المرأة، وهي تؤدي دورها الاجتماعي بعيداً عن البذخ والتكلف، ستحس أنها عنصر فاعل، حقيقة وواقعاً، فهي لم تؤد هذا الدور مثلاً قصراً أو إلزاماً أو للضرورة، وبذلك ستقدم نموذجاً حياً لتفعيل دور المسلمة.ثم إن ما ينتظره المجتمع من المرأة هو ألا تتخلى عن دورها في المشاركة الفعالة والإيجابيةالمرأة، وهي تؤدي دورها الاجتماعي بعيداً عن البذخ والتكلف، ستحس أنها عنصر فاعل، حقيقة وواقعاً، فهي لم تؤد هذا الدور مثلاً قصراً أو إلزاماً أو للضرورة، وبذلك ستقدم نموذجاً حياً لتفعيل دور المسلمة.ثم إن ما ينتظره المجتمع من المرأة هو ألا تتخلى عن دورها في المشاركة الفعالة والإيجابية مع أخيها الرجل في أدوار الحياة المختلفة داخل المجتمع، وذلك من دون إلغاء للفروق الخَلْقية والوظائف الفطرية المنوطة بكل منهما، ولا يفهم من هذا الكلام أنه دعوة لإلغاء أنوثة المرأة بمعنى ترجيلها، ولا ترهيل الرجل أو تأنيثه على مذهب دعاة التحرر والتعري والتبدل.وعلى المرأة من جهة أخرى أن تتخذ خطوات إيجابية شجاعة، من أجل مجابهة الفقر الذي يضرب بها وبأسرتها، فإن عملها بجد واجتهاد في سبيل التخفيف من حدته أو حتى الوصول إلى اجتثاثه أمر مطلوب من الرجل والمرأة، وعلى المرأة المساهمة بذلك بقدراتها وجهودها الميسرة لها، وهو ما يمكن تسميته بمبدأ "المبادرة".فإن كثيراً من المجتمعات تشهد للمرأة بالعمل الحثيث والصبور والمتكامل، لما لها من صفات الصبر والتفاني في العمل، حباً فيه وفي أسرتها ابتداء، فهي تعمل لأجل إعالة أفراد أسرتها، الأمر الذي يخول لها القيام بدورها الكامل في المجتمع، وبحسب متطلبات العصر، لأنها أساس أي بناء للمجتمع، ذلك أن نجاح المرأة في هذا يفعِّل دورها في المساهمة في ازدهار المجتمع والأمة، أما إن بقيت سلبية اجتماعياً فإنها ستكرس التخلف والفرقة.وقد أظهرت الدراسات أن الفقراء لديهم القدرة على الارتقاء بمستواهم المعيشي، ولكن لعدم تمكنهم من الحصول على الموارد المالية اللازمة للاستثمار، فإنهم لا يستطيعون إيجاد فرص للعمل، "ومن ثم كان الحل الإسلامي لمشكلة الفقر هو ضمان حد الكفاية لكل فرد، يوفره لنفسه بعمله وجهده، فإن لم يستطع ذلك لسبب خارج عن إرادته كمرض أو عجز أو بطالة... الخ، تكفلت له بذلك الدولة من مال الزكاة".وهذا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: »والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه« رواه البخاري، في كتاب الزكاة. فيدلنا الحديث النبوي على أهمية البحث عن عمل أي عمل أفضل من مدّ اليد للتسول وسؤال الناس الصدقة. وهنا تظهر أهمية "المشروعات الصغيرة" التي يحاول أصحابها من خلالها اقتلاع جذور الفقر بصورة مستديمة متواصلة، لا لسد الحاجات الآنية بتوفير الغذاء اليومي فقط، وهو مطلب مهميستحقون التشجيع عليه، خصوصاً من أصحاب القرار في بلادهم، والأمر يصبح أعظم، إذا كانت صاحبة المشروع امرأة تعيل أسرة بكاملها.فالمطلوب من الحكومات "تبَنِّي برامج تدريب تتوافق واحتياجات سوق العمل لتدريب النساء على مجالات عمل جديدة ونافعة".ومنه اشتهرت الكثير من المعامل وورشات العمل الصغيرة وكما يسمى بعضها بـ "المشروعات الصغيرة"، والتي تبدأ عادة من فكرة بسيطة لأي فن أو عمل تتقنه المرأة والأسرة عموما لينتهي بتوزيعه وبيعه، والتي تعد أكثرها بيتية، وهي إما تتعامل بصفة مباشرة مع المصانع أو تتعامل مع المدارس والفنادق، أو أي مسوق آخر بديل، حسب المنتوج الذي تعده المدرسة في بيتها. سواء كانت الخياطة والحياكة، أو طبخ أطباق الأكل والحلويات، أو أي فن من فنون الصناعة اليدوية. ومنه تكون المرأة عاملاً فعالاً يدر مدخولا للأسرة المحتاجة.