في إطار نشاطات معهد أمديست للخدمات التعليمية
أجرى لقاء/ أمل حزام مذحجي - محمد فؤادملامح تاريخية وحقيقية ترجع إلى العصور الوسطى تم فيها استرجاع جزء من الحضارة الفينيقية ببناء سفينة أسطورية بعد انتشالها من حطام سفينتين ( حربية وتجارية ) ودمجهما ليظهر هذا المركب بشكله العتيق في وقتنا الحاضر من حيث بناء هيكله الخارجي والداخلي بالطريقة القديمة لاستذكار الرحالة في مراحل رحلاتهم العديدة عبر المحيطات والبحار والأنهار في البحث عن الحقيقة وماوراء البحار من كنوز ومغامرات عديدة تم من خلالها تعزيز النشاط الثقافي وتوثيق العلاقات التجارية بين البلدان وتحدي الصعوبات المختلفة في الاعتماد على الرياح والسفر بقوة العزيمة والإرادة الإنسانية في الوصول إلى شاطئ الأمان لتوصيل رسالة حتى تجسد الحضارة الفينيقية في وقتنا الحاضر. [c1]طلاب اميديست يتعرفون على الحضارة الفينيقية[/c]نظم معهد اميديست للخدمات التعليمية والتدريبية رحلة بحرية لأكثر من (250) طالباً وطالبة من منتسبي المعهد ليزوروا المركب الفينيقي الأثري الذي وصل ميناء عدن ( الرصيف السياحي ) بمديرية التواهي في جولته الاستطلاعية عبر الحديدة التي بدأها من بلاد الشام ( سوريا) وعلى متنها شخصيات مختلفة من كافة الدول والجنسيات لتوطيد عامل ربط وتداخل الثقافات والحضارات الإنسانية على مدى العصور والأزمان. وقد استمع الطلاب والطالبات في المعهد إلى شرح مفصل من قبل كابتن وقائد السفينة الفينيقية ومؤسس وصاحب فكرة إعادة بناء المركب .. السيد فليب بريطاني الجنسية . ومن جهة أخرى قام الطلاب بعد ذلك بالسرد المعلوماتي والتاريخي الممتع مع ربان القارب الشراعي الفينيقي حيث طرحوا عليه مجموعة من الأسئلة الفنية عن مضمون وهدف هذه الجولة الآسيوأفريقية .. وبدوره رد على كافة الاستفسارات والأجوبة من قبله . انتهزت صحيفة 14 أكتوبر الفرصة لإجراء لقاء مع قائد السفينة فكان الحوار كالتالي: هلا حدثتنا عن الهدف من إقامة مشروع إعادة بناء السفينة الفينيقية وعن الرحلة ؟ فأجاب السيد فليب قائلاً : كنت ملماً بتاريخ السفن والحضارات القديمة خاصة العربية باعتبارها من أقدم وأعرق أصول التاريخ في العالم إلى جانب اهتمامي بالتاريخ والثقافة والجغرافيا والآثار القديمة وذلك منذ خمس سنوات تعرفت خلالها على تاريخ مصر والحضارة الفرعونية إلى جانب تركيزي على التراث الفينيقي في بلاد الشام وخطرت على ذهني فكرة إعادة بناء إحدى السفن الشراعية البدائية التي كان الفينيقيون يستخدمونها في عملية السفر والإبحار عبر الطرق التجارية والبحر الأحمر والبحار الأخرى. وأضاف السيد فليب في حديثه للصحيفة أنه هو والفريق المكون من طاقم متعدد الجنسيات في الشرق الأوسط وأفريقيا قاموا بصناعة المركب بالطريقة التقليدية حيث لاحظوا أنه كان في الماضي يوجد نوعان من السفن الفينيقية التجارية منها والحربية، وبناء هذه السفينة الأسطورية جاء بعد انتشال عدد من حطام سفينتين حربية وتجارية وقمنا بعملية جمع القطع وإدماج بعضها ببعض .