هؤلاء الشباب الذين يخرجون من بين أهليهم ويتركون وراءهم آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم وربما أزواجهم وأطفالهم وتعليمهم الذي قطعوا فيه شوطاً بعيداً أو قريباً، هؤلاء ماذا يريدون من خروجهم هذا؟ وأي نفير يجيبونه؟ وأي هدف يضحون من أجله بكل شيء؟ وهل يدركون حقيقة ما يقومون به أم إنهم واقعون تحت تأثير مخدر فكري يعطل حاسة التمييز بين الحق والباطل والحسن والقبيح والمعروف والمنكر والجهاد السليم والجهاد السقيم؟ إنها أسئلة تستحق الوقوف عندها والبحث عن إجابات لها.من هم الذين يتربصون بهؤلاء الشباب ويغررون بهم ويحثونهم على الخروج إلى المجهول ومقارعة الخصوم الوهميين والانقطاع في الأرض تحت رايات لا يعرف هؤلاء الشباب من يرفعها ولماذا يرفعها؟ ولماذا لم يتم الكشف عن هؤلاء المجندين المجهولين وأساليبهم ممن تراجعوا بعد التغرير بهم وقد عرفوا أن الطريق كان خاطئاً والوجهة غير معروفة والجهاد مغشوشاً؟ أهي المواثيق والعهود؟ أم التهديد والوعيد؟ أم الجهل بالذي يجري حتى من الأطراف الوالغة في هذا السبيل ؟ربما تكشف الوثائق الغربية بعد عشرات السنين أسراراً نجهلها ويجهلها هؤلاء المغررون والمغرر بهم اليوم، ربما لا نعرف ولا يعرفون أن الشبكة أو الشبكات لها مفاتيحها وأزرار التحكم فيها هناك ولا يوجد هنا إلا المخدوعون الذين يحسبون أنهم يتقربون إلى الله سبحانه بما يقومون به، وربما تخدعهم التسهيلات التي يظنونها كرامات وعلامات تيسير فيغرقون أكثر في غياهب المجهول الذي يكشف عن جريمة جديدة ومعركة جديدة تفت من عضد الإسلام وتصيبه في مقتل.حين تطرح وثائق المعلومات الغربية التابعة لأجهزة الاستخبارات في هذا البلد أو ذاك بعد عدد من السنين قد لا تقل عن الثلاثين يكتشف اللاحقون أن السابقين إنما كانوا مجموعة من الصغار يلعب بهم الكبار، وأن الهدف ضرب نظام أو مجموعة أو شخص أو دولة أو تنظيم وليس كما حسب المخدوعون أنها خدمة الإسلام وأنها نصرة المسلمين، وأن العملية كلها ليست إلا فصلاً في مسرحية تتكرر ولكن المخرجين والممثلين والجمهور يتغيرون وتبقى القصة هي القصة وتظل القضية هي القضية.معارك فتح الإسلام تسببت حتى الآن في مقتل ما يقارب المئتين وجرح الآلاف، وتشريد أكثر من خمسة وعشرين ألفاً من العائلات التي تقطن مخيم نهر البارد وضاعفت من الإحباطات التي تلحق بهذه الأمة وتزيد من التفكك الذي تعاني منه، وأي فتح يريدونه للبنان وقد حاول احتلاله شارون فرجع خائباً، وقد خرجت منه القوات السورية ثم تغلغلت فيه العناصر الفارسية فأصبح ملعباً واسعاً لأبنائه يتبادلون الاتهامات ويتناوبون على إيلامه وإيذائه وترويعه.ما الذي أخرج من هم دون الثانية أو الثالثة والعشرين من الرياض والمدينة والباحة وبيشة والأحساء وغيرها من مناطق المملكة حتى يقتلوا في مخيم لا يعرفون عنه شيئاً، بل ربما أن بعضهم لم يستخرج جواز سفر إلا من أجل رحلة الدفن في مقبرة جماعية لا يعلم عنه أحد ؟ ولا ينتظر عودته في أي وقت أحد، وما هي العقيدة التي عاهد عليها ربه سبحانه وتعالى حتى يعيش لأجلها منتصراً أو يموت في سبيلها محتسباً نفسه شهيداً، وما هي أدبيات هذا الخروج الهالك؟! قد يعذر الناس المقاومين المدافعين عن أوطانهم بل ربما وجدوا من كثيرين تعاطفاً وتأييداً وإكباراً لأنهم يواجهون غازياً، لكن الذهاب إلى غاية أخرى وتحت راية أخرى تجعله مهزوماً من اللحظة التي يعرف فيها أنه مغرر به، لكنه لا يجرؤ حينئذ على العودة وإعلان الخطأ والرجوع عن الحياة التي بنى عليها مستقبله فيرضى حينذاك بأي مهمة في سبيل الحفاظ على توازن فكري في حده الأدنى. وإلى أن يتم الكشف عن شبكة تجنيد الباحثين عن أي غزوة في أي مكان تحت أي راية، فإن على كل عاقل أن يسهم في تحقيق قدر من الانضباط بالإيضاح وبالسلوك الجميل وبالسعي في تحقيق مصالح الأمة من علم وعمل ومنافسة وتقوية جبهة داخلية ولا يتراجع مهما كان الخلل كبيراً والإحباطات عالية والفساد واسعاً، فإن ذلك أرحم بكثير من المجهول الذي يقود إليه مجهولون ويبدو أن أكثر النشاط يتم كما ورد على ألسنة أولياء الأمور عبر الإنترنت وليس عبر قنوات تقليدية. [c1]* كاتب وصحفي سعودي[/c]
|
فكر
أي إسلام يريدون له فتحاً؟!
أخبار متعلقة