروحات يجب أن تستند إلى أدلة ووثائق.[c1]مضابط المفاوضات[/c]ومن اطلاعنا على مضابط المفاوضات فإننا نشير إلى الآتي:1 - أن المفاوضات كانت واضحة واتسمت بالشراسة والقوة في موقف الجبهة القومية المدعم بالوثائق اللازمة.2 - أن الخيانة وبيع الوطن يتطلب مسرحية واهية مناسبة لهذه الصنعة والمفاوضات اتمست بغير ذلك، وللجميع الحق في الإطلاع على المفاوضات.3 - أن التاريخ أكبر دليل على عدم صحة هذه الأطروحات لأن واقع الدولة الوطنية في عدن يترجم لنا بعد أن عشنا قساوته أن الخيانة لم تكن أساس استلام السلطة فقد عاش الجنوب اليمني ظروفاً مالية صعبة كما فتحت حوله نيران العداء من الجيران وهو أمر لا يتفق مع خيانة مؤسسية وبيعة للوطن، ناهيك عن مؤسسي الدولة الوطنية قد قاموا فقراء بشهادة التاريخ.[c1] المرأة اليمنية والمشاركة الوطنية[/c]- هل بالإمكان أن تحدثينا عن مشاركة المرأة اليمنية وتفاعلها مع الأحداث الوطنية المحلية والعربية؟إجابة د/ أسمهان العلس قائلة: لم تغفل المرأة العدنية التفاعل مع الأحداث الوطنية المحلية والعربية، وإن اتسم هذا التفاعل بالفردية العفوية، فقد فرضت انتفاضة عدن»اليهود» خلال الفترة من ديسمبر 1946 حتى فبراير 1947 على المرأة المشاركة الفاعلة فيها، واتخذت هذه الانتفاضة شكل الهجوم على المصالح اليهودية في عدن، كما امتدت لتشمل المراكز السكنية اليهودية في كل من مدينتي كريتر والشيخ عثمان، وقد أثارت السياسة البريطانية الداعمة لتوطين اليهود في فلسطين أهالي عدن الذين اعتبروا الاعتداء على أفراد الجالية اليهودية في بلادهم تعبيراً عن رفضهم لهذه السياسة، وتمثل هذا التعبير بأشكال مختلفة شملت الاعتداء المسلح، وإحراق المحلات التجارية، كما امتدت الحرائق إلى مساكن اليهود أنفسهم، وقد قامت المرأة ببعض من هذه الحرائق عن طريق رمي الكرات القماشية المشتعلة إلى داخل هذه المساكن.[c1]تشكيل لجنتين للتضامن مع الشعب الفلسطيني [/c]وأضافت د/ أسمهان العلس حيث قالت في كتابها وامتداداً لهذه المواقف سارعت المرأة إلى تشكيل لجنتين للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تولت رئاسة الأولى أم البشر وهي نور حيدر سعيد والتي رعت النشاط المؤيد للشعب الفلسطيني في مدينة الشيخ عثمان، وتمكنت من جمع 1400 روبية من الأوساط الأهلية، وترأست الثانية زوجة حسن علي وركزت اللجنتان جهودهما لجمع التبرعات المالية والعينية للشعب الفلسطيني بلغ حجم الأموال المتبرع بها إلى 11 ألف روبية، وعن طريق هذه الأموال ساهمت المرأة بالتعبير عن رفضها لسياسة التوطين اليهودي، كما أخذت المرأة زمام المبادرة والاندماج في أوساط الشعب الرافض لهذه السياسة بالمشاركة في المظاهرات المعارضة للسياسة البريطانية، وفي الوقت الذي خلت الساحة السياسة في عدن من التنظيمات السياسية التي كان من الممكن أن تنظيم هذه المواقف، فأن الأهالي ومن ظمنهم المرأة قد تزعموا تدبير العديد من الأشكال الرافضة لهذه السياسة، ولم يتسبب غياب الإطار السياسي في ابتعادهم عن موقع التفاعل مع هذا الحدث القومي وشكل اندماج المرأة في هذه الانتفاضة خروجاً غير مألوف على العادات والتقاليد المحافظة التي اتسمت بها الحياة الاجتماعية في عدن، إلا أن عمق الحدث بحد ذاته قد برر هذا الخروج.