[c1]( 9 ) أشهر لبناء السفينة[/c]وأشار فليب في حواره إلى أنه تم بناء السفينة في موانئ سوريا ولبنان لكي يقوموا بعملية إنشائها على نفس الطراز القديم أي ( الهيكل ) .. وعند البناء استخدموا عشرة آلاف قطعة من الحديد .. لأنه في القديم آنذاك لم يكن يوجد مسامير لتطبيق الألواح والأعمدة الخشبية في المركب .. ففي يومنا هذا عند صناعة السفن يعمدون إلى بناء الهيكل أولاً ثم السطح والعكس في أيام الفينيقيين. كم بلغت المدة التي استغرق فيها بناء السفينة ؟ بالنسبة للمدة فقد استغرق بناء القارب (المركب) تسعة أشهر وعمره الآن لايتجاوز العام فقط .. واستخدمنا نوعاً من الطلاء الخاص بالسفن القديمة متى تظهر بلونها الأصلي القديم . واضاف السيد فليب قائد المركب عند الانتهاء من بنائه في سوريا حضرت عقيلة الرئيس السوري بشار الأسد للمشاركة بتدشين إنطلاق أول رحلة للسفينة الفينيقية من الميناء السوري. في بداية الرحلة كان على متنها أربعة سوريين وكان من الصعب جداً في بداية الأمر رفع وشد أو إنزال الأشرعة مع شدة قوة الرياح والتيارات البحرية .. فكانت قناة السويس أول محطة يخرجون منها في رحلتهم ومغامرتهم الاستكشافية عبر القارة الأفريقية. [c1]المصاعب التي واجهت المركب[/c] حدثنا عن أهم الصعوبات التي واجهتكم أثناء الرحلة . ؟( تكمن المشكلة والصعوبات التي واجهت طاقم السفينة الخشبية هي في تكسر بعض السلاسل الحديدية من شدة وقوة الرياح وتلاطم الأمواج العاتية في البحر .. قمنا بعد ذلك باستبدالها بسلاسل اقوى وأصلب وتابعنا الرحلة بعد ذلك بسلام. ومن الصعوبات التقنية بالسفينة هي تحطم جهاز الرادار .. حيث لم نستطع السيطرة على الدفة لقيادة السفينة وكنا بعيدين عن الساحل بحوالي (50) ميلاً بحرياً وكان ذلك بالقرب من الشواطئ المصرية .. ولكن بعد لحظات استجابتنا قوات خفر السواحل المصرية وانقذوا الموقف. ظهرت بعد ذلك مشكلة عويصة برزت من خلال عدم قدرتنا على التحكم وتحريك سكان السفينة لان نمط بناء هذا النوع من السفن الفينيقية لم يكن له عجلة توجيه بل كانوا يضعون بدلاً منه وتداً خشبياً في وسط السفينة ويتم تحريكه يمنياً وشمالاً لتوجيه المركب بعكس الطراز القديم للسفن الخشبية للحضارات الأخرى. وأضاف القائد فليب من المواقف الظريفة التي واجهتهم أثناء وصولهم مشارف عدن رؤيتهم لمجموعة من قوارب الصيادين المحليين للمدينة .. فاعتقدوا أنهم من القراصنة الصومال ثم قام الصيادون بإهداء الطاقم بعضاً من الأسماك ما يدل على الكرم وحسن الضيافة لسكان هذه المحافظة (عدن). [c1]الطلاب .. ومغامرتهم التاريخية[/c]بعد ذلك ذهبنا مع الطلاب إلى معهد أمديست والتقينا بالسيد إدوارد برادوس مدير مكتب أمديست في صنعاء وعدن.. وكان لنا معه هذا اللقاء عن الرحلة فقال: كانت هذه الرحلة ضمن برنامج تعريف الطلبة في امديست وتقوية فهمهم للتاريخ والجغرافيا إلى جانب وصلهم بأسلافهم وأجدادهم. يعتبر هذا الحدث نادراً في اليمن ومغامرة تاريخية وهي أول مرة لشخص يستطيع أن يسافر من البحر الأبيض المتوسط حول قارة أفريقيا كلها والعودة إلى البحر الأبيض على متن سفينة في خلال سنة أو سنتين في مركب يمثل السفن القديمة الخشبية والشراعية. وأندهش السيد إدوارد من أن جيل الشباب في معهد اميديست لا يعلمون شيئاً عن التاريخ والحضارة الفينيقية ولعدم وجود العلاقة البحرية في محافظة عدن وبين سكانها .. باعتبار مدينة عدن تعتبر ميناء عالمياً وتجارياً لدولة اليمن والموقع الاستراتيجي لمينائها والكبير والمشهور. وأضاف في حديثه أنه عندما