لاهاي/14 أكتوبر/رويترز: افتتحت أمس الأحد محكمة دولية جلساتها للنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وذلك بعد أربع سنوات من رحيله. وقال ممثل الادعاء في المحكمة الخاصة للبنان انه سيطلب قريبا نقل المشتبه بهم والشهود من لبنان إلى المحكمة في هولندا. ولا تزال السلطات اللبنانية التي أطلقت مؤخرا بكفالة سراح ثلاثة رجال احتجزوا فيما له صلة بالحادث تحتجز أربعة ضباط كبار كانوا على رأس المؤسسة الأمنية اللبنانية وقت الحادث. ومن المتوقع أن يستغرق نظر القضية أمام المحكمة ما بين ثلاثة وخمسة أعوام فيما خصصت ميزانية تصل إلى 51.4 مليار دولار لعمليات المحكمة في عام 2009. وقال دانييل بيلمير ممثل الادعاء بالمحكمة للصحفيين في الجلسة الافتتاحية أن أمامه 60 يوما سيطلب خلالها من السلطات اللبنانية نقل المشتبه بهم والشهود إلى لاهاي. وأضاف «لم يقدم طلب بعد لكنه سيقدم بأسرع ما يمكن.» وقتل الحريري و22 شخصا آخرون في انفجار سيارة ملغومة في العاصمة بيروت في 14 فبراير عام 2005، وأثار مقتل الحريري غضبا عالميا. وقال روبين فنسينت أمين سجل المحكمة لمن حضروا الجلسة «في النهاية لسنا هنا من اجل الأمم المتحدة ولسنا هنا من اجل المجتمع الدولي. لسنا هنا من اجل مرتكبي الجريمة بل من اجل الضحايا.» وقال بيلمير انه سيواصل جمع الأدلة وربما يوجه عدة اتهامات خلال المحاكمة. وأضاف «بمجرد أن يستقر في اعتقادي أن لدي ما يكفي من الأدلة ضد شخص أو جماعة من الأشخاص فسأقدم لائحة اتهام.» وسيتم احتجاز المشتبه بهم الذين سينقلون للاهاي قي جناح منفصل في مركز اعتقال شفينينجن حيث يحتجز من يشتبه فيهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. وفي حالة صدور لوائح اتهام يمكن للمشتبه بهم أن يسلموا أنفسهم للمحكمة طواعية ويمكن للمحكمة أن تطلب من مجلس الأمن أن يضغط على دول لتسليم المشتبه فيهم للمحكمة ويمكنها محاكمة المشتبه فيهم غيابيا. وقد ألقيت في جلسة الأمس عدة كلمات بالمناسبة بحضور باترسيا أوبريان مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في هولندا وأكثر من مائة صحفي من مختلف أنحاء العالم.وفي مستهل الجلسة التي أشرف عليها مقرر المحكمة البريطاني روبن فينسنت، أكد سفير لبنان في هولندا زيدان الصغير استعداد حكومة بلاده لمواصلة التعاون مع المحكمة في سبيل تحقيق العدالة.ومن جانبه أكد المدعي العام للمحكمة الكندي دنيال بلمار أن الإعلان عن افتتاح تلك المحكمة التي أنشئت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2007 يمثل لحظة تاريخية ليس بالنسبة للبنان فحسب ولكن للأسرة الدولية برمتها.وقال بلمار الذي كان يقود التحقيق الدولي بشأن اغتيال الحريري، إنه لشرف عظيم بالنسبة له أن يتولى مهام المدعي العام بتلك المحكمة، وإن أقر بأن ذلك يمثل مسؤولية كبيرة.وجدد بلمار التأكيد أن هدف المحكمة هو البحث عن الحقيقة مهما كانت وأينما كانت في احترام تام لمبادئ العدالة الجنائية الدولية، مشددا على أن المحكمة لا تسعى للانتقام ولكنها تسعى للعدالة ومعاملة الجميع باحترام.وقال بلمار إن المحكمة ستبدأ أعمالها اليوم الاثنين في حين لم تتضح بعد هوية من سيوجه إليهم الاتهام بتنفيذ الهجوم الذي استهدف موكب الحريري يوم 14 فبراير 2005 وراح ضحيته أيضا 22 شخصا.وتطبق المحكمة -التي يوجد مقرها بمبنى قديم كان تابعا لاستخبارات هولندا- القانون الجنائي اللبناني ويترأسها 11 قاضيا أربعة منهم لبنانيون بينما تم التكتم على جنسيات الباقين لأسباب أمنية.وقال بلمار في وقت سابق إنه سيدعو سلطات لبنان إلى تسليم أربعة جنرالات محتجزين على ذمة التحقيق، لأنه «لا يمكن إبقاؤهم محتجزين إلى ما لا نهاية وسيمثلون أمام المحكمة». وأضاف أنه لا يرى ما يجعله يشك في تعاون لبناني كامل.وتعهد رئيس الوزراء فؤاد السنيورة باستمرار تعاون بيروت مع المحكمة، وقال في بيان أمس الأول «يهمنا تجديد دعم الحكومة اللبنانية الثابت للمحكمة» والتأكيد على تعاونها الكامل معها والتزامها بالنتائج والأحكام التي ستصدر عنها «أيا كانت»، واعتبرها «بداية جدية للعمل على وضع حد لمسلسل القتل المتمادي».وكان النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل والأكثرية النيابية أكد التزامه بالنتائج التي ستخرج بها المحكمة.وأمام محكمة لاهاي ستون يوما لتطلب تسليم الجنرالات، وهم رئيس الحرس الجمهوري السابق مصطفى حمدان، ومدير الأمن العام جميل السيد، ومدير قوى الأمن الداخلي علي الحاج، ومدير مخابرات الجيش ريمون عازار.وتعهد بلمار في رسالة إلى اللبنانيين أمس الأول بـ»بذل كل شيء ممكن إنسانيا وقانونيا لضمان معرفة الحقيقة وضمان محاكمة المسئولين عن الجرائم ممن يقعون في دائرة اختصاصنا».وتحدث مقرر المحكمة عن جناح خاص في سجن شخيفنينغن في لاهاي بات جاهزا لاستقبال كل من يجري تسليمه.وتزامنا مع إعلان افتتاح المحكمة في لاهاي رصدت في لبنان أجواء من الأمل والثقة في صفوف أنصار قوى 14 آذار بأن يتم تحديد هوية مرتكبي جريمة اغتيال الحريري.وقد بدأ أنصار 14 آذار يحتشدون في وسط بيروت مع بدء جلسة افتتاح المحكمة الخاصة وسبق ذلك تحرك رمزي من خلال وضع أكاليل زهور على قبور ضحايا بعض الاغتيالات التي شهدها لبنان منذ أربع سنوات.كما قال وكلاء الضباط الأربعة الموقوفين على ذمة التحقيق إن افتتاح المحكمة الخاصة بلبنان يمثل يوما تاريخيا، وأعربوا عن أملهم في أن يقدم المدعي العام بالمحكمة على الإفراج عن موكليهم.وتحسبا لأي تطور مفاجئ فقد أعلن قائد قوى الأمن الداخلي الجنرال أشرف ريفي حالة التأهب القصوى مع افتتاح المحكمة، وشوهد جنود لبنانيون يأخذون مواضع بالنقاط الرئيسية في بيروت.