رحلة في مكتبة أ. د يحيى قاسم سهل
[c1]* كلما قرأت كبرت قليلاً على سني[/c]لقاء/ شوقي عوض أ . د. يحيى قاسم سهل الاستاذ المساعد في كلية الحقوق بجامعة عدن ورجل القانون المتميز يمتلك طاقات ابداعية خلاقة لاتوصف وشفافية تشير إلى أهمية الرسالة الادبية والنقدية التي يحملها بداخله كإنسان مثقف وواعٍ في قراءة هندسة النص وإبداعه .ذلك الرجل استطاع أن يجمع ما بين التوازن النفسي في الأدب وفي القانون عند قراءاته للقوانين وقراءات قانونية وفقهية شرعية اخرى .سنرحل بكم إلى مكتبته العامرة بصنوف شتى الابداعات لتقرأوا مابداخلها من كنوز المعرفة والعلم والفكر والأدب الفلسفة والتاريخ والقوانين في هذه الخلاصة .[c1]قراءة في مكتبة [/c]يمكن قراءة مكتبتي من عدة زوايا مختلفة من زاوية التاريخ أو من زاوية التراث سواءً أكان في الشعر أو النقد الأدبي كما أن القارىء لمكتبتي سيجد فيها ماركيوز إلى جانب الشاعر صالح نصيب ومحمد حنيبر إلى جانب جورج امادوا ستقرأ فيها عبدالقادر المكاوي صاحب كتاب النهر الفائض في علم الفرائض إلى جانب الشيخ د. يوسف القرضاوي .كما ستجد السهر وردي إلى جانب موريس لوفر جيه استاذ الدراسات السياسية والدستورية إلى جانب الكاتب الجزائري الطاهر وطار والروائي القاص الشهير الطيب صالح والشاعر اليمني محمد حسين هيثم والشاعر سعيد البطاطي والكاتب القاص ميفع عبدالرحمن إلى جانب الكاتب الشاعر حسن اللوزي ومجموعته القصصية الاولى ( المرأة التي ركضت في وجه الشمس ) ستجد ايضاً في مكتبتي الروائي العالمي المشهور غار سياماركيز ( لم يجد الكونيل من يكاتبه ) إلى جانب شرح المجلة لسليم رستم باز في مجلة (أحكام العدلية ) ، ( المذهب الحنفي المقنن أبان الحكم العثماني ) .وكذلك ستجد في مكتبتي الطبعة الاولى والصادرة في 18 يوليو 47م ( يوميات نائب في الارياف) لتوفيق الحكيم وإلى جانبهما لطفي جعفر أمان في ( ليل إلى متى) و (إليكم يا أخوتي) عام 69م وعبدالاله بن عبدالله في ( نكسة الثورة في اليمن) ونوال السعداوي في ( الوجه العاري للمرأة العربية) و أ . د. عبدالعزيز المقالح وكتابه (شعر العامية في اليمن) و (مفكرة عاشق دمشقي وقصيدة اعتذار لابي تمام ) للشاعر العربي الكبير نزار قباني اضافة إلى مجموعة من الكتب القانونية وسلسلاتها .هكذا وجدت نفسي اشتري كتباً لاقرأها منذ الثانوية العامة بل كنت احياناً ازاول مهنة الاشتغال في الاعمال الصعبة نظراً لصغر سني واقوم في حمالة الاسمنت لكي اشتري هذه الكتب .[c1]أول كتاب من حر مالي [/c]وأذكر اول كتاب قد أخذته من حر مالي كان رواية للكاتب العربي الكبير صاحب جائزة نوبل ( القاهرة الجديدة ) لنجيب محفوظ إلى جانب (المعذبون في الأرض) لعميد الأدب العربي د. طه حسين .ولا أعتقد بأنني حينها قد قرأتها بعمق وفهمت فحواها ولكنه الحب والشوق للقراءة .