الإسلام حضارة
إعداد / ميسون عدنان الصادقحالة من السعادة والبهجة تغمر قلوب المسلمين كافة في شهر رمضان الكريم فهو شعر يجسد كل معاني الصبر والطاعة والمودة من اجل رضا الله سبحانه وتعالى وإذا كانت فرحة المسلم مصدرها الشعور بالاقتراب من الله تعالى والانشغال بالعبادة والابتعاد عن المعاصي فإن فرحته لاتكتمل الا حين يرى اخاه المسلم وهو بجواره يؤدي نفس الفرائض ويشاركه الابتهالات والدعاء حباً في الله واملا في الجنة كما انه يصوم ويفطر على مارزقه الله من الطيبات.قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" اي من لم يترك الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه ويقول عليه الصلاة والسلام ايضاً "كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش" فالصيام ينقي القلب وعلى المسلم ان يلتزم بالاخلاق الطيبة والسلوك القويم في شهر رمضان.ومن المهم ان نتذكر انه على المسلم ان يتصف بالاخلاق الحميدة دائماً وان يستغل شهر رمضان بتدريب النفس على هذه الاخلاق.ولكن هل سأل احدنا نفسه كيف يستقبل اخواننا المسلمون هذا الشهر في البلاد المجاورة او حتى في البلدان البعيدة؟فلكل دولة عادات في شهر رمضان المبارك تميزها عن غيرها من البلدان هذه العادات تعكس ثقافة البلد وحضارته.[c1]موائد الرحمن[/c]تعتبر موائد الرحمن من مظاهر احياء هذا الشهر الفضيل التي تتشابه في معظم بلاد الاسلام فمن ازمنة بعيدة وموائد الرحمن تحتل مكانة كبيرة لدى الناس فهي مظهر طيب من مظاهر التكافل الاجتماعي حيث يتسابق اهل الجود لاقامة هذه الموائد طوال ايام الشهر الكريم ومدها بأطيب الاطعمة والاشربة لافطار الصائمين من الفقراء والمحتاجين وعابري السبيل حتى لايكاد يخلو حي او قرية او مدينة من المدن الاسلامية من هذه الموائد التي يتطوع بها القادرون تقرباً الى الله سبحانه وتعالى في شهر الرحمة والمغفرة وهذه الموائد الرمضانية لها تاريخ طويل يرجع الى عصور اسلامية سابقة ويروى ان احمد بن طولون حاكم مصر ومؤسس الدولة الطولونية هو اول من رأى في شهر رمضان مناسبة كريمة لاستثمار الفضائل فأمر بدعوة اغنياء وحكام الاقاليم في اول يوم من رمضان ووزعهم على موائد الفقراء والمحتاجين كي ينفقوا عليها.[c1]أطعمة شهية[/c]من المشروبات التي عرفها المسلمون " قمر الدين " وتنطق باللهجة الشامية "امر الدين" وسميت بهذه التسمية نسبة الى بلده بالشام كما عرف المسلمون مشروبات الياميش والخشاف والمرطبات حيث اعتاد الناس على تناولها عند اطلاق مدفع الافطار وقد دلت الابحاث على استحسان هذه العادة صحياً لان المرطبات او الماء المحلى بالسكر تمتصة الامعاء خلال نحو خمس دقائق فيرتوي الجسم الذي لوعه العطش وتزول عنه اعراض نقص السكر الناتج عن الصيام ، وقد حض الاسلام على تناول الاطعمة دون الاسراف فيها وبدا ذلك واضحاً في الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها "وكلوا واشربوا ولاتسرفوا".[c1]رمضان في المغرب[/c]يبدأ استعداد المغاربة لاستقبال شهر الصوم في وقت مبكر ويستعدون له بالصيام في منتصف شعبان واواخره، حتى يشاهدون هلال رمضان وما ان يدخل الشهر الكريم حتى تنطلق الالسنة بالدعاء الى الله لكي يجعل هذا الشهر بداية الخير ونقلة في حياة المرء فنجد الناس يتبادلون الادعية فرحين بالضيف الكريم الذي يغير حياتهم رأساً على عقب ويتبادل الناس الزيارات في الاسبوع الاول من رمضان حاملين اطيب الاماني في شهر الايمان والرحمة اما مائدة الافطار فتتكون لدى المغاربة من شربة الحساء ( الحريرة ) وهي الاكلة الرئيسية و "الزلابية" والتمر والحليب والبيض.[c1]عادات دمشقية[/c]قبل حلول شهر رمضان بيوم او يومين في دمشق يخرج الناس جماعات من الاصدقاء الى مناطق الغوطة الشرقية او مناطق الربوة والشادروان والمقسم والمشار والغياض وتفرش كل جماعة جانباً من مكان مطل على مناظر الخضرة والمياه وفي حين تنهمك النسوة في اعداد الطعام يلتف الشباب حول شاب يقوم بأداء اغنية الميجانا والعتابا وابوالزلف وبعض الاغاني الشعبية.[c1]رمضان في فلسطين[/c]لشهر رمضان في فلسطين مذاق خاص فبالرغم من الضنك والمعاناة والجراح والآلام نجد الناس في تواصل وتواد وتراحم وتمتد الايدي لتمسح دموع الايتام وترعى اسر الشهداء والاسرى وتقوم جماعات من الناس بعيادة المرضى في المستشفيات وتقديم الهدايا الرمزية لهم وتزداد صلة الارحام كما تنتشر الولائم والافطارات الجماعية في المساجد وقبل حلول رمضان بيوم او يومين تحضر النساء جرات فخار ويصنعن الجبن والشعيرية كما يقدم اهل الخير للفقراء قبل حلول شهر رمضان مايحتاجون اليه من طحين وعدس وفوس كما ان اهل بعض القرى الفلسطينية يخرجون زكاتهم في بداية الشهر حتى يمكن مستحقوها من شراء مايحتاجون اليه واذا كان الفسلطينيون في فلسطين يحرصون على صلة الرحم خلال ذلك الشهر الكريم فعلى كل مسلم ان يقتدي ويعمل بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في التراحم والتوكل على الله عز وجل فالصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب بل هو ايضاً امتناع عن معصية الله.