وفي إطلالة على أنواع بعض ورشات العمل البيتية، أو كما يسميها أهل الاقتصاد "المشروعات الصغيرة"، يظهر بعض منها فيما يلي:الخياطة:الحقيقة أن مهنة الخياطة والتفنن فيها عمل فنّي راقٍ لا يتقنه إلا حاذق ماهر، والنساء اللواتي لهن هذه الهواية حباهن الله بنعمة يحسدن عليها، لأنها تدر دخلا وفيرا، إذا ما امتهنت المرأة فن الخياطة، ومثله فن التطريز، لأن اللباس أمر ضروري في حياة الإنسان، فالخيَّاطة امرأة تقدم الخير للناس في إبداع الملابس البهية، سواء للاستعمال اليومي أو للمناسبات أو للأزياء الرسمية للمصانع والمدارس ورياض الأطفال وبعض المحلات التجارية، حيث أن المرأة تتعاقد مع أي جهة من هذه الجهات لتخيط لهم زيهم المطلوب أثناء أداء العمل أو الدراسة، وعادة ما يكون هذا التعاقد لمرتين في السنة، وهو مما يجلب دخلا للأسرة، دخلا قاًّرا لموسمين متفرقين، ناهيك عن الخياطة للأفراد. الطبخ: وهو الأمر نفسه مع سابقه أو أفضل منه، حيث يعد الطبخ فنّا تتقنه أغلب النساء، وهو مما يحتاج إليه الإنسان يوميا، فالمرأة تستطيع مساعدة أهلها وذويها في زيادة الدخل اليومي للأسرة من خلال تعاقدها مع مطاعم عامة أو داخل المؤسسات التعليمية، إضافة إلى الفنادق ومحلات الحلويات، وفي المجتمع الماليزي مثلا لا تحتاج المرأة إلا إلى أن تشتري بعض الأغراض البسيطة غير المكلفة لتفتح أمام بيتها كشكا صغيرا تبيع فيه الأكل في كل وقت بدء من بعد صلاة الصبح إلى منتصف الليل، فتوفر على نفسها مشقة البحث عن مسوق، ومشقة الابتعاد عن البيت وأسرتها، مما يكفل لها عملا غير مرهق.الأعمال اليدوية (الفخارية، والنسيجية):تعتبر الأعمال اليدوية التي تمارسها النساء عادة، خصوصاً في القرى والأرياف من الأعمال المميزة التي تتميز بالجودة والإتقان، وإن كانت تأخذ وقتا في إعدادها، ولكنها في الوقت نفسه تكون قابلة للتسويق والتوزيع بشكل كبير في الأماكن السياحية، وحتى على قارعة الطرقات أين يتوقف الباعة يستوقفون سيارات السياح ومرتادي الأماكن السياحية.زراعة بعض المنتوجات الزراعية البسيطة في حديقة البيت/ الزراعة على سطح البيت:بدأ مؤخرا في مصر مثلا الحديث عن إمكانية الاستفادة من أسطح المنازل والبيوت في الزراعة، وهو مما سيسهل الحصول على خضراوات نقية خالية من الهرمونات، ومنه أيضا توفير عمل لربات البيوت. فهذا العمل لا يحتاج إلا لمجهود ومال قليل _كما ذكر ذلك صاحب فكرة هذا المشروع- ورعايتها سهلة وبسيطة، كما أن إنتاجها عادة ما يكون مبكرا على الطبيعي. وهذه المشروعات إما أن تساعد الأسرة نفسها في الحصول على مبتغاها الغذائي أو يمكن لها التعاقد مع وزارعة الزراعة كما حدث في مصر، حيث " تم التعاقد على تنفيذ مشروعين، الأول مع منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" لتدريب الفتيات على الزراعة بدون مبيدات فوق أسطح المنازل، والثاني مع هيئة المعونة الكندية لتدريب ألف فتاة أخرى بمحافظة الفيوم، وذلك بهدف توفير فرصة عمل مناسبة يمكن لربة البيت أن ترفع بها دخل أسرتها دون الخروج من المنزل".تربية النحل:يسهل هذا المشروع في المناطق المفتوحة، حيث يمكن للنحل أن يتنقل بحثا عن غذائه اليومي، وبالتالي فإن اعتماد هذا المشروع يتم بطريقين اثنين، إما أن يتوفر لدى الأسرة المكان المناسب لتعريش النحل، ووضع بيوته الخشبية، وإما أن تستأجر لهذا الغرض عند صاحب أرض أو مزرعة في مكان قريب من الحقول التي يرتادها النحل عادة.وهذا المشروع لا يكلف الشيء الكثير، كما أنه لا يحتاج إلا لمجهود قليل جدا، ومدخوله يكون مرة في السنة، ولكن عسل النحل عادة ما يكون سعره مرتفعا في الوقت الذي لا يبخل الناس عن شرائه، لما له من أهمية صحية.تربية الأرانب:لم تعد تربية الأرانب مجرد هواية لبعض المزارعين في السابق، بل أصبحت تعتبر مشروعا اقتصاديا مفيدا، يدر الربح الكبير، فالأرانب سريعة التوالد وأولادها كثر!! والمختصون يرون أن تربيتها سهلة، إلا أنها تحتاج إلى جهود ضخمة في النظافة اليومية.