من المسائل التاريخية الهامة والخطيرة المرتبطة بتاريخ اليمن الحديث والمعاصر وهي دور اليمنيين في حرب فلسطين عام 1948م ، وكيف لبوا نداء الجهاد ، ورووا بدمائهم الزكية العطرة ثرى فلسطين الغالي إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين ، المصريين ، السوريين ، العراقيين ، السعوديين ، الأردنيين , اللبنانيين ، و السودانيين وغيرهم من أبناء الأمة العربية الذين سجلوا أروع البطولات في سجل الخلود في مواجهة إسرائيل التي أعلنت عن تأسيسها على أرض فلسطين العربية يوم 14 أيار ( مايو ) سنة 1948م . والحقيقة إنّ الوعي اليمني بالقضية الفلسطينية بين المثقفين والكتاب والأدباء اليمنيين ، كان حاضرًا منذ بداية الأربعينيات. ودليل ذلك ما كان تكتبه الأقلام اليمنية المستنيرة على صفحات مجلة « الحكمة « اليمانية الصادرة في صنعاء سنتي ( 1938ـــ 1941م ) من مقالات مختلفة عن القضية الفلسطينية والمؤامرات التي كانت تحيكها بريطانيا والدول الاستعمارية الأخرى بالتواطؤ مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني .[c1]في سجل الخلود[/c]وكيفما كان الأمر ، إنّ تاريخ حرب فلسطين سنة 1948م ، وعلى الرغم من الكم الهائل من المؤلفات التي كتبت عنها بأقلام فلسطينية أو عربية أو غير عربية مازالت فيها الكثير من الغموض الذي يحتاج إلى إماطة اللثام عنها وبالأحرى إعادة النظر في أحدثها ووقائعها التاريخية فحرب فلسطين الذي مر عليها ( 60 عامًا ) مازالت مليئة بالأسرار الخفية ، والوقائع الخطيرة والتي تقبع في سراديب مغلقة تحتاج من المؤرخين المحدثين ، والباحثين الحاليين الخوض فيها وفتحها وتمحيصها والتنقيب والبحث عنها ، وشرحها وتفسيرها ، وتحليلها ، وتقويمها ، ومن تلك الأمور التي مازالت في قيعان المجهول ، بالرغم من أهميتها شهداء أهل اليمن الذين سقطوا في ساحة الوغى الذين مزجت دمائهم بدماء إخوانهم الفلسطينيين في حرب فلسطين عام 1948م . ولقد سجل ودوّن الكاتب والمؤرخ الكبير الفلسطيني العارف المقدسي المتوفى ( 1393هـ / 1973م ) في رام الله بفلسطين في مؤلفه ( سجل الخلود ) أسماء الشهداء من أبناء البلدان العربية الذين سقطوا في ساحة الوغى في حرب فلسطين عام 48م ، ومن بينهم أبناء اليمن الذين استشهدوا في ساحة الوغى وهم يذوذون عن حياض أرض فلسطين الغالية . والجدير ذكره أن سجل الخلود هو الجزء السادس من كتاب( النكبة ) والذي يعد هذا السفر الجليل من أفضل ما كتب عن مؤامرة زرع الدولة اليهودية بأرض فلسطين ، وكشف الأسرار الخطيرة لأول مرة المؤامرات ، والدسائس التي أحيكت بطرد الشعب الفلسطيني من دياره.[c1]الشهداء اليمنيون في فلسطين[/c]ويذكر ، الكتاب 49 شهيداً يمنياً ، تم التعرف على أسماء 21 شهيداً منهم ، وأما الآخرون فمجهولون ، وسنورد بعض أسماء الشهداء اليمنيين ، ومسقط رأسه و بلدته في اليمن ، ومكان استشهاده في قرى ، ومدن فلسطين ، وتاريخ استشهاده فعلى سبيل المثال محمد حسن عبده ، : تعز ، مكان الاستشهاد : يافا ، تاريخ الاستشهاد : 9/ 12 / 47م . أحمد جبران: حجة ، مكان الاستشهاد : جنوب القدس . تاريخ الاستشهاد : ؟ / 5 / 48م . بكاش ( بجاش) محمد عامر : صنعاء ، مكان الاستشهاد : حي الثوري ، تاريخ الاستشهاد : 5 / 8 / 1948م . يحيى عبيدة : مأرب . مكان الاستشهاد : دير الأرمن . تاريخ الاستشهاد : 6 / 7 / 48م . أحمد ملهي الحبيشي ، : حبيش في إب . مكان الاستشهاد : تل لتفنسكي . تاريخ الاستشهاد : 15 / 4 / 48م .عمر سلمان محمد علي : تهامة . مكان الاستشهاد : جنوب القدس . تاريخ الاستشهاد : ؟ / 5 / 48م . [c1]وثيقة تاريخية نادرة[/c]والحقيقة أن كتاب ( سجل الخلود ) يعد وثيقة تاريخية هامة ونادرة عن تاريخ الشهداء اليمنيين في حرب فلسطين 48م . والكتاب يعطينا صورة واضحة وعميقة عن مدى حب أهل اليمن لفلسطين الغالية ومدى الوعي الكبير حينذاك لدى اليمنيين إزاء القضية الفلسطينية وإدراكهم العميق للخطر الكبير والداهم من تغلغل الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين والتي كانت له تداعيات وخيمة على تاريخ فلسطين والأمة العربية حتى هذه اللحظة ، وكان ذلك ما حدث بالفعل. ولقد وقر حب فلسطين في قلوب أجدادنا ، آبائنا فضحوا بالنفس والنفيس ، وتركوا الوطن و الأهل ، والأحباب من أجل إنقاذ فلسطين الحبيبة من مخالب إسرائيل .[c1]جهود مضنية[/c]ولا يسعنا في هذا المقام ، سوى أن نشكر الباحث والمحقق الكبير ( أبو حسان )خالد أبا زيد الأذرعي السوري على جهوده المضنية المتسمة بالدقة المتناهية والعميقة في تحقيق ، وتقديم ، مراجعة كتاب ( سجل الخلود ) لمؤلفه عارف العارف المقدسي ، ونأمل في المستقبل القريب تحقيق المجلدات الأخرى نظرًا لأهميتها التاريخية للقضية الفلسطينية منذ وعد بلفور لوزير خارجية إنجلترا حينداك سنة 1917م لليهود بإقامة دولة لهم على أرض فلسطين العربية وحتى حرب فلسطين عام 1948م نظرًا لأن مؤلفها كان شاهد عيان على جريمة اغتصاب فلسطين العربية والتي هي جزء لا يتجزأ من جسد الأمة العربية.
