أكدتها دراسات وكالة الطاقة الدولية
القاهرة / وكالة الصحافة العربية :كشفت دراسات حديثة لوكالة الطاقة الدولية وإدارة البحوث والمعلومات بوزارة الطاقة الأمريكية أن العالم في تزايد رهيب علي طلب البترول والغاز الطبيعي مما يشير بمالا يدع مجالا للشك إلي حدوث أزمة في الطاقة خلال العقدين القادمين، الأمر الذي دفع الدول الصناعية للتفتيش عن بديل تواجه به الخطر الذي يهدد بتوقف العجلة الصناعية فيها ويعيدها لعصور الظلام، حيث لجأت دول مثل اليابان الى استخدام السولار والكهرباء لتسيير السيارات.وأوضحت الدراسات أن هذه الزيادة في طلب الطاقة دفعت دول أخري كأمريكا إلي البحث عن سبيل آمن لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة كاستخدام الطاقة النووية والشمسية رغم مخاطر الأولى، ليس هذا فحسب بل تعالت أصوات في الآونة الأخيرة تنادي بمضاعفة حجم الإنتاج من البترول لنسبة تصل إلى 80 % ، وذلك كله لمواجهة هذه الأزمة.د. عيسي شقير أستاذ هندسة البترول بجامعة القاهرة علق علي تلك الدراسة قائلاً: إن العالم سيشهد أزمة طاقة خلال العقدين القادمين لتزايد الطلب علي طاقة النفط مع ثبات معدلات الإنتاج في دول الأوبك وعدم وجود دلائل تشير إلي تعويض فارق الطلب من دول خارج المنظمة، مشيراً إلي أن كثيرا من خبراء الطاقة الدوليين يذهبون إلي أن الدول الصناعية تتحمل مسئولية الأزمة الخطيرة التي ستواجه العالم خلال العقود القادمة، وأرجعوا ذلك، لسببين رئيسيين: أولهما ارتفاع طلب الدول الصناعية علي النفط لتغذية آلتها المزدهرة في ظل ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي التي تشهده هذه البلاد بالإضافة إلي النسبة العالمية من الضرائب التي تفرضها هذه الدول علي المحروقات موضحاً أن النظام الضريبي في الاتحاد الأوروبي تم تصميمه بطريقة تجعل الضرائب ترتفع تلقائياً بنسب أعلي من ارتفاع سعر البرميل في أسواق النفط العالمية وبريطانيا كنموذج نجد أنها تبيع البرميل الواحد من محطات البنزين بمائة وأربعين دولار.[c1]تزايد النمو[/c]ويشير شقير إلي أن هناك سبباً رئيسياً آخر وراء الأزمة المتوقعة للطاقة يكمن في تزايد معدلات النمو العالمي والاعتماد علي النفط مثلما يحدث في تحول شركات الكهرباء والمصانع في الولايات المتحدة، وذلك كبديل أرخص، وبالتالي ستؤدي عمليات التمويل لزيادة الطلب علي النفط في السنوات المقبلة إضافة لعودة دول آسيا من كبوتها الاقتصادية بشكل أسرع مما كان متوقعاً مما زاد التوقعات بارتفاع الطلب عالمياً علي النفط في العشرين عاماً المقبلة.ويري د. أحمد حمزة خبير الطاقة العربي أن الأسباب الرئيسية لأزمة الطاقة المنتظرة للعالم خلال العقود القادمة ترجع إلي الزيادة المستمرة في الطلب العالمي علي النفط الذي يشهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة في الإنتاج في ظل عدم توافر بدائل متاحة، مؤكداً أن هذا التزايد في الطلب العالمي يرجع للانتعاش الاقتصادي وحالة التقدم السريعة التي تشهدها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكبر مستهلكين للطاقة في العالم، إضافة إلي تراجع مخزون الدول الصناعية من الطاقة فتم السماح للشركات النفطية باستخراج النفط من المياه الإقليمية في خليج المكسيك مقابل قيامها بدفع عائد عيني للحكومة كشحنات نفطية لتحقيق الاحتياطي الاستراتيجي، ولكن ما زاد المشكلة سوءاً هو قيام الحكومة الأمريكية بتحويل الكميات المقدرة بحوالي 30 مليون برميل من النفط للسوق العالمي لمحاولة تخفيض أسعار النفط بعد أن قامت الأوبك بتخفيض الإنتاج عام 1999 وحتي الآن لم تستطع الولايات المتحدة تعويض هذا النقص الشديد في الاحتياطي الاستراتيجي لمخزون الطاقة.ويشير إلي أن العوامل النفسية لدي المستهلكين بتخليهم عن الانضباط في استهلاك الطاقة والذي كان متبعاً منذ الأزمة الشهيرة عام 1973، وإنه رغم المحاولات المستمرة لزيادة الاكتشافات لزيادة الإنتاج في النفط والغاز لتغطية النقص المتزايد في الطلب العالمي إلا أن هذه الطاقة لن تستمر طويلا، حيث تشير الإحصائيات إلي أن الطاقة سوف تنفذ خلال مايقرب من الستين عاماً القادمة في كثير من مناطق العالم المنتجة لها، وفيها منطقة الشرق الأوسط أغني المناطق بالطاقة التي يقدر الاحتياطي بها بحوالي 60 % من الاحتياطي العالمي ومن ثم فهي أصبحت أكثر حرصاً علي الطاقة داخل أراضيها للمحافظة عليها لأكبر فترة ممكنة، مؤكداً أن هذه العوامل النفسية أيضاً هي التي ساهمت في بقاء أسعار النفط مرتفعة رغم إقدام أوبك علي زيادة إنتاجها خلال الشهور الماضية ليصل إلي ثلاثة ملايين برميل يومياً.