[c1]د. إلهام مانع *[/c]هل يمكن للرجل أن يغتصب زوجته؟ سؤال غريب؟لعله غير منطقي على الأحرى؟ في كل الأحوال أدعوكم أعزائي إلى التأمل فيه وأنا أكمل الفقرة القادمة. نفس الموضوع طُرح بصورة عارضة خلال أمسية قضيتها مع مجموعة من البرلمانيات السويسريات على شرف وفد صحافي نسائي من ست إعلاميات سعوديات زرن سويسرا في شهر مايو من عام 2002 بدعوة من وزارة الخارجية السويسرية. ضمن حوار جانبي، تحدثت إحدى البرلمانيات عن قضية المرأة، والتي اعتبرتها مسألة إنسانية عالمية، لا تتعلق بثقافة محددة أو شعب بعينه، لافتة إلى أن قانون العائلة السويسري الذي تم تعديله في بداية الثمانينات كان يحتوي على نص يعطي للرجل الحق في تحديد المكان الذي تعيش فيه عائلته، حتى لو كان ذلك يتعارض مع رغبة زوجته. بكلمات أخرى، كان يمكن للرجل حينها أن يقول لزوجته "أجمعي أمتعتنا، سننتقل غداً إلى كانتون جديد"، وكان عليها أن "تطيع"، شاءت ذلك أم أبت! ثم أضافت، إن المجتمع السويسري أحتاج إلى فترة طويلة كي يتقبل أن هناك حالات "يغتصب فيها الرجل زوجته". عندما قالت ذلك قاطعتها إحدى الصحافيات السعوديات بلطف معترضة "الرجل لا يغتصب زوجته!"قالتها وهي مندهشة. قالتها وهي منزعجة. في الواقع قالتها مستغربة من الفكرة في حد ذاتها. وفهمتها. كما فهمت دهشتها. فالفكرة في حد ذاتها لا تبدو فقط مستهجنة بل غير معقولة من الأساس. الاغتصاب عادة هو فعل الغريب، الذي يرتكب هذه الجريمة متعدياً على ما لا "حق" له فيه. لكن أن نحدد هذا الفعل ضمن نطاق العلاقة الزوجية، فهذا أمر غير مفهوم، خاصة وأن العلاقة الحسية تظل حقاً مؤسساً للزوجين على حد سواء. هذا لا يعني أنه لا يحدث. يحدث عندما يجبر الرجل زوجته على ممارسة الجنس ضد إرادتها، أو يعتدي عليها بالضرب كي يحصل على مراده.وهو يحدث في مجتمعاتنا كما يحدث في المجتمعات الأخرى. وأنا أدري أنه يحدث في مجتمعاتنا، لأن حياتي في خمس بلدان عربية وإسلامية، وتنقلي فيما بعد ضمن إطار عملي كصحافية، مكناني من التعرف عن قرب على العديد من القصص التي روتها لي النساء المتضررات بأنفسهن. كقصة المرأة التي "أغتصبها" زوجها وهو سكران. أرادها "غصباً"، فهي لم تعترض في الواقع على طلبه، لكنه مارس "حقه" بعنف وقسوة، وإلى المدى أنها استيقظت في الصباح لتجد جسدها مليئاً بالكدمات الزرقاء! أين المودة والرحمة في كل هذا؟ لعلكم تتساءلون أعزائي عن مبرر التطرق إلى هذا الموضوع، خاصة وأنه لا يمثل ظاهرة "عامة". فكونه يحدث، لا يعني أنه يحدث كل يوم أو في كل بيت. بل يظل في كل ذلك الاستثناء لا القاعدة. على الأقل هذا ما يمكننا أن نتصوره خاصة في ظل غياب أية دراسات أو بحوث متعمقة في هذا الشأن. لكن الدهشة التي جوبه بها تعليق البرلمانية تستحق منا التوقف. لأنها دهشة تعكس القناعة السائدة في مجتمعاتنا، خاصة في شبه الجزيرة العربية، تجاه طبيعة العلاقة الحسية بين الزوج والزوجة. تلك القناعة ترى أن للرجل "حقاً مطلقاً" في جسد زوجته، وأن هذا الحق يمارسه "وقتما شاء" و"كيفما شاء"، فجسدها ليس ملكاً لها، بل لزوجها، يفعل به ما يشاء حتى لو كانت كارهة لذلك، وأن على الزوجة "دائماً" أن تلبى طلبه مهما كان شعورها، وأن من لا تفعل ذلك لا تستحق فقط غضب المجتمع، لا بل ستحق عليها أيضاً لعنة السماء. هكذا!مسكينة هذه المرأة. لم يكف أننا خنقنا الأنفاس من حياتها في شؤونها العامة، بل زدنا على ذلك بأن كبلناها في أدق خصوصيات حياتها. في فراشها! مثل هذه الرؤية لها تداعيات. أهمها أنها تؤسس لعلاقة غير متساوية بين الزوجين، تتحول معه المرأة إلى "شيء" يتم استخدامه من قبل الزوج،"شيء" سلبي،يقف دائماً في موقع المتلقي لا المبادر، لا كشريك متساو له نفس الحقوق والواجبات ضمن إطار علاقة يُفترض أنها تقوم على المودة والرحمة.ومادامت المرأة "شيء" في الفراش، هل يمكننا فعلاً أن نتوقع تحولها إلى كائن إنساني كامل في الحياة العامة؟ أظن أن الكثير الكثير سيتغير لدينا إذا بدأ المجتمع يتعامل مع المرأة على أنها كيان مستقل، لها الحق في أن تقبل أو ترفض ممارسة العلاقة الحسية مع زوجها، مثلها في ذلك مثله. لأنها إنسان، مثله، ولأنها ببساطة لا تريد! -------------------------[c1]* كاتبة يمنية مقيمة في سويسرا [/c]
اغتصــاب؟
أخبار متعلقة