على ذمة ( سبأ نت) :
نعمان الحكيمأخيراً ، استشعرت الجهات المسئولة أهمية المياه في بلادنا نظراً للخطورة التي تمثلها في حياة الناس جميعاً وقد مثل اختلال التوازن بين التجديد السنوي والاستهلاك المتعاظم ما نشره موقع ( سبأ نت) مؤخراً وهو مؤشر يفضح النيات المبيتة التي كانت تسوف في الامور ، وتتحدث عن حلول لهذه المشكلة .. وقد بين تقرير ( سبأ نت) وهو في رأينا تقرير مسئول يعبر عن وكالة فريدة ووحيدة ومصدر للأخبار في اليمن .. وتكون مصداقيته 90% إذا لم تكن 100% .. ونحن إذ نستعرض هذا التقرير ليس لغرض التشهير أو إظهار مكامن الفشل الذريع في هذه المؤسسة بل لنظهر الخطورة التي تحيق بنا ولاستنهاض الهمم التي قد تساعد على إيجاد حلول فعلية إن أخلصنا النية وقام كل منا بدوره الوطني على أكمل وجه ..فقد استطاعت وزارة المياه والبيئة بحسب التقرير ، إيجاد استراتيجية وطنية لقطاع المياه وبرنامج استثماري للأعوام (2005 - 2009م) والتي حددت خمسة أهداف رئيسة لإدارة الموارد المائية شملت تأمين أقصى درجة ممكنة من الاستدامة وإيلاء أولوية للاحتياجات المنزلية لسكان الريف والحضر وتحسين تحصيص المياه ( من حصص) مع مراعاة العدالة والاعراف الاجتماعية وتلبية الاحتياجات المنزلية وتحقيق أكبر قدر من المردود الاقتصادي وخلق رؤية واقعة وشاملة لدى المجتمع حول المياه والاسهام في التخفيف من الفقر عن طريق تشجيع الاستخدام الكفء للمياه والعدالة في تحصيصها !لكن دعونا نقف قليلاً أمام كلمتي ( العدالة والاعراف) الواردتين في السياق ..إذ كيف يمكن تحقيق عدالة في كل ما سبق ذكره مع وجود ( الاعراف) التي سار عليها المجتمع أو جزء منه فالعرف يختلف تماماً عن (العدل) وإن كان يؤخذ به كجزء مكون لكنه لا ينصلح الحال مع تزامنهما معاً فالعرف ما قد جرى عليه الحال من سيطرة على المياه وحفر الآبار وتوارث ذلك الأمر ليصبح معضلة أمام الدولة وكذا مؤسساتها المدنية ونستغرب هنا أن يبرر المصدر الاعلامي في سياق حديثه هذه الآراء التي لا تصلح للألفية الثالثة بتاتاً ..وقد حددت الاستراتيجية الاستثمارات المطلوبة خلال الخمس سنوات المقبلة بما يقدر بمبلغ (1.5) بليون دولار ، فيما قدرت الفجوة التمويلية بحوالي (560) مليون دولار .. كما حددت الاستراتيجية أوليات العمل لقطاع المياه لتحقيق الاهداف الاجتماعية والاقتصادية لقطاع المياه وذلك لتجاوز الأزمة المائية أبرزها تغطية الاحتياجات المنزلية الاساسية وتسهيل استخدام المياه في القطاعات الاقتصادية كالصناعة والسياحة وتحقيق عائد اقتصادي ممكن لكل متر مكعب من المياه المستخدمة في الزراعة وحماية البيئة وكذا استدامة الموارد من خلال حماية المياه من التلوث وتفادي نضوب الخزانات الجوفية .. إلخ ..إننا ونحن نستعرض هذا الكلام العلمي نراه كلاماً فوق المستوى إذ أن الحديث يكون جميلاً ، لكن التطبيق يتطلب عملاً ومالاً وحرصاً شديداً وكم سمعنا مثل هذه الاحاديث ومن ضمنها حفر الآبار وتحلية مياه البحار واستخدام بخار الماء عبر تكثيفه من الجو وهلم جرا .. كم سمعنا وشاهدنا وقرأنا وتمر السنون ونحن في محلك سر أو ( قف) إن صح التعبير ..!لقد أفردت الاستراتيجية مساحة واسعة لشراكة القطاع الخاص لإنجاح جهود الادارة المتكاملة للموارد المائية من خلال تشجيع القطاع الخاص لكي يؤدي دوراً مهماً في تمويل جزء مهم من احتياجات قطاع المياه الاستثمارية مثل خدمات توصيل المياه بالناقلات وشبكات المياه الاهلية والامدادات بالمياه المعبأة الى جانب عمل الحكومة على ترشيد الاستثمارات الممولة من المساعدات الدولية بما يكفل استغلالاً للجزء الاكبر منها والعمل على أن يرتفع تدريجياً بمرور الوقت ما يخصص من هذه المساعدات للاستثمار في البنى التحتية المتضمنة خطط إدارة الموارد المائية للأحواض المستهدفة ..هنا فقط نعلق على مشاركة القطاع الخاص من منظور الاستئثار بجزء كبير من هذه الثروة السيادية .. والتي تتحمل الدولة وحدها المسئولية كاملة إزاءها .. إذ كيف نقبل بشراكة في هذا المورد ، في حين نشكو دائماً من المستثمرين والمتنفذين من أنهم يستحوذون على أكثر من 90% من المياه ، ولم يبق إلاّ أقل لمياه الشرب والاستخدام المنزلي ، كيف سيكون الحال عندما نسلم بشراكة غير متكافئة ، حتى ولو كانت في درجاتها الدنيا .. أليس ذلك منافياً للاستراتيجية من حيث ( الوطنية) المرادفة لها .. ثم لماذا لا تكون الشراكة في أمور أخرى غير المياه ، أليس ذلك من المعقول أم من غير المعقول .. ياترى ؟!لقد دأبت الحكومة في السنوات الاخيرة على أن تنزل إلينا مواد إعلامية عن المياه والبيئة .. ونعلم أن ذلك لا يتحقق حتى في دبحاته الدنيا ، كما نعلم أن أزمة المياه في تفاقم مستمر وأن البنيان والاقتصاد المرتكز على قاعدة القطاع الخاص سينفذ الجزء الاكبر من هذه الثروة ولنرى كيف كانت عدن ولعشرات السنين بل مئاتها لم تشهد أزمة مياه الاّ في هذا العصر الذي سيطر فيه العشوائيون على كل شيء تقريباً في حين الحكومة تتفرج بحذر وخجل مما يفعله هؤلاء !نحن هنا لا نحرض على القطاع الخاص .. بل نحذر من أطماعه ومن حقه أن ينشط لكن ليس على حساب الامور السيادية فلو سلمنا لهم بالمياه اليوم .. فغداً في الكهرباء ثم النفط وهلم جراً .. ويادار ما دخلك شر بالنسبة لهم .. أما نحن المواطنون فالشر كله سيدخل دورنا وساعتها سنقول حيث لا ينفع القول : ( في الصيف ضيعت اللبن) .. حيث لا لبن ولاماء أيها السادة الكرام ..!المياه ثروة سيادية هامة ولا تفريط فيها أو شراكة .. ولا تستهينوا بما نقوله .. فغداً تظهر اللوحة إن كانت منسقة وجميلة أم العكس .. وياساتر استر على وضع المياه .. وعلى الاستراتيجية التي يزمع تنفيذها عن قريب إن شاء الله تعالى .