[c1]تأثير الثورة المصرية في إبراز المطالب التحررية[/c]وقالت د/ أسمهان العلس: وتركت ثورة 23 يوليو 1952م في مصر تأثيرها الواضح في بروز المطالب التحريرية وتأكيد الهوية العربية، فقد أصبحت هذه التورة موجهاً رئيسياً للنشاط السياسي في عدن، وتحت تأثيرها اشتدت المطالبة الشعبية بتوسيع فرص المشاركة الأهلية في المجلس التشريعي، واعتماد حق الانتخاب والترشيح للمواطنين وتحديد حق المواطنة الكاملة لأبناء عدن، وخاصة مع تزايد الهجرة الأجنبية إلى عدن وازدادت هذه المطالب قوة بعد إقرار السلطة البريطانية في عام 1955م لدستور المجلس التشريعي، الذي منح حق الانتخاب لبعض أعضائه، فيما ظل التعيين للأعضاء الآخرين نافذاً وفي نفس الوقت الذي أقر هذا الدستور حق الانتخاب للمواطن العدني وفق تعريف السلطة البريطانية لها فإنه قد حجب هذا الحق عن أبناء شمال اليمن والمناطق المحيطة بعدن ممن لا يعتبرون عدنيين بموجب هذا التعريف، وكما أسقط الحق ذاته عن المرأة العدنية، وذلك بإقراره حق التمتع به للذكر فقط الذي لا يقل عمره عن 21 سنة، وفي مواجهة هذا الوضع أعلن في عدن عن تأسيس الجبهة الوطنية المتحدة الداعية إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية وذلك لمواجهة سياسة التميز في المواطنة بين كافة المقيمين في عدن.[c1] موقف المرأة اليمنية الرافض لدستور المجلس التشريعي [/c]وأخذت المرأة العدنية مكانها في جبهة المعارضة الرافضة لدستور المجلس التشريعي، على الرغم من أن الهوية السياسية للمرأة لم تكن قد تحددت بعد، فقد حضرت رضية إحسان وعدد من زوجات وأمهات بعض القادة النقابيين الاجتماع التأسيسي لهذه الجبهة، وأعلنت رضية إحسان عن استعداد المرأة للمشاركة في حملة المقاطعة التي قادتها هذه الجبهة، كما تولت توعية الأهالي بالمخاطر الناتجة عن عدم ممارستهم للحق الانتخابي وقد دلت مساهمة المرأة في هذه الحملة على استيعابها لنتائج السياسة البريطانية الهادفة إلى تمكين الأجانب من مواقع السلطة في الوقت الذي كانت المرأة قد حددت موقفها من هذه القضية فإن الجبهة الوطنية المتحدة لم تول اهتمامها بغياب الحق الانتخابي للمرأة، كما لم تتول المرأة ذاتها هذا الموضوع ضمن برامج المقاطعة للانتخابات التشريعية ويبدو أن هذا التجاهل كان من أبرز أسبابه أن الأطراف جميعها قد شغلت بسقوط حق الانتخاب عن أبناء شمال اليمن والولايات المحيطة بعدن التي تعتبر قضية جوهرية تمس طبيعة عدن وهويتها كمدينة يمنية.وفي عام 1956م دخلت المشاركة الوطنية للمرأة العدنية منعطفاً جديداً فقد اتسع تأييدها للقضايا القومية، باشتراكها مع مختلف الفئات الأهلية في شجب واستنكار العدوان الثلاثي على مصر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بعد تأميم مصر لشركة قناة السويس، وأعلنت المرأة عن تشكيل لجان التبرع المالي من المواطنين والتجارة والشركات الأهلية والأجنبية وتم إيصال هذه التبرعات عن طريق جمعية الهلال الأحمر المصري.ولم تتوقف مشاركة المرأة الوطنية في جنوب اليمن بل تواصلت حتى بعد تفجير ثورة 14أكتوبر وبزوغ فجر الاستقلال.[c1]مشاركة المرأة في الاعتصامات[/c]كانت الساحة اليمنية في فترة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن تشهد عدداً من الفعاليات الاحتجاجية الرافضة لعدد من الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال... ما دور المرأة اليمنية تجاه هذه الإجراءات؟وأكدت الدكتورة أسمهان عقلان العلس في كتابها خروج المرأة حيث قالت: إن المرأة خرجت في أحداث الزحف الشعبي على المجلس التشريعي أكثر قوة ومقدرة على الاستمرار في طريق النضال الوطني ضد السياسة الاستعمارية في عدن، وكانت الإدارة البريطانية قد أعلنت حالة الطوارئ في 10 ديسمبر 1963م، بعد أن تعرض المندوب السامي لعدن ومساعده وعدد من وزراء حكومة اتحاد الجنوب العربي لحادث مسلح في أثناء وجودهم في مطار عدن أودت بحياة مساعد المندوب السامي وجرح عدد من المراقبين، وبسببه ثم إعلان قانون الطوارئ وتعرض العديد من المواطنين والزعماء السياسيين لموجة طاغية من الاعتقالات، وفي مواجهة هذا الوضع أيقنت المرأة أن حركة الاعتقالات كادت أن تتسبب في عرقلة العمل السياسي وشل فاعليته في فترة مهمة من تطوير القضية الوطنية واستطاعت التنسيق مع بعض الوطنيين ممن بقوا خارج إطار الاعتقال، لتحريك الوضع السياسي والتخطيط لحركة استنكار وشجب للسياسة البريطانية، وشملت هذه الخطة تنظيم المظاهرات الشعبية، وتعليق الشارات السوداء وتنظيم اعتصام لأمهات المعتقلين السياسيين وزوجاتهم وعند البدء بتنفيذ هذه الخطة كانت الأجهزة الأمنية قد رصدت آسيا عبدالمجيد الأصنج في أثناء تجوالها في الشوارع الشعبية داعية النساء إلى المشاركة في حركة الاستنكار ضد السياسة البريطانية، مما دفع السلطات البريطانية إلى تشديد القبضة على الأوضاع العامة في البلاد.