ومن قراءاتي ايضاًُ المبكرة ( حكايات حارتنا) لنجيب محفوظ وقصص وروايات احسان عبدالقدوس واعمال وابداعات (قصص) د. يوسف ادريس كاملة حينها.كما التهمت وقرأت قصص الكاتب الروائي اليمني محمد أحمد عبدالولي .وهكذا بدأت مكتبتي تتكون شيئاً فشيئاً وتتسع وتتعمق مداركي ومعارفي وينمو وعيي وتكويني الثقافي والمعرفي .ففي خدمتي العسكرية عام 78م وجدت مكتبة كاملة في الفكر الإنساني بالمعسكر وقرأتها لان الوقت حينها كان يساعد على القراءات وكذلك المنظومة القائمة انئذ جعلتني اقرأ كثيراً .ومازلت إلى الآن أشعر بأن جل التحليلات التي أمتلكها لقراءة كتاب أو نص ما تعود إلى تلك القراءات منذ صدر التكوين لنشأتي الثقافية وامتزاج قراءاتي المتعددة المتنوعة المشبعة بالتراث الإنساني الثري والزاخر بذاكرتي .لأن تلك الكتب تعلمك جدل القراءاة ، وكيف تقرأ لأنها تخاطب عقلك ووجدانك الانساني .[c1]التحرر من الكتابة [/c]ومنها انطلقت للتحرر من الكتابة المدرسية المغلقة على جانب واحد من النص لاقرأ النص بما هو فضاء مفتوح وفي كلية الحقوق وكلما أحسست بصفاء ذهني وملء الاشتهاء عدت لقراءة أمل دنقل وأحمد عبدالمعطي حجازي وبدر شاكر السياب وصلاح عبدالصبور ومحمود درويش وهكذا دواليك استطعت ان أبقي التوازن ما بين القانون والأدب .لهذا تجدني أقرأ لانني أجد نفسي في القراءة وكلما قرأت كتاباً أو بحثاً أشعر بأنني كبرت قليلاً على سني فلهذا أقرأ وقياسا ً على ذلك فإن للقراءة فائدة .فالكتاب يكفي بأن أسمه كتاب حتى كتب الطبخ تحترم لان فيها فائدة ناهيك عن جهد صاحبها الابداعي .ونحن اليوم ما أحوجنا إلى الكتاب لان البعض لايقرأ حتى كتاب الطبخ .بعد ذلك لاتسألني عن هل ثمة كتاب جميل وثمة كتاباً رديء ، بل ان هنالك لكل كتاب سره الخاص به وعلاقته الحميمية بقارئها ـ فلربما لموضوعاته لمؤلفه ساعة زمنها وقراءاتها زماناً ومكاناً .ففي الكتاب قد تقرأ كلمة جديدة وتضيفها إلى معجمك اللغوي أو مفردات حياتك الثقافية والعلمية اليست هذه فائدة .[c1]متنوعاً في القراءة [/c]فلهذا ستجدني متنوعاً في قراءاتي لأني أشعر في أعماق نفسي بأن هناك شيئاً ما أبحث عنه بدواخلي وكلما بحثت ازدادت هذه المتعة القرائية ورحلتها الطويلة الشاقة الممتعة ـ فالعطشان قد يجد شربة ماء ليروي عطشه بينما عطشان القراءة والاطلاع يزداد عطشاً فكلما بحثت وازددت اطلاعاً شعرت كأنك تصغر اكثر امام المعرفة والعلم .أما اذا تساءلت عن منهجية القراءة فاقدر أقول لك يوجد عندي الحد الادنى من التنظيم لاوقاتي فيقع علي كأستاذ جامعي ان التزم تجاه طلابي واخصص الوقت الآخر لاشباع رغباتي في القراءة والكتابة والاطلاع والبحث العلمي .