[c1]زيادة الإنتاج[/c]ويقول د. محمد حلمي عبدالرازق مستشار وكالة الطاقة الدولية سابقاً: من الحلول التي طرحتها الوكالة وبعض المؤسسات العالمية للتغلب علي الأزمة المستقبلية، قيام الدول المنتجة للبترول بزيادة إنتاجها بمقدار 80 % علي الأقل في عام 2020، وهذا يعني إضافة 13 مليون برميل فقط من السعودية، مؤكداً أنه لأسباب فنية واقتصادية فيستحيل زيادة الإنتاج بمقدار 80 % من دول السعودية والخليج العربي، كما تشير الدراسات في هذا الصدد، أن هذه الدول لم تزد إنتاجها طيلة الربع قرن الأخير سوي زيادات طفيفة.ويؤكد أنه ليس هناك فوائد اقتصادية لدول الخليج من مضاعفة إنتاجها بهذه الكمية المقترحة لانخفاض سعر برميل النفط مقارنة بغيره من عناصر الإنتاج، مما يهدد اقتصاديات الدول العربية ودول منظمة الأوبك وجعلها تلجأ إلي خفض الإنتاج مرة أخري لتقليل المعروض في السوق النفطية العالمية، مؤكداً أن دول الأوبك والخليج لن تسعي لزيادة الإنتاج لأنها تستطيع أن تحصل علي نفس الإيرادات عن طريق بيع كميات أقل بأسعار أعلي، ولذلك فهي لن تلجأ لزيادة إنتاجها إلا إذا كانت ستستفيد مادياً من ذلك.ويضيف: إن الكمية المقترحة لزيادة النفط لتغطية العجز المتوقع في سوق الطاقة العالمي لن يتم توفيرها إلا بزيادة الاستثمارات بالأموال الضخمة في حين أن بعض دول الخليج تعاني من عجز ميزانياتها بما لا يسمح بضخ هذه الاستثمارات مشيراً إلي أن بعض المؤسسات المالية والشركات العالمية اقترحت الدخول في سوق النفط الخليجي لكن حساسية الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع الهام سيقف عقبة في سبيل دخولها، إضافة إلي أن دول الخليج ليست بحاجة إلي هذه الاستثمارات والشركات الأجنبية لأن شركات النفط الخليجية مثل «ابيكورب» «وأدنوك».. تتمتع بنفس مستوي الخبرات العالمية وهي كفيلة بزيادة الإنتاج النفطي.وشدد على أنه حتى لو سمحت الدول الخليجية بدخول الاستثمار الأجنبي في قطاعها النفطي فسيستغرق ذلك وقتاً طويلاً بما لا يسمح لدول الخليج بمضاعفة إنتاجها في عام 2020، وإن كان هذا الاستثمار لن يحدث بسبب العقبات القانونية والإدارية بالإضافة للسلوك التاريخي لدول الخليج الذي لم يسمح بدخول أية استثمارات أجنبية لهذا القطاع طيلة العقود الماضية.[c1]الطاقة المتجددة [/c]أما د. جمال عبده إسماعيل أستاذ الطاقة بالمركز القومي المصري للبحوث فتحدث عن البدائل المقترحة لتحل محل النفط والغاز كمصادر تقليدية للطاقة، فالطاقة النووية رغم المخاوف التي تحد من استعمالها في توليد الطاقة الكهربائية كالتلوث الإشعاعي وصعوبة الحصول علي اليورانيوم المخصب والماء الثقيل والمشاكل البيئية التي تسببها مخلفات النشاط الإشعاعي فإنه رغم كل هذه المخاوف والمشاكل إلا أنها هي المؤهلة لسد النقص في الطاقة خلال هذا العقد والعقد الذي يليه، خاصة مع اتجاه دول كبري مثل الولايات المتحدة لضخ استثمارات كبيرة لتطور إنتاج الطاقة النووية والأبحاث المتعلقة بها وهو الأمر الذي يدفعها للعمل علي توفير مصادر للطاقة بتكاليف منخفضة دون اللجوء إلي الأسعار المرتفعة في الأسواق العالمية من أجل منع الاحتكار في سوق الطاقة العالمي بالبحث عن مصادر طاقة مستقبلية تستطيع أن تنافس الطاقة التقليدية كالطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.ويؤكد أن التفكير في حلول لأزمة الطاقة ووجود بدائل أوفر وأرخص دفع الكثيرين لاستخدام مصادر بديلة للطاقة مثل الديزل لتسيير السيارات علي الرغم من السمعة السيئة التي يتمتع بها من نسبة ملوثات عالية كما حدث في اليابان وأوروبا، وهذا ما دفع بالولايات المتحدة أن تحذوا حذوهما للتغلب علي التناقص الواضح في مصادر الطاقة لديها والذي بدأ يلقي بظلاله علي كثير من الولايات المتحدة الأمريكية فانعكس علي معدلات النمو الاقتصادي، كما قامت الولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية بالتفكير في إنتاج سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية علي اعتبار أن مثل هذه السيارات سيتوفر بها عدة ميزات أولها الاستغناء عن الطاقات التقليدية من بترول أو ديزل وستكون الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة التلوث المصاحبة لزيادة الاعتماد على الطاقة التقليدية.