[c1]مؤتمر صحفي [/c]وفي 19 ديسمبر 1963م نظمت جمعية المرأة العربية مؤتمراً صحفياً للنساء وذلك في فندق إحسان بمدينة كريتر، دعت فيه رضية إحسان المرأة للاعتصام السياسي في مسجد العسقلاني، لإدانة الاعتقالات الواسعة التي شهدتها عدن، لكن الإدارة البريطانية داهمت مقر الاجتماع واعتقلت رضية إحسان لبعض الوقت، مما أضطرت المرأة لمواصلة الاجتماع في وقت مبكر من تاريخ 22 ديسمبر 1963م قبل أن تداهم القوات الأمنية موقعة، وثم الاتفاق في ذلك الاجتماع على تنفيذ خطة الاعتصام ولكن الإدارة البريطانية واصلت مداهمتها لهذا الاجتماع، كما جددت اعتقالها لرضية إحسان واحتجازها في مقر الشرطة بمدينة مدنية عدن الصغرى، بعيداً عن الأوضاع المضطربة في مدينة كريتر، في الوقت الذي سعت هذه الإدارة إلى قطع علاقة التواصل بين رضية إحسان وزميلاتها، فإنها لم تستطيع منع المرأة من أخذ زمام المبادرة وتنفيذ خطة الاعتصام في الوقت المحدد له، وعكس هذا الموقف إصراراً لدى النساء على مواصلة الحركة الرافضة للسياسة البريطانية، كما جسد لديهن حضوراً سياسياً واعياً لطبيعة الظرف الوطني العصيب وضرورة تعزيز دورهن فيه.[c1]اعتصام أثناء خطبة الجمعة للشيخ البيحاني[/c]وفي 27 ديسمبر أخذت جموع النساء من أمهات وزوجات المعتقلين السياسيين وزوجاتهم بالتدفق على ساحة المسجد قبل أن ينهي الشيخ محمد سالم البيحاني خطيب وأمام ذلك لمسجد خطبة وصلاة الجمعة المنقولة عبر إذاعة عدن، مما ساعد على انتشار الحدث بين مختلف الأوساط، وقد أحسنت المرأة التوقيت لهذا الاعتصام الذي حقق تحديده انتشاراً سريعاً بين الأوساط الأهلية، خاصة تلك التي كانت تتابع نقل خطبة صلاة الجمعة، كما كانت النساء قد أحسن عملا باختيارهن للمسجد موقعاً للاعتصام، كونه مكاناً للعبادة والتقرب إلى الله في ذلك الظرف الحساس.وأرادت المرأة بهذا الاختيار درء أذى السلطة البريطانية عنها لعدم قدرة قواتها على اقتحام بيت الله الكريم، كما أن موقع المسجد في حي شعبي من شوارع مدينة كريتر قد خلق للمرأة، غطاءً واقياً يسهل لها الحركة والاختفاء فيما لو داهمت القوات الأمنية موقع الاعتصام، ودل اختيار المرأة لهذا الموقع على نظرة صائبة وتحليل جيد للنتائج المتوقعة، ولعلها قد نجحت في اختياره تحديداً بسبب شخصية إمامه وخطيبه الشيخ محمد سالم البيحاني المشهور في الأوساط الأهلية بمواقفة المعتدلة نسبياً من قضايا المرأة، وكان تصرفاً بتعقل ملحوظ بعد دخول النساء إلى المسجد دون تنسيق مسبق معه، لكنه استقبلهن وزودهن بالإرشادات الواجب اتباعها احتراماً لقدسية وطهارة المكان، وأحدث الاعتصام ردود فعل محلية وخارجية، إذ أيد الأهالي نساء عدن في هذه الحركة، وعبروا عن ذلك التأييد بتقديم أشكال الدعم والرعاية وتوفير المواد الغذائية والأدوية للنساء المعتصمات، كما أظهروا تعاطفاً ملحوظاً معهن، وذلك بالانتظام في زيارتهن وتفقد أحوالهن، ونتج عن هذا الدعم اقتناع المرأة بعدالة قضيتها التي كانت تشكل جزءاًً من قضايا المجتمع كما شاركت المرأة اليمنية أخاها الرجل في عدد من الفعاليات الاعتصامية تجاه عدد من الإجراءات التعسفية التي كانت تقوم بها السلطات البريطانية في جنوب اليمن حتى تم تحقيق الاستقلال.