والذي لايقرأ لايستطيع ان يكتب فالكتابة يفرضها النص الجميل تفرضها ظاهرة معينة توجب عليك ان تقول رأيك فيها بمعنى ان الكتابة هي التي تأتي إليك لاتأتي إليها تأتي إليك خلسة ، فقد تأتي إليك الفكرة وأنت بالشارع أو بأي مكان ، ثم قد تظل هذه الافكار شهراً كاملاً في رأسك واحياناً يزيد عن ذلك وفجأة تجدها تنساب كالمطر وهكذا دواليك .والكتابة عندي التزام بمعنى اجابة عن لماذا نكتب ؟ ولان الكتابة لمجرد الكتابة لاتضيف شيئاً ، فإذا لم نكتب شيئاً جديداً يحافظ على مستوى كتاباتنا فلاداع ان نعبث باقلامنا ووقت القراءة .ان فرحتي بشراء الكتاب لاتوصف مهما كان الأمر فلايهمني سعره ، حتى اذا كان على حساب قضايا اخرى .[c1]سفراتي تعني شراء كتب [/c]ففي سفرياتي لم يكن يعنيني سوى شراء الكتب وغيرها من الموسوعات العلمية والثقافية والأدبية .ومثال على ذلك عندما ذهبت إلى القاهرة ودمشق كنت أبحث عن كتابين فوجدتهما الأول كتاب عنوانه ( الشرف الوافي) لابن المقري والكتاب الثاني (طبقات فقهاء اليمن) مجموعة كتب في كتاب لابن سمرة الجعدي المدفون في منطقة الطرية بأبين .وكلما قرأ الإنسان وتعمق في دواخل الاشياء هذبت وشذبت اخلاقياته ورقت مشاعره وظهرت امامه على حقيقتها لهذا نجد بأن أكثر الناس احساساً هم رجال الثقافة والفكر الذين يمتلكون حساسية الفئران ويستشعرون بالخطر ساعة غرق الباخرة لهذا كان للمثقفين اليمنيين دور لايستهان به في ثورتي 48م ، 55م حينما قدموا اعناقهم ثمناً لمواقفهم وانسانيتهم .اليس ذلك يعتبر هماً من الهموم الوطنية وقضية كانت تشغل بال المثقفين اليمنيين وجزءاً من الهموم الثقافية للمفكر والاديب .اذن أزمة المجتمع العربي حالياً تكمن اساساً في تراجع المثقف فمنهم من تم تدجينه ومنهم من اغترب ومنهم من اغترب في وطنه فأين اذن مثقفو (الستينات) و(السبعينات) الخ .[c1]تسجيلات صوتية [/c]واذا سألتني وماذا عن الاشياء الاخرى التي تحتفظ بها في مكتبتك إلى جانب هذه الكتب والمجلدات والمراجع القيمة سأجيبك على الفور احتفظ بتسجيلات صوتية نادرة لبعض من الادباء والشعراء امثال الشاعر العراقي مظفر النواب ومحمود درويش وعبدالله البردوني .كما توجد لي محاضر ة قيمة بعنوان (عبدالناصر الرجل والثورة) للمفكر الشاعر عبدالله البردوني .وفوق هذا وذاك يبقى للمكتبة الصوتية مذاق خاص وفرادة من حيث الاستمتاع بالاستماع لنجوم الطرب والغناء اليمني .ستجد في مكتبتي الصوتية اغاني للمطرب عوض عبدالله المسلمي والمطرب فضل محمد اللحجي إلى جانب السيمفونيات العالمية التي اهداني اياها الصحفي العراقي حميد جمعة .اضافة إلى صوت (نهاد حداد) فيروز وأجمل روائعها الغنائية .كما أنني معجب بسيدة الغناء العربي أم كلثوم وروائعها الغنائية (غلبت اصالح روحي) (هو صحيح الهوى غلاب) إلى جانب استماعي للموسيقار محمد عبدالوهاب في (عندما يأتي المساء) وتشدني اكثر رائعة عبدالحليم حافظ (قارئة الفنجان) والمقدمة الموسيقية الجميلة فذلك هو غيض من فيض رحلتي ومكتبتي وذاكرتي في الزمان والمكان