إطلالة من الداخل على دار المخطوطات بصنعاء
صنعاء / سبأ :تعتبر المخطوطات اليمنية من أهم مستودعات الذاكرة و توثق لمحطات مضيئة من تاريخ الشعوب و علومهم عبر العصور إلا أن عدم الاهتمام بهذا المستودع الكبير من الذاكرة اليمنية جعل المخطوطات فى اليمن تقع بين فكي الإهمال ومطامع تجار ومهربى الآثار.فدار المخطوطات اليمنية حققت خطوات من الانجاز لكنها ماتزال بحاجة الى اعادة النظر في وضعها وآلية وامكانات عملها من قبل الجهات المختصة وذات العلاقة لتتجاوز الحال التي تعيشها وتفتقر فيها للكثير من مقومات عمله. يتراوح عدد المخطوطات المتواجدة في الدار من بين 0 3 - 40 الف مخطوطة ... وتنقسم هذه المخطوطات حسب امين دار المخطوطات عبدالملك المقحفي الى نوعين:النوع الأول:تتمثل في الرقوق القرانية الجلدية التي قد تصل إلى 10 آلاف قطعة، وهذه العشرة الاف قطعة قد تصل إلى 300 مجموعة كمصاحف مكتملة وغير مكتملة، وتتميز هذه الرقوق بالزخارف وجماليات الخطوط الإسلامية القديمة والالوان و قد تم العثور عليها في الجناح الغربي بالجامع الكبير بصنعاء عام 1972م و هذه الكمية تم معالجتها وترميمها بالتعاون مع الحكومة الألمانية.فيما النوع الثاني يتمثل في المخطوطات الورقية،وتنقسم الى مجموعتين الأولى : تم نقلها من المكتبة الغربية بالجامع الكبير مؤخراُ إلى الدار وتضم نحو 4 آلاف مخطوطة ومجلد وهذه المجلدات تحمل عناوين لكتب تصل إلى 11 ألف عنوان وكتاب في اكثر من 30 علماً من العلوم الأساسية كعلوم (القرآن ، والحديث، والسيرة، والفقة، واللغة العربية وآدابها، والتاريخ، والرياضيات، والحساب، والهندسة ، والزراعة، اضافة إلى علم الفلك ومختلف العلوم الأخرى.) واستطرد المقحفي :وفي 10 مارس 2007م تم العثور على 4 آلاف قطعة من المخطوطات في الجامع الكبير في أثناء عملية الترميم التي يقوم بها فريق من الآثار اليمني مع بعثة ألمانية، ويرجع تاريخ بعضها إلى القرن الأول والرابع الهجري،تمثلت في الكشف عن حقبة هامة من مراحل مختلفة لتدوين القرأن الكريم على قطع جلدية و نادرة جدا و تعتبر من أهم الإكتشافات إلى جانب الاكتشاف السابق على المستوى المحلي والأقليمي والدولي .ويعتبر المقحفي الرقوق القرآنية الموجودة فى دار المخطوطات بصنعاء من أقدم النماذج فى العالم، فتاريخها ينحصر ما بين القرنين الأول والرابع الهجري، أما المخطوطات الورقية فإن أقدم وأندر مخطوط منسوخ بالخط الكوفى سنة 663هـ منوها بأن أهم واثمن مخطوطة في الدار هي مخطوطة مصحف الإمام علي بن إبي طالب المتواجد في مكتبة الأوقاف بالعاصمة صنعاء.واشار الى ان هناك رقوقاً قرأنية ترجع إلى القرن الأول الهجري وهي عبارة عن آيات من القرأن الكريم بالخط الحجازي، ويطلق عليه الخط المدني أو المكي او خط الجزم .أما أقدم النماذج المتواجدة في اليمن وأقدم نص ورقي فيعود الى سنة 366 للهجرة كما يوجد نص رخام وسط الجامع الكبير بالخط الكوفي القديم يرجع إلى 136 للهجر ة، إضافة إلى الكتابات و النقوش والزخارف على سقف الجامع الكبير التي ترجع إلى 271 للهجرة وهذه تقارب وتماثل النماذج التي لدينا بالمعرض الخاص بالرقوق القرأنية من حيث شكل الخط والطابع.وتابع المقحفي : هناك مخطوطات في المكتبات الشخصية للمواطنين المتواجدة في مختلف البيوت والمناطق اليمنية تتمثل في نوادر ونفائس المخطوطات ويوجد فيها عجائب لاتقدر بثمن وخاصة في مناطق زبيد، ومنطقة الذاري، وبيت الأهدل... فالمؤرخ اسماعيل الأكوع وضع في كتاب هجر العلم ومعاقله باليمن 500 هجرة علم فما بالك بالمكتبات والخزانات العلمية في المحويت ، وذمار ، إب، تعز، حضرموت، التي تعتبر أكثر منطقة يوجد بها مخطوطات.كما توجد في الدار نسخة يمنية لمخطوطة “مقامات الحريري الشهيرة» بالصور والألوان ،وهي من أهم الكتب الأدبية واللغوية ترجمت إلى عدة لغات وتوجد نسخ منها في متاحف عالمية وهذه النسخة متواجدة في دار المخطوطات باليمن والذي قام بخطها هو محمد دغيش سنة 1121 هجرية .