في ظل تعديل القوانين من دون متابعة شعبية
رام الله (الضفة الغربية) / 14 أكتوبر / رويترز:قال مسؤولون فلسطينيون وغربيون إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته يعيدان صياغة القوانين الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للأراضي الفلسطينية دون متابعة شعبية تذكر. وحصلت رويترز على مئات من المراسيم التي أصدرها عباس وخطة تشريعية مدتها خمسة أعوام يمكن أن تغير النظامين السياسي والاقتصادي تماماً لكن لم يسمع عنها سوى قليل من سكان الأراضي الفلسطينية البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة. وكثير من التعديلات المقترحة كان يسعى إليها الإصلاحيون اللبراليون منذ وقت طويل ويمكن أن تساعد في تعزيز الاستثمارات الأجنبية لكن بعض فقهاء الدستور والمشرعين قالوا إن طريقة عباس في صياغة التشريعات عبر المراسيم تفتقر إلى الشفافية وتأتي في إطار تراجع دور المؤسسات الديمقراطية. ويقول البعض إن الديمقراطية الفلسطينية التي كانت في وقت سابق نموذجا يحتذى به أصبحت معلقة سواء في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل أو قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ عام. ودافع متحدث حكومي عن هذه الإستراتيجية قائلا إنها أصبحت ضرورية بعد الانشقاق الذي حدث في العام الماضي بين حركة فتح بزعامة عباس وحركة حماس ما أدى إلى إصابة البرلمان بالشلل. وأضاف المسؤول أنه سيكون بإمكان البرلمان في نهاية الأمر مراجعة كل القوانين الجديدة. وأصدر عباس ورئيس وزرائه سلام فياض مئات المراسيم الرئاسية والقرارات الأخرى منذ يونيو حزيران عام 2007. وعزل عباس في ذلك الشهر الحكومة التي كانت تقودها حركة المقاومة الإسلامية بعد أن ألحقت حماس الهزيمة بفتح في قطاع غزة. وعين عباس إدارته الخاصة في الضفة الغربية. وتوضح الوثائق أن خطة فياض التي تستمر خمس سنوات تدعو لقوانين جديدة شاملة تغطي ستة مجالات هي الاقتصاد والإدارة المدنية والبنية التحتية والثقافة ووسائل الإعلام والقضاء والقطاع الاجتماعي. وتبين الأوامر التي أصدرها عباس وحكومته وعددها 406 خلال الفترة بين يونيو حزيران 2007 ويونيو حزيران 2008 والتي حصلت رويترز على نسخة منها أن هناك تعديلات صغيرة وكبيرة تغطي كل شيء من الميزانية إلى قانون الضرائب إلى تشكيل المحاكم العسكرية. ويقول مساعدون للرئيس إن بإمكان عباس ممارسة الحكم بإصدار المراسيم بموجب القانون الأساسي عندما لا يكون بإمكان المجلس التشريعي الانعقاد. وفازت حماس بالانتخابات البرلمانية التي أجريت في يناير كانون الثاني عام 2006 بعد عام من تولي عباس الرئاسة خلفا للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. لكن إسرائيل سجنت نحو 40 من أعضاء البرلمان من الحركة. وأدى ذلك بالإضافة إلى اندلاع العنف الداخلي إلى توقف اجتماعات المجلس المؤلف من 132 مقعدا. وفي الوقت الذي تدير فيه حماس كل المؤسسات في غزة بشكل منفرد قال مسؤول بارز في الضفة الغربية على صلة بخطة فياض التشريعية إنه سيتم سن قواعد جديدة باستخدام صلاحيات عباس التنفيذية لكن بإمكان البرلمان تعديلها في وقت لاحق. وقال لرويترز “هذا ليس وضعا مريحا لنا. فأنا ديمقراطي.” وأضاف “لكن يتعين أن تحكم.” ووصف رياض المالكي وزير الإعلام في حكومة فياض الخطة بأنها “مؤقتة”. وقال “عندما يأخذ المجلس التشريعي دوره يستطيع أن يقر أو يلغي أو يعدل الخطة”. لكنه أضاف “لا يمكننا أن نترك فراغا قانونيا بسبب غياب المجلس التشريعي.” وقال منتقدون إن المسؤولين التنفيذيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يستأثرون بسلطات تشريعية وقانونية. وقال آخرون إنه كانت هناك متابعة شعبية أكبر حتى أثناء رئاسة عرفات. وقال مصطفي البرغوثي الذي سعى إلى حشد زملائه البرلمانيين لتأكيد دورهم في العملية “هذا المستوى من تركيز السلطات لم يكن موجودا قط في تاريخ السلطة الفلسطينية ولا حتى في عهد عرفات.” وقالت حنان عشراوي وهي عضوة في البرلمان من حزب فياض إنه “في عهد عرفات كان لدينا مجلس عامل. الآن المجلس غير عامل على الإطلاق و(السلطة) التنفيذية أكثر قوة. نحن نفقد الإشراف.” وقال عزمي الشعيبي من ائتلاف أمان وهو جهة رقابية فلسطينية إن عباس وفياض طلبا النصح من الخبراء لكنه حذر من أن “غياب المعارضة في داخل النظام والعملية شيء خطير”. وقال البرغوثي وهو مستقل بارز إن الحكومة “لم تبذل أي جهد للتنسيق مع أعضاء المجلس التشريعي ولا حتى مع الديمقراطيين أو أعضاء فتح.” وأضاف “كيف يمكن أن يمارس أشخاص قدموا على أنهم ديمقراطيون مثل هذا الأسلوب السلطوي.” وقال المالكي إن الحكومة تحصل على “معلومات” بشأن صياغة التشريعات وانه سيكون هناك المزيد من الإشراف في المستقبل. وتظهر الوثائق أن خطة فياض التشريعية للفترة من 2008 إلى 2012 تتضمن تصورات بشأن قوانين مالية تحكم أسواق رأس المال وحقوق الملكية الفكرية والسياسة النقدية بهدف الوفاء “بالمتطلبات اللازمة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية”. وقال عاصم خليل وهو أستاذ للقانون في جامعة بيرزيت إن الخطة التشريعية تتضمن إجراءات كثيرة بما في ذلك مسودات لقوانين جنائية وقوانين المنافسة سعى الإصلاحيون إليها لسنوات ولكن لا يزال من المتعين أن يقرها البرلمان. وأضاف أن كثيراً من هذه التعديلات ستكون “خطوة للأمام اتخذت متأخرة بعض الشيء” لكنه أعرب عن مشاعر قلق من أن بعض هذه القوانين “تطرح الآن بأسرع ما يمكن للاستفادة من الوقت المتبقي قبل أي تغيير في هذه الحكومة”. وقال ناتان براون وهو أستاذ في جامعة جورج واشنطن كان قد قدم مشورات للفلسطينيين بشان صياغة الدستور إن فتح وحماس “لديهما دوافع متناقضة.. لان يحكما ويحققا الشرعية والتفوق على الآخر لدى الرأي العام الفلسطيني.” وقال براون إن الخطة التشريعية محاولة من جانب حكومة فياض “لان تعمل بشكل طبيعي في ظروف غير طبيعية”.