توجه بسؤال إلى الطلاب الـ (200) بالمشاركة في العمل المهني البحري في مستقبلهم في هذه المدينة انساقوا وركزوا على تخصصات محدودة وغير متجددة. بل أصبح توجه الطلاب إلى مجالات ( الطب + الهندسة ) بينما نستطيع أن نفتح أمامهم اختيارات ومجالات أخرى تنموية بحكم الموقع الإقليمي لمدينتهم .. أصبحوا محصورين وتائهين بين هذين التخصصين !!! وأضاف إدوارد أنهم بشجعون الطلاب على الارتباط أكثر مع بيئتهم البحرية. وبنفس الوقت استغلال مثل هذه الفرصة الوحيدة باعتبارها نادرة جداً .. والفصل بين حقيقة عدن ومواطنيها وليس الكل بالطبع .. وعدم الاهتمام بالتراث البحري الأصيل مركزين اهتمامهم على الأمور السطحية فقط. ونحن استغللنا لهم هذه الفرصة لكي يتعرفوا على تاريخهم والشعوب والحضارات الأخرى المحيطة بهم .. والكل تأثروا وأحبوا الرحلة. وقال أن القائد فليب تقدم بهذا المشروع التاريخي بصفة تطوعية لطلاب اميديست ولخدمة التوعية وبتمويل ( الأكسز ) من وزارة الخارجية الأمريكية ولخدمة المجتمع بتعريفهم بالعالم من حولهم !! وكما تعلمون فقد اصبح العالم قرية صغيرة !! بسبب التطور التكنولوجي واستخدام وسيلة الانترنت أما القنوات الفضائية فلا تعكس شيئاً عن الحياة الخارجية وهو ما يفكرون به !!!وكان لنا هذا اللقاء مع الأخت/ جيهان آدم دادة مدير إداري ومنسق المنح الدراسية في معهد امديست وبشكل رئيسي مسؤول عن برنامج ( YEC ) لطلاب الثانوية لدراسة عام من أعوام الثانوية في الولايات المتحدة والتي قالت إن الإعلان يتم تعميمه على مستوى مكاتب التربية وعلى مستوى المدارس والصحف ويتم فرز الملفات للطلاب وعمل مقابلات شخصية لمعرفة مستواهم الدراسي ومستواهم الثقافي ليكونوا سفراء لبلادهم في الخارج وهذا يعتبر من أهم الأهداف يتم بعد ذلك تحضيرهم في المركز لفترة ما بين 7 إلى 8 أشهر حيث يقومون بتكثيف دراسة اللغة الانجليزية ويسافرون مع بعضهم كل في ولاية ويتم استضافتهم من قبل عائلات أمريكية وهذه العملية تشرف عليها منظمات عديدة منها امديست !! ويمول من قبل الحكومة الأمريكية ومراقبة مكثفة على هؤلاء الطلاب ( 14 - 18 ) سنة وتعتبر هذه التجربة مفيدة جداً في التعرف على ثقافة جديدة بالإضافة إلى أن لغتهم الإنسانية تتحسن بسبب البيئة المحيطة ويرفع من مستواهم ويرفع من طموحاتهم في مواصلة المشوار الدراسي والحصول على منح خارجية للدراسة. أضافت الأخت منى منسقة برنامج (الالكسز)في المعهد، أن هناك مهاماً ملقاة على عاتق المعهد تتمثل بالمحافظة على البيئة من خلال أخذ الطلبة إلى الشواطئ بالمحافظة لتنظيفها من الشوائب والأوساخ. في البداية واجهنا تأفف ونفور بعض الطلبة من العملية ولكن بعد أن شاهدوا التغيير أصبحوا سعداء وأحسوا بعمال النظافة والجهد والتعب المضني الذي يعانونه أثناء أدائهم لعمل النظافة وأصبحوا أيضاً يمانعون رمي أي شيء على الأرض ونمالديهم حس المسؤولية والانتماء !!! وكل هذا يعتمد على التعود والاستمرارية في التوعية لكي ترسخ الفكرة لديهم .. وأهدافنا بالمعهد ليست تعليمية وإنما اجتماعية أيضاً !! بعد الرحلة البحرية التقنيا بمجموعة من الشباب والشابات المنتسبين لمعهد امديست فكان لنا معهم هذا اللقاء عن انطباعاتهم والهدف من الرحلة لزيارة السفينة الفينيقية التاريخية فكان الحوار