تربية الأسماك على سطح البيت: ظهرت هذه الفكرة عندما تقدم أحد طلاب كلية الزراعة بجامعة عين شمس بالقاهرة ليقترح استغلال أسطح مباني الكلية لإنشاء أحواض خشبية لتربية الأسماك، ثم تلتها تجارب أخرى، مثل التجربة التي قام بتنفيذها أحد الفنادق بعد أن وجدت إدارة الفندق في هذا المشروع وسيلة تمكنها من الحصول على احتياجاتها من الأسماك الطازجة، فما بالك بالأسرة التي تحتاج للغذاء اليومي، خصوصاً بعد أن أثبتت التجارب صلاحية وفعالية نجاح هذا المشروع عندما يقترن مع مشروع زراعة الخضراوات فوق الأسطح حيث تتم عملية الاستفادة الثنائية والعكسية بين الخضراوات والأسماك .التعاونيات الاستثمارية (الاقتصاد المنزلي الجماعي):إن الفكر الاقتصادي التعاوني فكر أصيل في الفقه الإسلامي، والحل التعاوني قادر على القضاء على مشكلة رأس المال الذي تعاني منه المشروعات الصغيرة.فإذا ما تكاتفت أيدي الأسرة الواحدة أو مجموعة من الأسر في مشروع عمل واحد مع إحدى المؤسسات أو المصانع كما هو الأمر المعمول به في الصين واليابان وماليزيا مؤخرا، فإن النتيجة ستكون مجدية وفعالة، وتأخذ وقتا قصيرا، إذ أثبتت التجارب أن أفراد الأسرة أيدي عاملة ماهرة وهي تؤدي عملها داخل البيت من دون الحاجة للذهاب للمصنع، إذ سينحصر دور المصانع في التمويل والتسويق والتوزيع، ويبقى للأسرة دخل قار.أو اللجوء إلى انخراط الأسر في المشروعات الصغيرة التي تدخل في نظام "التصنيع العنقودي" كما تسمى في ماليزيا، أو "الصناعات المساندة" كما تعرف في اليابان، حيث يتمثل دور الدولة بعد ذلك في الترويج والتسويق لهذه المنتجات، إضافة إلى تبني مجموعة من البرامج المساعدة على تشجيع عمل هذه المشروعات، مثل برامج تدريب العمال، والإعفاء الضريبي، ثم تزويدها بالقروض الميسرة ، وهي إجراءات كفيلة بتشجيع وتحفيز العمال البسطاء على العمل والدخول في معترك برامج التنمية الاقتصادية للدولة.وقد نقلت مجلة" الأسرة" السعودية دراسة علمية مفادها أن 46 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا- ومعظمهم من النساء- يعملون في منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلا أكثر من دخل موظفي المكاتب بنسبة 28.وممن أولى أهمية لهذا الأمر في الدول الإسلامية - حسب علمي- مجلس الوزراء السعودي كما جاء في قراراته الصادرة بتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص عمل المرأة في القطاع الأهلي، ما سماه " العمل عن بعد"، وبرنامج" الأسر المنتجة"، ما نصه: "على وزارة العمل بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الخدمة المدنية ووزارة الخدمة الاجتماعية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب "العمل عن بعد" كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة، وتوفير الدعم اللازم لإنجاحها".يتضح مما سبق أن برامج التنمية الاقتصادية التي تعتمد وتستند على "التصنيع العنقودي" لها فوائد كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني عموما، وإيجاد دخل قار للأسرة المشاركة خصوصا، وهو ما من شأنه أن يوفر فرص عمل كثيرة وقارة لأفراد الأسر الفقيرة، والنساء خصوصا، إذ تثبت الدراسات أن أكثر الأسر الفقيرة هي المعولة من قبل النساء، أي أن العائل هو الأم في ظروف غياب الأب لوفاة أو طلاق أو سجن أو عجز مرضي الخ...الدراسة وآفاق البحث:- تنظيم برامج توعية للمرأة بدورها الحيوي في المجتمع ومسؤولياتها تجاه أسرتها ووطنها. تبنّي الحكومات لبرامج عمل تدريبية للنساء في مجال خبراتهن وقدراتهن للانتفاع بهن في المؤسسات الصناعية ومراكز التشغيل. - تبنّي المشروعات الصغيرة التي تعتمد على نظام التصنيع العنقودي والتي من شأنها مساعدة الأسر الفقيرة في إيجاد مسوق وموزع لما تنتجه.وأخيرا: إن الفقير لا يريد أن يبقى فقيرا إذا أتيحت له فرصة عمل، أيّ عمل يعول به أسرته.وإن توفير فرص عمل للفقراء أفضل وأضمن لهم من مدّهم بالغذاء واللباس فقط.وصلّى الله وسلم على سيد الخلق أجمعين وآله وصحبه الميامين.
|
ومجتمع
دور المرأة الحيوي في بناء الاقتصاد المنزلي لمجابهة الفقر وتفعيل الذات
أخبار متعلقة