وللتسوق طعم آخر ..
فضل مبارك :يشكو اليمنيون الغلاء .. ويلعنون الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها .. لكن مع ذلك تجدهم يتزاحمون في الأسواق يمارسون متعة التسوق بتلذذ .. لا يبالون بارتفاع حجم الأسعار التي تصاعدة سريعاً قبيل حلول رمضان ، حيث وللتسوق عندهم طعم آخر خصوصاً في شهر رمضان ، في جولة قمنا بها في عدد من أسواق بعض المدن لاحظنا خلالها ارتفاع الأسعار الجنوني والذي أصبح عادةً سنوية تتكرر مع حلول شهر رمضان من كل عام ، ومع ذلك لا يبالي الناس بذلك حيث لاحظنا تزاحمهم الشديد على الشراء إلى الدرجة التي يخال للمرء فيها أن أعمال البيع والشراء لا تتم إلا في شهر رمضان .إذاً هل بطون الناس تتسع بمقدار أكبر خلال الشهر الكريم الذي ينبغي فيه أن يكون المرء خلافاً لذلك ، اقتداءً بالهدف الذي من أجله شرع الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين الصوم . أصناف وأصناف من المأكولات والمشروبات لا تعرفها المائدة اليمنية الخاوية عادةً في الأشهر الأخرى إلا في شهر رمضان .. وفي شهر رمضان تتزاحم المائدة بما لذ وطاب من جميع أنواع المأكولات .. لحوم على أسماك على خبز بأنواعه على حلويات بأشكال وألوان قوس قزح ، ومشروبات لا تحصى ولا تعد .تبذير ، بهذه الكلمة يمكن وصف مائدة رمضان ولا معنى ينطبق سواها على ذلك بحسب ما يرى أحمد عطيفي الذي أضاف أن عادة المائدة الرمضانية في اليمن عادة قبيحة تشق طريقاً آخراً لفضائل الشهر الكريم وتنحو به منحىً أخراً غير ما هو مأمول منه .. يصاب الأغلب من الناس خلالها بالتخمة وتزداد الأمراض حدة .ويضيف حازم زين أن مقالب القمامة في رمضان تشبع عن آخرها بما يكدس فيها ، حيث لا تجيد كثير من الأسر حسن التصرف في موائدها التي يغلب عليها البذخ والتكلف في رمضان الكريم .ويقول أمين الصلاحي أنا شخصياً أصرف في رمضان بما مقداره ثلاثة إلى أربعة أضعاف ما أقوم بصرفه وأسرتي خلال الأشهر العادية فرمضان له خصوصيته وميزته التي ينبغي أن يكون عليها ، وهذه ليست طريقتي وحدي في رمضان ، ولكنها عادة جبلت عليها الأسر اليمنية جمعاء .ويضيف أمين بالنسبة إلى ارتفاع الأسعار فهي ظاهرة ليست جديدة لكن الناس تتناساها في هذا الشهر ويسيطر على تفكيرها كيفية توفير لوازم الشهر بأي ثمن كان .وعلى الرغم من غضب وحنق الحجة أم ناصر صالح مما أسمته جشع التجار لكنها تصر على الشراء .. فهي ترى أن ذلك يشكل ضرورة قصوى كعادة .. وقطع هذه العادة عداوة كما تقول لرمضان ، وتضيف رمضان شهر الله لذلك قدنا نصوم في النهار وفي الليل نعوض الصوم .ولم تقتنع بأن ما تراه تعويضاً مضر بالصحة وغير مستحب وليس من موجبات رمضان .وبذلك فإن ما استطعنا الخروج به من جولتنا أن عادة التسوق في رمضان لجعل مائدته عامرة تتنافس من خلالها الأسر اليمنية فيما بينها لا تلقي بالاً بما تشهده الأسعار من تصاعد ، وأرباب الأسر لا يريدون إفساد شهيتهم لهذه المائدة بتذكر الأسعار ، فرمضان كما يقولون يأتي بخيره معه .. وهم ( يحوشون ) مصاريف رمضان بطرق شتى دون غيره من أشهر السنة .وفي هذا الصدد المتعلق بالمائدة الرمضانية وما يتناوله الناس خلال شهر رمضان يرى الدكتور علي محمد سعيد الشيباني حول كيف نستفيد من الصيام أن الصوم يحمل معه فوائد صحية لا تخطر على بال الكثيرين من الصائمين وغير الصائمين فذلك زيادة فضل من الله ينعم بفيئه الصائمون حيثما كانوا .وإذا أردنا الاستفادة القصوى من الصيام فعلينا الالتزام بالقواعد الصحية في اختيار الأطعمة عند الفطور والسحور على السواء .وإذا أردنا الاستفادة القصوى من الصيام لإزالة المواد المتراكمة الضارة و المترسبة في خلايا الجسم فإن علينا أن نراعي الحكمة من الصيام في اتباع سنن الاعتدال في كمية الطعام وفي نوعه وفي أوقاته كما نراعي أهمية الحركة أثناء النهار فالذين يقضون أوقاتهم نائمين أثناء النهار ساهرين طوال الليل أنّى لهم أن يستفيدوا من نفحات الشهر الكريم على صعيد الروح أو البدن ويضيف الشيباني يقول الله سبحانه وتعالى : " وجعلنا الليل لباسا ، وجعلنا النهار معاشاً " ، فالنهار هو الوقت الذي تزيد فيه عملية التمثيل الغذائي وخصوصاً عملية الهدم لأنه وقت المعاش أي وقت النشاط والحركة واستهلاك الطاقات في أعمال المعاش ، والحركة تزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات ، وتعمل على تخليص الجسم من الشحوم والنفايات الضارة في خلايا الجسم ، وعندما يترك الإنسان الطعام والشراب حسبما تقتضيه التوجيهات السليمة للتعامل مع الصيام فإن الجسم يلجأ إلى استخدام الجلوكوز المصنع والمخزون في الكبد وهو الوقود المثالي لإمداد المخ وكريات الدم الحمراء والعظام والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة لتكون أكثر كفاءةً لأداء وظائفها ، أما الكسل والخمول والنوم أثناء النهار فيعطل كل هذه الفوائد بل قد يصيب صاحبه بكثير من العلل والأسقام ويجعله أكثر خمولاً وتبلداً وكآبة ويأساً .