كالتالي: [c1]ربط العالم القديم بالعالم الحديث[/c]الشاب / محمد عماد علي عبدالله السكران خريج ثانوية عامة من الولايات المتحدة الأمريكية !! من ولاية ( ليويزيانا ) من خريجي معهد امديست قال:بالنسبة لي أنا سعيد جداً من هذه الرحلة، كانت ممتعة بشكل كبير جداً !! فلم تكن فقط رحلة ترفيهية فحسب بل تعليمية وتثقيفية أيضاً !! والهدف منها يكمن في أبعاد جميلة جداً كخوض غمار التاريخ البحري. وأضاف أن السفينة الفينيقية ليست مجرد سفينة فقط بل هناك تخطيط وفكرة ومشروع عن كيفية ربط العالم القديم بالحديث ودمج الثقافات العربية والغربية .. من خلال اشتراك البريطانيين والأمريكان في بنائها بالتعاون مع عرب في عملية تجميع القطع لبنائها !! وإنشاء عملية تأثير وتأثر بين مختلف الحضارات العالمية. وأوضح أن جعل طاقم السفينة من مختلف الجنسيات تعتبر فكرة رائعة بحد ذاتها !! الشيء الآخر أن هذه الرحلة كانت مفاجئة وخلفياتها التثقيفية غير متوقعة.[c1]معلومات عن المركب وشؤون الملاحة[/c]الشابة شيماء عبدالقوي محمد سعد الصنعاني وهي في السنة الأكاديمية بعد الثانوية العامة وتنوي أن تدخل غمار الهندسة قالت: انطباعاتي عن الرحلة كانت تثقيفية بشكل كبير من جانب أن الطلاب لم يكونوا يعرفون أي معلومات عن هذا الموضوع ولكن كانت أفكارهم محصورة على أفلام الكرتون والأفلام التاريخية لا أقل ولا أكثر.وبالعكس فقد حققناها على الواقع ما دفعني إلى الإكثار من الأسئلة والاستفسارات للكابتن فليب .. ولقد استفدت أشياء ومعلومات قيمة عن السفينة وشؤون الملاحة البحرية سواء القديمة أو الحديثة .. وأخذت فكرة عن واقع السفن !! ولقد أعربت عن إعجابي للقبطان فليب وعن فكرته من خلال بناء سفينة على الطراز القديم !! ولتعيشنا في حياة الفينيقيين وجوهم الحضاري. وكان للقائمين على معهد امديست الدور الأكبر بإتاحة هذه اللحظة الجميلة لنا وهو دائماً يجعلنا نخوض في أفكار جديدة !! و الخوض في مغامرات لم نكن نتخيلها وهو دور فعال وإيجابي. [c1]الأجانب والاهتمام بالحضارات العربية[/c]بينما قالت الأخت/ عبير سمير أحمد سلطان خريجة ثانوية عامة عن الرحلة البحرية: إن الأجانب مهتمون أكثر من العرب بالثقافة والحضارات العربية !! من خلال بناء مركب فينيقي من العدم !! وقد حدثنا قائد السفينة فليب بأنه سوف يقضي سنة كاملة في البحر وعن الصعوبات التي يواجهونها من خلال أيضاً استخدام الأدوات القديمة ويتفادى استخدام الأشياء والمستلزمات الحديثة برغم وجود وتجهيز السفينة ببعض الأدوات والآلات الحديثة !! مثل الكمبيوتر لقياس درجة وسرعة هبوب الرياح والمد والجزر !! وتعتبر هذه التجربة بالنسبة لي جديدة وفريدة.وتمنت عبير أن تتكرر هذه الرحلة والفرصة مرة أخرى !!. بينما الشاب / معد محفوظ ثابت شرف عامل استعلامات في معهد الامديست قال: تعتبر هذه الرحلة بالنسبة لي شيقة رغم أنني ارتدت البحر مرات عدة وصعدت على متن عدد من القوارب والزوارق ولكن تميزت هذه المغامرة بعراقة السفينة الفينيقية فقد أندهشت عندما أخبرنا القبطان فليب عن رحلته إلى عدن من سوريا التي استغرقت عاماً كاملاً وهو شيء خيالي كيف يمكن لشخص أن يعيش معظم حياته في البحر من دون أن يرى اليابسة وأن يعتاد على نمط هذه الحياة المليئة بالمغامرات والمفاجآت!!