التدريب المهني
عبدالباسط باصويطين :المشاريع التنموية العاملة في مضمار التنمية سواء كانت المشاريع الزراعية أو الإنشائية في الطرقات أو الجسور أو في الصناعات الحرفية وكذلك الورش الخاصة على اختلاف جميع تلك المجالات هي في أمس الحاجة إلى برامج التعليم الفني والتدريب المهني لكونها- أي برامج التدريب- تحقق منفعتين اثنتين لتلك المجالات الأولى مزيد من كسب المهارات والخبرات المرتبطة بالمهن ذات الأثر المتصل بالعامل الفني المتخصص كونها تطور من ملكاته وقدراته وتحسسه أن هذه المهنة ذات قيمة وثانياً تعطي منهجية للعمل الفني ومكانة مرموقة في السلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يرتبط به ارتباطا وثيقاً كل أفراد المجتمع.والعمل المهني في تقديري في الوقت الحالي هو العمل الذي يؤمن بعون الله لقمة العيش وهو أفضل وأرقى وأحسن من التعليم العام، فالتعليم الجامعي هو نظري وحالياً نشاهد مخرجاته تتزاحم في أبواب الوزارات والمؤسسات، الطلبات بلا حدود للبحث عن وظائف بينما أصحاب المهن وأصحاب الحرف يأكلون من عرق جبينهم وهو معتزون يتوقف الأمر على أفكارهم وهمتهم إذن فهذا النشاط من الأنشطة التي فيها عز، ومادمنا قد توصلنا إلى هذه القناعة فلابد من تكثيف الجهود ورعاية الكوادر والعاملين في هذا الحقل لنكسبهم مزيداً من المهارة ومزيداً من الخبرة ليبدعوا ويتألقوا أكثر فأكثر.كنت قد حضرت ذات مرة لتغطية لقاء السلطة المحلية بوادي حضرموت مع القنصل العام للسفارة الصينية في الجمهورية اليمنية ومعه وفد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات الصينية في زيارة سابقة لهم إلى وادي حضرموت، وبعد إنهاء المباحثات حول هدف الزيارة قدم القنصل لقيادة السلطة المحلية بالوادي هدية كنت اعتقد إنها ستكون تحفة من التحف النادرة عن الصين، بينما كانت تلك الهدية هي عبارة عن لوحة خشبية جميلة صنعتها أنامل فنان مبدع عليها مساند خشبية لنصبها على سطح المكتب، فهي حقيقة مذهلة فمثل هذا العمل من الأعمال الفنية النادرة الماهرة الجميلة تؤكد على أهمية الأعمال اليدوية الخفيفة وكيفية توظيفها لتحقيق أكثر من منفعة. وهنا يجرنا الحديث للتفكير في كيفية الاستفادة من الخصائص الطبيعية والبيئية وتسخيرها لصالحنا جميعاً، فعلى سبيل المثال تمتلئ هنا في وادي حضرموت مساحات واسعة بأشجار المسكيت(السيسبان) فهل يمكن الاستفادة من أعوادها لمثل هذه الصناعات أو في صناعة الأثاث المنزلي؟ المعلومات تؤكد أن أخشاب هذه الشجرة من أفضل أنواع الأخشاب لصناعة الأثاث المنزلي، فإذا وظفنا إمكانياتنا المتوفرة لهذا الغرض فإننا نستطيع ضرب عصفورين بحجر واحدة وهي الاستفادة من تلك الأشجار في مثل هذه الصناعات والإسهام في إزالة هذه الأشجار من مجاري السيول الرئيسية وبالتالي تتحول هذه الشجرة إلى نعمة إما حالة التفرج والأحاديث أو الأقاويل المتكررة من قبل العديد من الجهات عن هذه الشجرة بدون برامج عملية هي تعبير حسب رأينا عن كسل وخمول وعزوف شديد لامبرر له اطلاقاً مما سيسمح لهذه الشجرة أن تشمخ وسط السواقي ووسط الأراضي الزراعية لتحرم المحاصيل من حصولها على القدر الكافي من مياه الري وكذلك مضايقة العمال الزراعيين أثناء العمل الزراعي في الحقول وهنا تصبح هذه الشجرة مضرة لا نافعة مادامت خطواتنا بطيئة ومتعثرة للاستفادة منها خاصة وإنها واقعا لاينكره احد.وحقيقة لامفر منها أن الواقع الذي نعيشه يكشف انه لايوجد حرص على ترتيب أولوياتنا، لانزال نعلق الأخطاء على بعضنا البعض، لم يتم استحضار مفردات النشاط الحيوي الذي يجب أن نتبناه ونضعه كبرنامج عمل لم توحد الجهود كمنظومة تعمل في مجال التدريب المهني، لايزال كل واحد يعزف لوحدة ويعتقد انه لايوجد أجمل ولا أنقى ولا أثمن منها نحن بحاجة أن نقف أمام حالة تقييميه موضوعية لأدائنا في مضمار التنمية وخاصة مايتعلق منها بالتعليم الفني والتدريب المهني الذي يجب أن نضعه في مقدمة النشاطات التنموية ونرتقي باوضاعة أكثر فأكثر، فعندما نترجم هذا الأفكار على صعيد الواقع الملموس نستطيع القول إننا نتعامل مع مخرجات التنمية بمفردات حقيقة وبأسس علمية مالم فسنظل نصدر عاطلين ونصدر بطالة، إذن يجب تحويل برامج التدريب إلى برامج عمل ومنتجات ملموسة، إلى أفكار نستطيع أن نمسكها بأيدينا فكما يقول المثل: (طير في اليد ولا عشرة في الشجرة) بدلا من أن نتخيل معظم برامج التعليم الفني والتدريب المهني يمكن أن نحقق بعض الآفاق المتعلقة بالتدريب المهني بما يتناسب مع خصائصنا الاقتصادية البيئية ومع متطلبات السكان نبدأ التفكير في مخرجات التدريب المهني وتعزيز منافعه المختلفة في المجالات الحيوية التي تخدم الناس وتتصل بهمومهم كما انه لاشك أن الخبرات القادمة من الدول الشقيقة أو الصديقة خبرات نظيفة ولديهم رغبة ليعلمونا ويفيدونا، فما أحوجنا إلى أن نستمع إلى نصائح المجربين والمختصين في مضمار التنمية.