تعرضت المخطوطات اليمنية على مر التاريخ لعمليات سرقة ونهب وتهريب حتى اصبح عدد كبير منها متناثراً في عدد من المكتبات العالمية حيث توجد في مكتبة الإمبرزيان الإيطالية مايقارب 10 ألاف مخطوط خرجت من اليمن قبل اكثر من 200 عام اضافة إلى ما تحتويه مكتبة الأسكريال بأسبانيا، والمكتبة الأهلية في باريس، ومكتبات أخرى في برلين ولندن وتركيا والهند وغيرها من الدول التي لم يتمكن المختصون من تحديد حجم المخطوطات اليمنية الموجودة بها تمر المخطوطة في الدار بعدة مراحل منها : الصيانة، الترميم، التصوير، النسخ، التوثيق والارشفة ، الحفظ والتخزين .. وفي كل المراحل يتم استخدام تقنيات وفق شروط دقيقة وخبرات ومهارات متمرسة و مدربة موزعة على كل هذه الاقسام حسب المقحفي. الا ان عمل ادارات الدار مايزال يفتقر الى كثير من الامكانات ويعاني الصعوبات ... يوضح مدير الصيانة والترميم بالدار احمد مسعد المفلحي أن اهم الصعوبات التي تعترض سير العمل تتمثل في انخفاض الاعتمادات مقارنة بأهمية العمل وعدم الاهتمام وبعملية تأهيل وتدريب الكوادر الخاصة بالترميم والصيانة .. منوها بأن المشكلة الكبيرة التي تعترض سير عمل الدار تتمثل في ارتباط الدار بالهيئة العامة للآثار ،و كذا تدخل موظفي الهيئة بكل صغيرة و كبيرة بالمخطوطات ... فمثلاً عندما تشكل لجنة من المختصين بالدار لإقتناء مخطوطة و ترميمها تقوم الهيئة بضم أكبر عدد من موظفيها مشرفين على اللجنة وهم لاعلاقة لهم بالمخطوطات، فكان هناك في 2005م مشروع لإقتناء وترميم عدد من المخطوطات وكانت التكلفة 8 ملايين ولم يخرج من المخصص سوى مليونين وكان عدد الموظفين في الدار 17 موظفاً فيما بلغ عدد المشرفين من الهيئة أكثر من 19 مشرفاً .فيما ينبه المسؤول الفني في ادارة التصوير ناصر العبسي إلى صعوبات اخرى تواجه العمل في ادارة التصوير التي ما يزال العمل فيها متوقفاً منذ سنوات نتيجة عدم وجود ميكروفيلم فضلا عن افتقار الدار الى أدوات خاصة بالسلامة وخاصة اننا نعمل وسط اجواء و مواد كيمائية ونتعرض لبعض البكتيريا والجراثيم والميكروبات الموجودة في بعض المخطوطات من مئات السنين .ويشير العبسي الى أن عدد المخطوطات التي تم تصويرها هي نحو الف مخطوطة فقط مقارنة بإجمالي مخطوطات الدار المقدرة بـ30 إلى 40 ألف مخطوطة نتيجة شحة الإمكانات.ونوه بأهمية وضع الضوابط و الشروط للتبادل ونسخ وتصوير المخطوطات للجهات الخارجية مثلاً هناك جهة خليجية قدمت جزاء من الدعم ولكن تريد بالمقابل تصوير جميع المخطوطات في الدار وهذا ما يهدر اهمية الدار .. ولو تم تصويرها فماذا تبقى للدار لن يتبقى اي اهمية تذكر للدار لذا يجب ان يكون هناك شروط لطبيعة التعاون و التبادل الثقافي بين البلدان التي تريد تصوير المخطوطات اليمنية، حتى ولو قدمت اي اجهزة فمثلاً المانيا دعمت الدار بكافة الأجهزة الحديثة و المتطورة بالترميم والتوثيق والصيانة ولم تطلب اي مقابل وقالت يجب ان يكون المركز هنا في اليمن مرجعا تاريخيا وأثريا للباحثين والمهتمين العرب والاجانب.وقال الباحث المقحفي “ نحن بصدد إعداد مشروع التوثيق الألكتروني وكان هذا المشروع قائم من اوائل التسعينيات وفي نفس الوقت يكون التوثيق والفهرسة وإدخالها عبر الأنترنت و تكون في متناول الباحثين والمهتمين بكل سهولة ويسر، ولكن تحتاج إلى أمكانيات و تحتاج إلى مشروع وطني عام .واضاف أمين عام المتحف “ نجري حالياً إتصالات مع جهات مختصة لوضع موقع للمخطوطات اليمنية على شبكة الإنترنت كون المخطوطات اليمنية تعتبر إثرى مجموعة موجودة على مستوى العالم .و يضم معرض الدار عدداً من المخطوطات اليمنية والرقائق القرانية التي تمت معالجتها وترميمها ووضعهها على شكل نسخ امام الباحثين والمهتمين والمحققين وقد استطاع المعرض أن يضفي على الدار شيئاً من الجمال والخصوصية حيث اصبح بالإمكان لأي زائر او باحث او مختص التعرف عليها من خلال زيارة المعرض الذي يفتح أبوابه صباح كل يوم.